الجهود من أجل إنقاذ اليرموك وأهله من خاطفيه

yarmouk-camp3

صحيفة البناء اللبنانية ـ        
رامز مصطفى:
يتصدر الوضع المأسوي في مخيم اليرموك المشهد العام للمخيمات الفلسطينية في سورية. ليس من حق أحد أن يناقش حالة المخيم إلا عبر هذا التوصيف وبالتالي ليس هناك اثنين يختلفان حول ما ألت إليه أوضاع هذا المخيم عاصمة العمل الوطني الفلسطيني والشاهد على ولادة الثورة الفلسطينية المعاصرة منذ ما قبل العام 1965. إن قصص المعاناة والألم والجوع والموت لا يمكن اختصارها ببعض الكلمات أو المقالات لأن حجم ما يعانيه من تبقى من الأهالي في المخيم أكبر بكثير عن الوصف والتوصيف.
ومع تفاقم الوضع المأسوي في المخيم بدأت ترتفع الأصوات من أجل نجدة ومساعدة من يعانون داخله من مدنيين لا ذنب لهم في ما تعرض له المخيم من استباحة وخطف وجعله رهينة بيد من هم من خارج نسيجه الوطني والاجتماعي. هذه الأصوات التي يزداد علو صوتها كلما ازداد الوضع سوءاً داخل المخيم وسقط أحدهم شهيد الجوع والمرض بدل أن يكون شهيداً في المكان الطبيعي في مواجهة العدو «الإسرائيلي».
ومن يتابع عبر وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي لوجد أن الاهتمام وصل إلى حد المتابعة اللصيقة لأوضاع أهلنا في المخيم وهذا محط إعجاب وتقدير وثناء. لأن إظهار وإبراز هذه المعاناة التي تفوق الوصف والتوصيف من شأنه حث كل المعنيين في الإسراع من أجل إيجاد الحلول لهؤلاء الذين يقفون صفاً واحداً في انتظار أجلهم المحتّم جوعاً أو مرضاً. إضافة إلى ذلك اتّساع رقعة الاعتصامات والاحتجاجات والوقفات التضامنية من أجل رفع الصوت عالياً لإنهاء معاناة الأهل هناك داخل المخيم .
ولكن في ذات الوقت هناك من ينطلق من حرقته وحرصه ومسؤوليته ووطنيته وهم كثر على ما يقاسيه الناس من ألم المرض والجوع والموت. وهناك من وجد في هذه الأمور الضالة المنشودة ليسدد الفواتير لخصومه السياسيين. وهناك من رأى في المأساة منصة لكيل الاتهامات من دون أن يكلف نفسه عناء التدقيق في صحتها من عدمه. وهناك من جاءته مصيبة الآخرين ليجدف فيها نحو الكيدية والثأرية. وهناك من خصص البرامج والندوات والاعتصامات والمقالات والمقابلات ليرد الصاع صاعين لمن اعتبرهم أعداء الكار إذا صح التعبير. وهناك من يعمل على تسجيل أعداد من سقطوا في المخيم وأسمائهم. وهناك من يفبرك ليضفي على منطقه الصدقية. وهؤلاء من خارج من كان دافعه الحرقة والحرص والمسؤولية والوطنية هم القلائل ولكن تحسبهم عديداً لما يمتلكونه من إمكانيات ووسائل.
حتى صباح الثالث عشر من الحالي أي قبل يوم من كتابة المقالة كنت لا أود أن أكتب شيئاً عن موضوع المخيم. وذلك اليوم هو تاريخ تحرك قافلة الإغاثة التي حملتها سيارات «الاونروا» والتي بذل الكثيرون الجهود لإقناع إدارة هذه المنظمة الدولية بتولي نقل مواد الإغاثة من طعام ودواء ولوازم ضرورية للأهل داخل المخيم.
وإدارة «الاونروا» كانت قد رفضت في البداية تولي هذه المهمة وبناءاً على توصية من مكتب الأمن والسلامة في الوكالة. وافتراضاً قد تكون من أسباب الإحجام عن الكتابة هو الصورة المشوشة والضبابية من مكان وهذا حال الكثيرين من الناس. ولكن من مساء ذاك اليوم لم يعد للتشويش والضبابية من مكان. حيث أصبحت الصورة نقية من كل شائبة ومن يمنع إغاثة أهلنا هم ذاتهم من جعلوا المخيم ومن تبقى من أهله فلسطينيين وسوريين طائرة مخطوفة.
وهذا تحميل المسؤولية المباشرة والوحيدة لهذه المجموعات متقاطعاً بين ما جاء في بيان اللجنة الشعبية لمخيم اليرموك وما جاء في المؤتمر الصحافي لوزير العمل في حكومة السلطة الفلسطينية الدكتور أحمد مجدلاني حيث وضعت النقاط على حروف المجموعات المسلحة وممارساتها اللاانسانية.
وعليه يجب أن يبادر الجميع من فصائل وقوى ونخب وهيئات ومنظمات ومؤسسات وجمهور فلسطيني إلى توحيد الجهود باتجاهين الأول وهو توسيع مساحة التحركات على عناوينها وكل عبر طبيعة عمله ومهامه. والثاني تحميل المسؤولية لهذه الجهات التي تختطف المخيم وأهله إلى صالح أجندات بعيدة كل البعد عن السياق الوطني لقضية الشعبين الفلسطيني والسوري على حدٍ سواء. وبالتالي الالتفاف حول نص المبادرة التي وقعتها الفصائل واللجنة الشعبية للمخيم وحتى المجموعات المسلحة. من أجل تطبيقها وعودة آمنة لأهلنا إلى مخيم اليرموك الخالي عندها من السلاح والمسلحين.
ومن باب قول الحقيقة فإن الفصائل واللجان وحتى الدولة السورية وكل المعنيين بالأمر قد قدموا كل ما هو متوجب عليهم مع إقرارنا أن ذلك غير كافٍ. وبأن عليهم تقديم كل ما من شأنه تسهيل عودة الأهالي وتحقيق أمنهم وأمانهم. والآن الكرة في ملعب هؤلاء الخاطفين الذين قدمت لهم الضمانات اللازمة من أجل تسوية أوضاعهم من قبل الأمين العام المساعد في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة طلال ناجي عندما التقى بهم قبل ما يزيد عن الشهر في أحد مناطق مخيم اليرموك. ولكنهم نكثوا بالوعود والعهود. فماذا بعد؟.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.