التحريض ومسؤوليات الدولة

islamists

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

تجاوزت بعض خطب التحريض و الاستفزاز كل حد منطقي للتخاطب السياسي و هي تتوسل اشتباكا او صداما بأي ثمن لإحياء خطر الفتنة التي تسنى إخمادها منذ أعوام و خصوصا في السنتين  الأخيرتين بفضل حكمة و صبر المقاومة المعتدى عليها لكن المشكلة الفعلية هي سلبية السلطة الإجرائية و قعودها عن أي تدبير او قرار يلجم دعاة الفتنة و الدم الذين ينشرون استفزازهم في كل مكان من البلاد .

اولا ظهركلام سياسي خطير في خطب عدد من رجال الدين و النواب و المتحدثين السياسيين الذين تكلموا بلغة الفتنة  و تطاولوا على المقاومة و تنكروا لدورها في الدفاع عن الوطن و بعض هؤلاء خرجوا على الناس مدججين بالسلاح و حولهم عناصر ميليشياتهم و هي حالة عنفية ظهرت مجددا تحت عباءة تيار المستقبل و بتمويل اجتمعت عليه جهود كل من السعودية و قطر و الإمارات و بعض الجماعات الكويتية الذين اشتغلوا منذ بداية الأحداث في سورية لجعل لبنان منصة للعدوان على سورية و حاضنة لعصابات الإرهاب السورية و متعددة الجنسيات التي حشدت إلى سورية و ليس خافيا عن الإعلام اللبناني واقع ان تلك الحكومات و الجماعات الخليجية هي التي مولت بعض رموز المستقبل و شيوخ التطرف و وفروا لهم السلاح و المال و قد تناوبت مفردات هذا الحشد بدءا من الشيخ سعد الحريري إلى شيوخ التحريض و الشتيمة السياسية على استهداف المقاومة و رموزها و محاولة إشعال صدامات مذهبية في البلاد منيت بالفشل بفعل السوك الحريص   الذي اتبعته قيادتا حركة امل و حزب الله و بما اظهره جمهورهما من الانضباط و بفضل دور مباشر لعبته قوى وقيادات وطنية فاعلة في الطائفة السنية.

ثانيا ترتبط موجة التصعيد و الحشد بمحاولة مكشوفة لنقل المعارك و الاشتباكات عبر الحدود السورية سعيا وراء مشروع المنصة من جديد و لإثارة بلبلة داخل البلاد تخدم الغاية السياسية الحريرية المتمثلة بنسف الاستحقاق الانتخابي الذي تبين في مسار النقاش النيابي حول قانون الانتخاب انه سيقود إلى معادلات و توازنات جديدة لا تواتي الحساب المستقبلي بعدما انطلقت النقاشات من تفكك تحالف 14 آذار و خسارة المستقبل لشريكيه و تماسك التحالف في الصف المقابل الذي قدم صورة في التضامن عبر تراصف الحلفاء خلف العماد ميشال عون وصولا إلى التصويت في اللجان النيابية المشتركة.

ليس من الفراغ ان تندلع في هذا التوقيت أي بعد جريمة عرسال ، خطب التحريض و معها التحضير لتفجير الوضع الأمني في البقاع و الشمال و في عاصمة الجنوب و لا أن يكون استهداف الوزير فيصل كرامي احد أبرز مفاصل المخطط التخريبي في طرابلس و هو رمز التيار الوطني و العروبي العريق المتمسك بثوابته و مبادئه الوطنية و القومية.

ثالثا على الرغم من المخاطر الشديدة على الأمن الوطني اللبناني و على الرغم من كون التطاول التحريضي سافرا و مفضوحا تعتمد السلطات اللبنانية سلوكا يقوم على معالجة التهديدات بمسايرة الخارجين على القانون و إحاطة المفترين و المحرضين بدلال عجيب يتولاه اكثر من مسؤول بينما تطفح عبر وسائل الإعلام مظاهر ما تحظى به الميليشيات التابعة للمستقبل و الجماعات اللبنانية و السورية المتطرفة و الإرهابية من حماية و دعم عبر جهات امنية رسمية و تحت مظلة السلطة السياسية و هي تعمل بتبعيتها السياسية للحريرية على حساب منطق القانون و المؤسسات.

الذي يحرض و يشتم و يستفز و يدعو لحمل السلاح و يهاجم الجيش اللبناني يروج لمشروع حرب اهلية في البلاد و من واجبات القضاء و الأمن التحرك فورا لمعاقبته و لحماية السلم الأهلي لكن و بكل أسف ما يزال سلوك السلطات المعنية تحت مستوى الحد الأدنى المطلوب بداهة و هو ملزم لكل من يتنطح للمسؤولية العامة فلا يجوز ان يلقى عبء معالجة هجوم السفهاء و تحريض المتآمرين على من يقع عليهم الافتراء و الظلم بينما الجهات المسؤولة في الدولة تقف متفرجة و تشجع بسلوكها السلبي مرتكبي جرم تفجير الأوضاع العامة في البلاد .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.