التحكم غير المباشر: الإستراتيجية الأمريكية في توجيه الحركات التكفيرية

obama-natanyaho-islamists

هادي قبيسي:

السؤال المركزي : ما هي طبيعة العلاقة بين الحركات “الجهادية” والغرب ؟ هل هذه القوى هي قوى عميلة ؟ هل هي أداة ؟ أم هي عميلة بالشكل الموضوعي والسياقي، وتحتفظ بأجندتها الخاصة؟ هل تتحكم الولايات المتحدة وحلفاؤها بالحركات التكفيرية بشكل مباشر ؟ أو بشكل جزئي وغير مباشر ؟

السياسات الأساسية :
–    الإتاحة : تحديد نطاق جغرافي مناسب للنشاط القتالي للجماعات التكفيرية، لا يشكل تهديداً وقد يشكل مصلحة استراتيجية.

o    فتح المجال الجغرافي : إضعاف السيطرة في المنطقة المستهدفة من خلال (قلاقل، تسوية سياسية، انقلاب شعبي..)
o    فتح الطرق اللوجستية : فتح الطرق البرية والجوية والبحرية، وتقديم التأشيرات اللازمة وحتى وسائل النقل للوصول إلى المنطقة المستهدفة.
o    السماح بالتمويل والتسليح : إعطاء الضوء الأخضر للقوى الحليفة الراغبة بدعم الجماعات التكفيرية تمويلاً وتسليحاً، بشكل مباشر أو غير مباشر (من خلال الجمعيات وتجار السلاح).
o    الترانسفير : تصدير التكفيريين من قبل الدول المتضررة من وجودهم أو الراغبة في استثمارهم.
o    فتح المجال للمبلغين : السماح للمبلغين التكفيريين بممارسة نشاطهم في المراكز الدينية في مناطق الترانسفير، وكذلك إعطائهم مجالاً في الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة.

–    التوجيه : توجيه الأولوية الإستراتيجية للجماعات التكفيرية نحو الحراك في ساحة محددة أو استهداف عدو محدد.

o    تحديد العدو المفضل : الإضاءة على القيادات والحركات التكفيرية المناسبة من خلال إدراجها على لوائح الإرهاب، وتسليط الضوء الإعلامي، ويتم اختيارها بحيث يؤدي تصدرها للمشهد السياسي إلى مكتسبات سياسية محلية ودولية.
o    تصفية القيادات : استهداف القيادات التكفيرية التي تشكل خطراً على الأمن الوطني الأمريكي أو الغربي، أو تلك التي يشكل نفوذها المحلي تأثيراً سلبياً على عملية التوجيه والإستثمار.
o    الإعلام العربي والدولي : ضخ المعاني والمفاهيم العلمانية والإسلامية التي تحرض الجماعات التكفيرية وتجعلها في حالة تحفز للإنتقال إلى المنطقة المستهدفة وقتال الجهة التي تختارها أمريكا.
o    علماء الدين السعوديين : تقوم المؤسسة الدينية السعودية بدور مركزي من خلال الفتاوى التي تعلن الجهاد في المنطقة المستهدفة.
o    الإختراق الأمني : التجنيد، إرسال الغربيين المتأسلمين، دور المخابرات العربية، الإستفادة من السجون، استقطاب البيئة الحاضنة المستاءة من سلوك التكفيريين
o    إدارة النزاعات : إدارة الأزمة في المنطقة المستهدفة لتحقيق الغرض الجغرافي والمحافظة على القوة التكفيرية قابلة للتوجيه والتوظيف في آن.
o    خلق بيئة نزاعية مناسبة : ايجاد مناخ قتالي وصراعي يضع أهل السنة في صورة المستهدف والمظلوم والمعتدى عليه.
o    شرذمة الجماعات التكفيرية : من خلال الأدوات المتنوعة التي تمتلكها تقوم بخلق صراعات وتعددية في الأهداف والأولويات ونزاعات ميدانية تكتيكية، لمنع تشكل قوة موحدة.
o    التنظير الإستراتيجي : تقديم أوراق استراتيجية شاملة تصور مصلحة المشروع التكفيري ضمن النطاق الجغرافي المنشود.
–    الضبط : منع الجماعات التكفيرية من تخطيط خطوط حمر استراتيجية أو ميدانية بالقوة أو من خلال التحكم بمواردها.

o    التصفية المباشرة : القيام بعمليات جبهوية مباشرة لضرب الجيوب الحساسة للقوى التكفيرية أو التي تشكل تهديداً.
o    سقف التمويل والتسليح : ممارسة رقابة على تدفق المال والسلح : في الكم، والنوع، والتوقيت، والمحافظة على حدود لا تسمح بتحول التكفيريين إلى تهديد، فيما تتيح لهم القيام بالعمل المفيد للولايات المتحدة.
o    الضبط الجغرافي : عند الحاجة تقوم القوات الأمريكية أو الحليفة باستهداف ناري أو ميداني للنقاط التي يعد تواجد التكفيريين فيها تهديداً حالياً أو مستقبلياً.
o    الإتاحة لجغرافيا بديلة : في حال تضخم الجماعات التكفيرية أو صعوبة توجيهها وادارة نشاطها، يتم تحضير ميدان جديد لتفريغ مخزون الزخم النفسي والعسكري فيه.
o    التوجيه الإعلامي : تفيد عمليات التحريض الإعلامي في الحفاظ على زخم التوجه القتالي والسياسي نحو الهدف المرغوب والمحدد مسبقاً.

