استراتيجية الرد السوري على الهجمات الغربية: السلاح الصاروخي

syrian-rocket2

موقع إنباء الإخباري ـ
القاهرة ـ محمد منصور:
تناولنا في المقالات السابقة استراتيجية “الصد” التي قد تتبعها سوريا في امتصاص الهجمات الصاروخية الغربية المحتملة. هذه الأستراتيجية تحمل عنواناً كبيراً هو “تقليل الخسائر قدر الأمكان”. الآن ننتقل للحديث حول استراتيجية “الرد” السوري على الهجمات الغربية.
أولاً قبل الحديث حول هذه الاستراتيجية، يجب أن نعي جيداً أن قرار الرد العسكري على أي عدوان، ودرجة هذا الرد، يخضع لاعتبارات عسكرية وأخرى سياسية، وبالتالي فإن قرار الرد ودرجته يتم اتخاذهما حسب تقدير القيادة السياسية السورية وحسابها لتوازنات القوى، ونتائج الضربة الصاروخية الغربية وتأثيرها على قوة الردع السورية. ولكن فى حال تم اتخاذ قرار الرد فإن هذا القرار عسكرياً قد ينفذ بصورتين: هما الصورة الجوية والصورة البحرية.scudb-001
بالتأكيد، الهجمات الصاروخية السورية ستكون هي أساس الرد السوري على الهجمات الصاروخية أو الجوية الغربية. وستكون هذه الهجمات على مستويات:
المستوى الأول منها سيطال تركيا وقبرص والأردن، والمستوى الثاني ـ في حال تطور الهجوم ـ سيطال السعودية والأمارات وقطر والبحرين والكويت وأراضي فلسطين المحتلة واليونان.
تنقسم القوات الصاروخية في الجيش السوري إلى ثلاثة ألوية “155 – 156 – 157” في كل منها ثلاث كتائب، بجانب فوج صواريخ واحد وهو الفوج “158” .
– اللواء 155: يتمركز فى منطقة القطيفة في ريف دمشق، وهو أكبر الألوية الصاروخية السورية، وتتمركز بعض كتائبه فى مناطق استراتيجية في الناصرية وطرطوس واللاذقية ودير الزور. الصواريخ المستخدمة في هذا اللواء هي صواريخ سكود الروسية، بأنواعها “بي و سي و دي”، بجانب النسخ المطورة سوريا وهي جولان1 “تطوير سكود سي” وجولان2 “تطوير سكود دي”.
– اللواء 156: يتمركز على طريق أوتوستراد دمشق قرب منطقة “حفير”، وتتمركز بعض وحداته في مناطق في ريف دمشق، مثل جديدة عرطوز وخربة الشياب. الصواريخ المستخدمة فى هذا اللواء هى صواريخ فروج 7 روسية الصنع بجانب صواريخ “فجر3” و “فجر5” إيرانية الصنع .
– اللواء 157: يتمركز بالقرب من قرية المطلة على اوتوستراد السويداء بجانب تمركز بعض وحداته فى منطقة خربة الشياب وقرب مدينة الكسوة. الصواريخ المستخدمة في هذا اللواء هي صواريخ توشكا الروسية الصنع وصواريخ تشرين وميسلون السورية الصنع
– الفوج 158: يتمركز في السويداء ويحتوي على راجمات صواريخ قصيرة المدى.
على الرغم من ان معظم القوة الصاروخية السورية من الممكن اطلاقها من منصات إطلاق ذاتية الحركة، إلا أنه ـ  ونظراً للوضع الميداني الحالي على الأرض ـ فإن مناطق الإطلاق ستكون على الأغلب المناطق الساحلية في طرطوس واللاذقية وسأبني حساباتي على هذه الفرضية.
في ما يلي عرض مختصر لأبرز الصواريخ الموجودة في الترسانة السورية:
ـ تمتلك سوريا راجمات صاروخية محلية الصنع وإيرانية وروسية الصنع ذاتية الحركة من عيارات 220 مللم و302 مللم تتيح للجيش السوري قوة نارية صاروخية بمدى من 45 كيلومتر إلى 75 كيلومتر، يستطيع بها إصابة محطات الرادار الخاصة بمنظومة الباتريوت الموجودة على الحدود الأردنية والتركية، هذا طبعاً في حال تمركز هذه الراجمات في مناطق قريبة من الحدود في محافظتي حلب او الرقة، وهذا قد يكون صعباً قليلا لكنه ليس مستحيلاً.
بالنسبة لفئة الصواريخ قصيرة المدى، يمتلك سلاح الصواريخ السورى الأنواع التالية :
ـ فروغ “لونا 7” روسي الصنع بمدى يصل إلى 75 كيلو متر
ـ صواريخ فجر3 وفجر 5 بمدى يصل الى 45 و 75 كم
ـ صاروخ فلق: إيراني الصنع و مداه يصل الى 11 كم
ـ صواريخ توشكا روسية الصنع بمدى يتراوح بين 70 كم و120 كلم حسب النسخة المستخدمة، وهذا النوع يعتبر أهم نوع صواريخ في هذه الفئة نظراً لدقته وهامش الخطأ القليل جداً، الذي يقل عن 20 متراً بجانب رأسه المتفجر الذي يبلغ وزنه 500 كلغ.
بالنسبة لفئة الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى فهي كالتالي:

