البلوك ٩ حرب مقبلة

 

موقع النشرة الإخباري ـ
سندريللا مرهج:

ثبّت وزير الدفاع الإسرائيلي ​أفيغدور ليبرمان​ بتصريحه أن بلاده تملك البلوك النفطي رقم ٩ صراحة أن ​اسرائيل​ تسرق نفط وغاز ​لبنان​ من بحرنا الجنوبي. المسألة ليست حديثة والقضية ليست فقط غازا و نفطاً. إنّها “المنطقة الإقتصادية الخالصة” للبنان غير المتوافق على حدودها دولياً. وهذا بعدُ أخطر من قضية بلوك نفطي لما قد يرتكبه العدو في هذه المنطقة، فيما لو أراد احتلالها. مثلاً، فوق المياه؛ قواعد عسكرية بحرية، إقامة جزر اصطناعية أمّا تحت المياه؛ غواصات وغطاسين ومدّ انابيب الغاز باتجاه القارة الأوروبية. ويكثر في الآونة الأخيرة التخطيط الهندسي لتشييد جسر فوق المياه يصل اسرائيل بقبرص .

ماهي المنطقة الإقتصادية الخالصة؟

طوّرت الأعراف الدولية قانون البحار الدولي، في العام ١٩٨٢ اعتمدت ​الجمعية العامة للأمم المتحدة​ “اتفاقية البحار” التي رسّخت حق الدول بمنطقة بحرية مساحتها ٢٠٠ ميل بحري (٣٧٠كلم مربع) بدءا من خط الأساس سُميت بالمنطقة الاقتصادية الخالصة. للدولة كامل السيادة عليها وعلى مواردها في الجرف القاري. تماما كسيادتها على مساحة ١٢ ميل بحري (٢٢.٢كلم مربع) اي المياه الإقليمية .بدأ نفاذ الاتفاقية في ١٦ تشرين الثاني ١٩٩٤.

المادة ٥٦ منها نصت على حقوق الدولة الساحلية في هذه المنطقة وعددتها منها مثلا استكشاف الموارد الطبيعية و استغلالها. بتاريخ ٢٢ شباط ١٩٩٤ أصدر لبنان القانون رقم ٢٩٥ الذي انضم بموجبه الى اتفاقية ​الامم المتحدة​ لقانون البحار .ولكنه لم يقم جدّياً بأي خطوة بشأن تحديد منطقته الاقتصادية الخالصة الا حتى العام ٢٠٠٧. في ١٧ كانون الثاني ٢٠٠٧ وقع لبنان اتفاقية ثنائية مع قبرص لتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة بين البلدين (تضمنت شوائب ونواقص قانونية فادحة). في ١٩ تشرين الاول ٢٠١٠ أودع لبنان الامم المتحدة احداثيات منطقته الاقتصادية الخالصة. في العام ٢٠١١ رسم ​الجيش اللبناني​ حدود هذه المنطقة معتمدا على مراجعة تقنية لاحداثيات وضعتها لجنة مشتركة لبنانية-قبرصية .هذا من الجانب اللبناني. أما اسرائيل عقدت مع قبرص اتفاقا ثنائيا لتحديد المنطقة البحرية في ١٧ كانون الاول ٢٠١٠ اي بعد ٣ سنوات من خطوة لبنان. اقتطعت من مساحة المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان ٨٦٠ كلم مربعا. في ١٢ تموز ٢٠١١ أودعت اسرائيل تحديدها ​الأمم المتحدة​. رفضها لبنان. خاطب وزير الخارجية اللبناني في العام ٢٠١١ امين عام الامم المتحدة معتبرا ان اسرائيل تعدّت على السيادة اللبنانية. صدر في ١٧ اب ٢٠١١ القانون رقم ١٦٣ عن ​مجلس النواب اللبناني​ وهو قانون تحديد واعلان المناطق البحرية للجمهورية اللبنانية. في ١ تشرين الاول ٢٠١١ صدر المرسوم وقم ٦٤٣٣ الذي حدد كامل حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية. توالت المباحثات مع قبرص التي ترفض من حيث المبدأ أن يتم قضم حقوق لبنان كما تصرّح علما ان لبنان رفض بالكامل اتفاقيتها الثنائية مع اسرائيل. لكن، من جهة اخرى ان اتفاقاتها معه الأخيرة وضعت حيّز التنفيذ وامتدت لتتناول مشاريع مد انابيب غاز مشتركة. إذاً، محلياً الوضع القانوني محسوم بشأن لبنانية حدود المنطقة التي تضم البلوك النفطي رقم ٩ .أما دوليا فالمسألة غير محسومة أبدا. إن الحل قانونا لهذه الاشكالية لا بد ان يتخذ واحداً أو أكثر من ثلاثة أوجه:

أوّلاً-قرار من الامم المتحدة بإرسال لجنة دولية مشتركة لرسم الخط الحدودي البحري. وهذا ما طلبه وزير الخارجية في العام ٢٠١١ و لم يلق صدى.

ثانيا-اللجوء الى محكمة العدل الدولية لحسم قضية حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة ومطالبة اسرائيل بالتعويض عن الاستيلاء على ٨٦٠ كلم مربع .

ثالثا-اللجوء الى ​المحكمة الدولية​ لقانون البحار ITLOSبحيث أن شروط التحكيم غير متوافرة بين لبنان واسرائيل كوننا في حالة عداء معها.

ولكن لما تقدّم من حلول استبعادات كثيرة تتمثل في عدم امتثال اسرائيل اصلا للقرارات والقوانين الدولية، ولغطرستها في عدوانها واعتداءاتها وعدم تقيدها بأي أصول قانونية دولية ما يؤكد عدم لجوئها الى المحاكم الدولية. هذا من جهة، من جهة أخرى إن لبنان لا يعترف بقيام دولة اسرائيل، وإن أي لجوء الى محاكم دولية ضدها ستستغله اسرائيل ممنوع من اعتراف وجودي لها كدولة.

في ظل الأزمة القادمة من البوابة البحرية و البلوك ٩ تحديدا إن الحرب العسكرية تلوح في الأفق. فليس عن عبث أن ينطلق اول اعتراض اسرائيلي على قرار لبنان بتلزيم هذا البلوك من وزير دفاعها. ولم يكن عبثاً أن لبنان بأكمله يعتبر تصريحه تهديدا مباشرا. ان اسرائيل تستمر بالعدوان على لبنان. وها هي تلوّح بالحرب من بوابة دفاعها عن حقوقها كما تدّعي، ولكنها تعرف تماما أنها ستكون الخاسر الأكبر. فهل رمى لبنان البلوك ٩ ومنطقته البحرية في مرمى دول الشركات الأوروبية التي مُنِحت لها التراخيص لتدخل بوابة الحل؟. المؤكّد أن البلوك ٩ حرب مقبلة ضروس أو صامتة وسيبقى معطلا الى أجل غير مسمى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.