الحرب العالمية الثالثة… احذروا المساس بالأمن النووي

جريدة البناء اللبنانية-

د. علي عباس حمية:

بعد أن قام الرئيس فلاديمير بوتين بعملية عسكرية استباقية عما كان يخطط الغرب لجرّه إليها في أوكرانيا، وبادر محدّداً الأهداف مستخدماً الأسلحة التقليدية مع سلاح الضغط الجيوسياسي والاقتصادي المضادّ وإثبات أنه القطب الأقوى عالمياً حالياً، لا يزال الغرب يحاول الرقص معه على حافة الحرب الكبرى التي إنْ حصلت لا تبقي ولا تذرّ، ولكن الكلّ يريد أن يخضع الآخر بمخاض عسير لإثبات الوجود الأقوى.

الى الآن الروس هم من انتصر في تلك العملية العسكرية، وقد حصلوا تقريباً على ما يريدونه بوضع اليد على هلال من الأراضي من جنوب بلاروسيا الى الدونباس مروراً بشبه جزيرة القرم ولربما وصولاً الى أراضي ترانسنيستريا، ولا حاجة لهم بمدينة كييف، وبالتالي، تكون روسيا سدّت معظم النوافذ البحرية على أوكرانيا.

الصراع الآن هو على من سيبقى في القمة؟ ومن سيهبط الى درجة أدنى؟ وبالتالي من هو اللاعب القديم الجديد الذي سيكون له الرأي مناصفة مع الغرب؟

لقد تمّ فرض عقوبات على روسيا منذ العام ٢٠٠٨ وأميركا لا تزال تعامل روسيا على نفس النحو، ولم تأخذ بالحسبان أنّ العالم قد تبدّل وانّ روسيا حالياً تتفوّق عليها عسكرياً في جوانب كثيرة ومنها بالحرب اللاتماثلية من ناحية القوى الصاروخية والنووية.

وبعد تجربة فرض العقوبات المالية والاقتصادية والسويفت، وجدت روسيا والصين البديل عبر CIPS ومثيلاته، وبالحصار الغذائي أثبتت التجارب انّ أوروبا هي من تجوع وليس روسيا، وبالأسلحة التقليدية حالياً فإنه لا مقارنة بين التفوّق الروسي والأسلحة الغربية على الارض.

أما الآن فالخطر يزداد مع سيطرة روسيا على مصنع ازوفستال للتعدين ووجود كمّ كبير من أسرار عسكرية ومركز للقيادة والسيطرة لحلف الناتو وبعض التسريبات تقول إنه يوجد عدد من الضباط الأميركيين.

هنا مفترق الطرق… إما الجلوس الى طاولة المفاوضات والتسوية العالمية تكون من ضمنها روسيا، أميركا وأوروبا ضمناً الناتو، والصين والهند ولربما إيران أيضاً، وتكون تسوية دولية لعالم جديد وفق قواعد إدارة اشتباك وتقاسم أدوار جديدة، وهذا لربما شبه مستحيل ولكنه ممكن وهو الأنجع لكنه يحتاج الى الكثير من الوقت. وعدم وجود تسويات يعني المصيبة الكبرى، ونكون فعلاً قد اقتربنا من الحرب الكبرى عبر المساس بالأمن النووي، حيث تكون باكستان إحدى أولى الضحايا.

لكن الوضع يتجه نحو الأخطر في الحرب الدائرة في أوكرانيا وهو توسع التدخلات الغربية، الذي سيأخذنا الى تفعيل الحرب السيبرانية التي تؤدّي الى… إما حرب إخماد عمل الأسلحة النووية في مهدها عبر الولوج اليها دون قدرة التحكم بها، ويكون هناك «رابح رابح» دون قتال، او ان يتمّ اختراق وفكّ شيفرات الإطلاق او التفجير ومن ثم تفعيلها بالسيطرة عليها والتحكم بها لدرجة يمكن تفجيرها قبل انطلاقها، إنْ كان من قبل روسيا او من قبل أميركا، ويكون العالم كله «خاسر خاسر»، وبعدها سيتغيّر وجه الأرض!

لذا، ومن ضمن ما يتوجب على الدول في العالم أخذ العبر والانتباه من برنامج بيغاسوس «الإسرائيلي» وما تسعى الدولة الصهيونية إليه من خلاله والاختراقات التي تمّت ودورها في التفريق بين الدول وبث نار الفتن وخاصة في أوروبا حالياً…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.