 

frog-7-DFST8304931
صواريخ سكود الروسية بنسخها الأربع وهي:
ـ سكود ايه: أول نسخة وصلت إلى سوريا، وتم إخراجها من الخدمة في مطلع التسعينيات.
ـ سكود بي: بمدى يصل إلى 300 كم
ـ سكود سي: بمدى يصل إلى 580 كم والذي قامت سوريا بتطويره تحت اسم جولان1
ـ سكود دي: بمدى يصل إلى 850 كلم والذي طوّرته سوريا أيضاً باسم جولان2
ـ صواريخ زلزال: إيرانية الصنع بنسخها الثلاث “1 – 2 –3 ” بمدى يتراوح بين 150 إلى 300 كيلو متر
ـ صواريخ شهاب: إيرانية الصنع أيضاً، وتمتلك منها سوريا نسختين هما “شهاب 1 وشهاب 2” بمدى يتراوح بين 300 إلى 500 كلم، بجانب وجود احتمالية كبيرة لوجود الصاروخ “شهاب 3” المشتق من الصاروخ الكوري الشمالي “نو دونج” ضمن تسليح الجيش السوري، بمدى يصل إلى 2000 كلم.
ـ صاروخ فاتح 110: إيراني الصنع، ومعروف أيضاً باسم “أم 600″، ويبلغ مداه حوالي 300 كلم، وصنعت منه سوريا نسختين: الأولى غير موجهة باسم “ميسلون” والأخرى موجهة باسم “تشرين”.

 

frog7-sys-001
إذاً، من التقييم السابق نستخلص أن فئة الصواريخ المتوسطة وبعيدة المدى “خصوصاً صواريخ شهاب وجولان1 وجولان2” تعطي للقيادة العسكرية في سوريا فرصة ضرب عدة أهداف نوعية نسردها في ما يلي:
الأهداف التالية هي بناء على أن قاعدة الإطلاق ستكون في اللاذقية:
ـ تركيا: تشمل خريطة الأهداف في تركيا مناطق تمركز بطاريات الباتريوت وقاعدة إنجرليك الجوية، وتبعد تقريبا 300 كم عن اللاذقية، وتحتوي على أسراب مقاتلة أمريكية، بجانب طائرات التزود بالوقود والإنذار المبكر والحرب الألكترونية، وقاعدة “ديكليا” التى تختص بالدعم اللوجيستي وتحتوي على وحدة إنذار وتنصت، ومن الممكن استهدافهما إما بصواريخ “فاتح 110” أو “شهاب 1” أو “زلزال 2”
ـ قبرص: تشمل خريطة الأهداف قاعدة أكروتيري الجوية التي تتمركز فيها أسراب القاصفات من طراز “تورنيدو”، وتبعد عن اللاذقية نحو 270 كم.
ـ اليونان: تشمل خريطة الأهداف قاعدة سودا البحرية التي تتبع للبحرية الأمريكية،  وتبعد عن ساحل اللاذقية بما يقارب 1000 كم، ويمكن استهدافها بصواريخ شهاب3.
ـ الأردن: يتمركز فى الأردن حالياً ما يقرب من 700 جندى أمريكي وسرب مقاتلات أف 16 وعدد من بطاريات الباتريوت، بجانب الوحدة 22 التابعة للبحرية الأمريكية. وبالتالي ستكون هذه المواقع أهدافاً مهمة لأي ضربة صاروخية سورية، خصوصاً وأن مناطق التمركز المحتملة لهذه القوات ـ وهي قاعدة الملك حسين الجوية في مدينة المفرق وقاعدة الأمير الحسن الجوية وقاعدة الرويشد الجوية وقاعدة وادي المربع الجوية ـ تبعد حوالى 330 كيلو متر عن اللاذقية.
ـ البحرين: يشمل بنك الأهداف مقر قيادة الأسطول الخامس الأمريكي والذي يخدم فيه ما يقرب من 5000 جندى أمريكي بجانب قاعدة الشيخ عيسى الجوية التي تتمركز فيها بصفة دائمة طائرات للتزود بالوقود وقاذفات قنابل تابعة لسلاح الجو الأمريكي. وهذه الأهداف تبعد عن اللاذقية حوالى 1700 كيلو متر يمكن تقليلها في حال تم إطلاق صواريخ شهاب 3 من جنوب سوريا.

