الاردن وإيران.. عودة على دفء

marwan-soudah

صحيفة الديار الأردنية ـ
مروان سوداح*:
في خبر لوكالة “فارس” الإيرانية للأنباء، أن وزير الخارجية ناصر جوده، اقترح خلال وجوده في طهران، “إجراء حوار عربي إيراني على غِرار ما تقوم به الجامعة العربية من حوارات مع مختلف الدول”.
وكالة “فارس” ركّزت خلال تناولها للحدث الايراني الاردني، ولقاء جوده مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف في طهران، السبت الماضي، على أن الوزير الاردني “أعرب عن سروره لزيارته الى طهران، ووصف مشاوراته مع المسؤولين الايرانيين في الظروف الراهنة للمنطقة بأنها مهمة جداً”. وليس هذا فقط، بل أن جوده وصف إيران بما يلي: إيران دولة مهمة في المنطقة، ونحن نعتقد بأننا يمكننا تبادل الآراء والأفكار ووجهات النظر معها حول مختلف القضايا ومنها الاقليمية”. واعتبر جوده “الارهاب والتطرف بأنهما يُمثِّلان المشكلة الأساسية في المنطقة”، وبأن “هذه المشكلة لا تعرف شيعة أو سنَّة”.
“فارس” ألقت أضواء كاشفة على تصريحات وزيرنا الاردني، الذي اعتبر “الحوار حول القضايا الإقليمية من المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية للاردن”، وبأن “عدم الاستقرار والعنف والتطرّف قد مدَّت جذورها في منطقتنا منذ أعوام، ونحن نعتقد بضرورة عودة الأمن والاستقرار السياسي للمنطقة سريعاً.. ولهذا السبب فإننا بحاجة الى الوحدة والتلاحم بين جميع الدول الاسلامية، ومن المهم لنا في هذا السياق إجراء محادثات مع الاخوة الايرانيين، والتشاور معهم بشأن القضايا الاقليمية”، ولفت جوده الى “الدور الاقليمي “البارز” لإيران قائلاً، أنه من الجيد ان يكون للجامعة العربية حوار عربي إيراني، كحواراتها مع دول اخرى.
زيارة وزير الخارجية ناصر جوده الى طهران، هي الاولى بعد 8 سنوات من القطيعة من جانب واحد، عِلماً أن عمّان شهدت لقاءات مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومسؤولين إيرانيين قبل الزيارة الاخيرة لوزير الخارجية جوده الى طهران، إذ زار ظريف الاردن العام الماضي ضمن جولة له في الاقليم الاوسطي، ولم تنقطع حِراكات السفير الايراني في العاصمة الاردنية على مختلف المستويات وأولها الرسمية، خلال سنوات مطوية.
لكن، وبرغم ان زيارة جوده للعاصمة الإيرانية استمرت يوماً واحداً فقط، إلا أنها في غاية الاهمية وعُمق المعنى والدقة في التوقيت والترتيب. فجوده ذاته قد أشار الى ان زيارته الى طهران “مهمة جداً في الظروف الراهنة”. وفي اعتقادي، أن اهمية هذه الزيارة تنبع من ان السياسة الاردنية تشهد تحولاً جذرياً وحاداً بإتجاه التصدي للارهابيين والارهاب وشروره على الصعيدين الداخلي والخارجي، بعد استشهاد الطيار معاذ الكساسبة، الذي وحَّدَ استشهاده الاردنيين بوجه الارهاب وأماط اللثام نهائياً عن شروره لدى بعض المتذبذبين والمستغربين. أهمية الزيارة ليست لأن جوده التقى الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف الذي وجه الدعوة لجوده، بل كذلك لكون الزيارة قد نُظّمت في ظروف دقيقة للغاية تعيشها منطقتنا التي يستمر الارهاب الدولي بتهديدها كلها، وإيران من جانبها تبقى تفي بوعودها مهما بلغت كلفة تلك الوعود لدول المنطقة في تصديها للارهاب. وطهران تعمل على تقليص حدّة التوتر على مختلف الجبهات، وتبريد الملفات الساخنة مع مختلف الدول.
وقد سبق توجّه السيد ناصر جوده الى طهران، لقاءً له مع سفير الجمهورية الاسلامية الايرانية لدى المملكة الاردنية الهاشمية، السيد مجتبي فردوسي بور، عُقد في المطار، حيث ناقشا قضايا عديدة، منها الاجتماع العاشر للجنة الاقتصادية العليا المشتركة بين البلدين المسلمين والجارين بمعنى نفسي وتصاهري، بعد توقف طويل لعملها.
لقاءات طهران الاردنية الايرانية كانت دافئة ونظرة على سلوكيات المسؤولين الإيرانيين وجوده وابتساماتهم وما أوحت به “حركة الجسد” لديهم تؤكد ذلك، وهي تؤكد كذلك على حقيقة في غاية الأهمية، هي أن أية عوائق وعقبات لا يمكن لها أن تقف حائلاً في وجه التوجهات التعاونية الثنائية الاردنية الإيرانية وما بينهما ومختلف دول الإقليم، وهو تطور تمليه أحداثه المتلاحقة، وهو الأقليم الذي تحكمه دكتاتورية الجغرافيا قبل أي شيء آخر، عدا عن دكتاتوريات طبيعية أخرى ليست أقل أهمية، تحتّم علاقات التعاون وتعزيز القضايا المشتركة. وثاني هذه الحقائق، أن الاردن تحقّق بأنه لا مخاطر على نفسه من إيران أو حزب الله، بما يتصل بحملات التخويف العسكرية والعقيدية التي تشنّها بعض الجهات لإصطناع وتكريس شرخ عميق بين الأطراف الشقيقة و.. “الجارة” بمعاني غير جغرافية. فلو أرادت إيران أو حزب الله تشييع الاردن، وألوف من الشيعة يعيشون بيننا تاريخياً منذ مئات السنين الى جانب السُنّة والمسيحيين بمختلف طوائفهم، والشيعة الاردنيون لا يُشيّعون أحداً، لكانت الحملة بدأت أولاً في سوريا واتّسعت جنوباً بلا أية عقبات، لكن في سوريا لا يوجد عمليات تشييع، ولا في لبنان أيضاً، بشهادات مُعلنة من قيادات سنّية ومسيحية، ناهيك عن القيادات الشيعية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.