لماذا إعتمدت هذه السياسة ؟
–    الخلفيات الأمريكية
o    ضعف الجيش والتمويل وتنامي قوة الأعداء في المنطقة والحاجة لجيوش بديلة للقيام بمهام استراتيجية أو تكتيكية
o    صعوبة المواجهة المباشرة مع العصابات التكفيرية والحاجة لدرء الخطر الإرهابي عن أراضي الدول الغربية
o    الحاجة لمبررات التواجد الميداني المحدود أو المؤقت
o    الحاجة لعقد اتفاقيات (أمنية، اقتصادية، سياسية) بعيدة المدى مع دول المنطقة أو تجديدها
–    خلفية الحلفاء الإقليميين
o    الحاجة لتنفيس الضغط الداخلي الذي تشكله الحركات التكفيرية
o    الحاجة لحل المشكلات الفقهية في التعامل مع الإسلاميين
o    الحاجة للتخلص من الإرهابيين ودفعهم إلى مناطق قتل وكمائن استراتيجية
–    وضعية الجماعات التكفيرية :
o    القابليات :
    طبيعة الحركات التكفيرية وعدائيتها للجميع وسهولة توجيهها في أي اتجاه
    قابلية الحركات التكفيرية للسيطرة والتوجيه
    التشرذم الفكري والقيادي
    ضعف الوقاية الأمنية وسهولة الإختراق
    فقدانها للتمويل من قبل دولة اسلامية مستقلة
o    الضرورات بالنسبة للأمريكي :
    حاجة الحركات التكفيرية للمساحة الجغرافية الناشطة
    الإندفاع التكفيري نحو التوسع في المدى الإسلامي الأممي
    الإنتشار الإسلامي الواسع عالمياً كحاضنة للجهاديين

التقييم العام للإستراتيجية :
التجارب الرئيسية : أفغانستان، العراق، سوريا
الغاية الرئيسية لهذه الإستراتيجية : تحويل التهديد الذي تمثله الحركات الإسلامية المتطرفة إلى فرصة بالقدر الممكن، واستثمار طبيعتها الدموية والتدميرية في سياق المشاريع والاستراتيجيات الأمريكية.

نجحت هذه الإستراتيجية في أفغانستان بشكل كبير وكذلك في العراق وفي سوريا والآن تجربة “الدولة الإسلامية” ماثلة أمامنا ننتظر مآلاتها وسياقاتها الإستراتيجية.
في المدى البعيد نجحت هذه الاستراتيجية في تحويل المجهود القتالي والحربي للحركات التكفيرية بعيداً عن الإستهداف المباشر للغرب. في مرحلة أفغانستان كان العدو هو الإتحاد السوفياتي، وفي المرحلة التي تلتها بدأ استهداف المصالح الأمريكية في المنطقة والعالم وصولاً إلى الحادي عشر من أيلول. نجحت عملية التوجيه والتحكم  غير المباشر في العراق في جعل المصالح الأمريكية أولوية ثانوية للحركات التكفيرية مقابل أولوية استهداف القوى المحلية الأخرى، أما في سوريا فقد أصبحت المصالح الأمريكية في منأى كامل عن الإستهداف التكفيري، وصولاً إلى تجربة داعش التي ألغت من قاموسها تقريبا استهداف المصالح الأمريكية، حيث أصبح الهم الرئيسي منصباً في الناحية الجغرافية اقامة وتوسيع الدولة والحفظ على اراضيها.

Related Concepts :
•    Foreign internal defense
•    مساعدة الدول التي تعاني من حالات التمرد، الإرهاب، المخدرات، العدوان. أي بمثابة شراء حصص في هذه الدول مقابل حمايتها، واستغلال أوقات ضعفها وانقسامها، مثلما حصل في مشروع مارشال
•    Democracy
•    فتح المجال للقوى الكامنة والمكونات المتنوعة داخل المجتمعات التعددية للحراك والاحتكاك بالبيئة المحيطة، لخلق مساحة ضعيفة السيطرة والإستقرار وقابلة لإعادة الموضعة جغرافياً وديموغرافياً أو خلق فراغ يسمح بالتدخل الأجنبي
•    Counterterrorism
•    السياسة الرسمية لمواجهة الإرهاب، والتي تشكل الحاضنة الظاهرية للاستراتيجية الحقيقية، التي من دونها لا يمكن درء خطر التطرف المنتشر في كل انحاء العالم.
•    Preferable Enemy
•    مفهوم يتعلق باختيار العدو التكفيري المفضل (جماعة، قيادي، تيار) بحيث يمكن استغلاله وتوجيهه بسهولة بشكل غير مباشر، أو يمكن مواجهته عند اللزوم من خلال اغراقه في أزمات متواصلة مع البيئة المحيطة .
•    Dividing Enemies
•    مفهوم بسيط وقديم قدم الإستعمار، وهو أساسي في إضعاف العدو، من خلال تقسيمه وشرذمة قواه، إما من خلال تشتيت أولوياته واستراتيجياته، وإما من خلال خلق وإدارة نزاعات داخلية ضمن صفوفه.

 

* الورقة منشورة بالتعاون مع موقع مجموعة الخدمات البحثية http://www.rsgleb.org

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.