 

syrian-rocket1

ـ السعودية: على الرغم من إنهاء الولايات المتحدة لتواجدها العسكري فى قاعدة الأمير سلطان الجوية، إلا أنها تبقى هدفاً محتملاً للصواريخ السورية في حال دخول هذه القاعدة ضمن المجهود الحربي ضد سوريا. كما أنه ما زال يتواجد حتى الآن على الأراضي السعودية حوالي 500 عسكرى وطيار ومدني (مجموعة البعثة الجوية 64 للقوات الجوية الأمريكية) ويتمركزون فى “قرية الأسكان” جنوب مدينة الرياض والتي تبعد عن اللاذقية حوالى 1500 كيلو متر.
ـ قطر: يتمركز فيها بصفة دائمة نحو 5000 عسكرى أمريكي، وتعتبر قاعدة العيديد الجوية مقر تمركز الفرقة الجوية الأمريكية 319 بما فيها المقاتلات وطائرات الأستطلاع ومخازن كبيرة للعتاد والذخيرة، وتبعد عن اللاذقية حوالي 1800 كيلو متر من الممكن تقليلها في حال تم الإطلاق من أقصى الجنوب.
ـ الكويت: تتمركز فيها فرقة المشاة الثالثة الأمريكية، ومقرها فى “معسكر الدوحة” بجانب تمركز عدد من الطيارين وأكثر من 100 مروحية هجومية ومقاتلة ثابتة الجناح في كل من “قاعدة علي السالم” و”قاعدة أحمد الجابر” الجويتين، وتمركز لعدد من القطع التابعة للبحرية الأمريكية. وتبعد هذه الأهداف حوالى 1200 كيلو عن اللاذقية
ـ الإمارات : توجد فيها قاعدة جوية للدعم اللوجيستي للقوات الأمريكية، وهي قاعدة الظفرة الجوية، بجانب قاعدتين بحريتين هما “قاعدة الفجيرة البحرية وميناء جبل علي”.
تتجاوز المسافة بين هذه الأهداف واللاذقية 2000 كيلو متر، و لكن إذا تم تعديل موقع الإطلاق ليصبح جنوب دمشق أو على الحدود مع العراق، من الممكن نظرياً استهداف هذه المواقع بصواريخ شهاب 3.

syrian-rocket3

ـ أراضي فلسطين المحتلة: عملياً تستطيع سوريا استهداف أي نقطة في أراضي فلسطين المحتلة، خصوصاً أن المسافة بين اللاذقية وإيلات في أقصى الجنوب لا تتجاوز 700كم . كما أن تعديل نقطة الإطلاق من اللاذقية إلى جنوب لبنان يجعل أقل الصواريخ السورية مدىً يصل إلى هذه الأراضي، خصوصاً وأن بنك الأهداف في هذه المنطقة كبير، حيث يشمل القواعد الجوية ومفاعل ديمونة ومدينة تل ابيب وميناء حيفا ومجمع البتروكيماويات فيه.
إذاً، سوريا بالفعل تمتلك ترسانة صاروخية معتبرة كماً ونوعاً، لكن العبرة هنا ليست بالامتلاك ولا حتى بالعدد، بل العبرة ستكون بكثافة الاستخدام والقدرة على هذا الاستخدام، فبطاريات الباتريوت في الأردن وتركيا، ومنظومات الدفاع ضد الصواريخ في اسرائيل ـ مثل القبة الحديدية ـ قد تستطيع التصدي لصليات صاروخية سورية قليلة العدد، لكن استراتيجية استخدام القوة الصاروخية السورية هي التي ستكون فارقة في هذه الحالة.

 
هذه الاستراتيجية لها 3 جوانب: الحفاظ على المخزون الصاروخي من الضربات الجوية ـ تمويه منصات الأطلاق وتوزيعها ـ الإطلاق المكثف.
بالنسبة للجانب الأول فهو واضح تماماً، حيث ان السبيل الأول لتنفيذ ضربة صاروخية ناجحة هو إدامة الحفاظ على الصواريخ في حالة عملياتية جيدة وحمايتها من الضربات الصاروخية والجوية المحتملة. ثم يأتي دور منصات الإطلاق التي يجب توزيعها فى أماكن تضمن لها الحماية والتمويه وفي الوقت نفسه تضمن لها أقرب موضع للهدف المراد ضربه.
أما عن الإستراتيجية الثالثة فهي التكثيف، حيث يجب أن تكون الضربات الصاروخية السورية مكثفة وبأعداد  كبيرة على الهدف المراد تدميره، لأن هذه الطريقة ستضمن التدمير الشامل للهدف المراد ضربه وفي الوقت نفسه تحد من فعالية الإجراءات المضادة للصواريخ التي ستتبعها القوات المدافعة عن هذا الهدف.
هذه الأستراتيجية ثبتت فعاليتها فى الضربة الصاروخية العراقية على إسرائيل، ولا بد من اتباع الاستراتيجية نفسها في الضربة السورية المحتملة لتحقيق أكبر نتائج ممكنة.

      syrian-rocket4

القوة الصاروخية السورية الدفاع الاقوى لمواجهة الغرب

syrian-rocket6

syrian-rocket7

The Syrian military perform a live ammunitions exercise in an undisclosed location in this undated handout photo distributed by Syrian News Agency

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.