السعودية وإسرائيل.. وورقة التوت

jaafar-sleem-saudi-israel

موقع إنباء الإخباري ـ
جعفر سليم*:
قصة ورقة التوت حسب المتعارف عليه بين مختلف أجناس البشر، هي الورقة التي ستر بها النبي آدم وزوجته حواء عورتيهما بعد أن ظهرتا على إثر المعصية المعروفة.
وشاع هذا المصطلح بين الناس من وقتها إلى زمننا الحاضر، ويُستخدم من قبل السياسيين أكثر من غيرهم، حيث يقال “سقطت ورقة التوت”، وهذا يعني أن أكثر شيء حساس في قضية ما ولا يجب أن يراه الناس قد كشف بسقوط الورقة، لأنها كانت تغطيه.

وكذلك في  الإعلام، عند الحديث عن حدث ما بالصوت والصورة، يبدأ المحرر تقريره بتصريح لمسؤول سياسي يقول فيه إن ورقة التوت سقطت عن “….”،  ويدخل بالتفاصيل.
وهذا ما حصل معنا أثناء العدوان على لبنان العام 2006 وعلى غزه العام 2008 الذي لا يزال مستمراً، حيث استعملنا هذا المصطلح كثيراً في إشارة إلى التواطؤ العربي مع الكيان الصهيوني من خلال الصمت المطبق عن الاعتداءات وقتل المدنيين وهدم المنازل على قاطنيها، لا بل في بعض المرات تم تحميل مسؤولية الحرب إلى فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية وأطلق عليهم صفات المقامرين والمغامرين .

اليوم أوراق شجرة التوت سقطت مجدداً دفعة واحدة، بعد ما كشفته صحيفة بلومبرغ الأميركية بالصوت والصورة لمشاركة العميد المتقاعد ومستشار رئيس جهاز الاستخبارات السعودية السابق أنور عشقي في ندوه مغلقة استضافها مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن مع مندوب الكيان الصهيوني السابق لدى الامم المتحدة دوري غولد، وأحد اكبر مستشاري رئيس حكومة العدو بنيامين نتن ياهو وبتشجيع ومباركة أميركية مباشرة. نعم بالصوت والصورة وعرض على كافة محطات العالم التلفزيونية كحدث مهم له دلالاته السياسية والأمنية في منطقة الشرق الاوسط، وشاهد الناس مدى الحميمية بين الرجلين والقبلات ووضع اليد باليد والجلوس معاً لإلقاء المداخلات، ما يؤشر إلى أن التسريبات في العام الماضي عن لقاءات سعودية – صهيونية في الهند وإيطاليا والتشيك كانت صحيحة، وحضرها عشقي نفسه، ما يعزز نظرية التكليف الرسمي لهذه المهمة، إضافة إلى لقاءات علنية سابقة مع الصهاينة شارك فيها السعودي تركي الفيصل رئيس الاستخبارت الأسبق، وآخرها كان مع وزيرة القضاء تسيبي ليفني.
ولا ننسى التصريح الشهير للوليد بن طلال الذي قال فيه “السنّة سيؤيدون ضرب إيران لأنهم يعارضون الشيعة”، وكأنه المتحدث الرسمي باسم أهل السنة والجماعة تقول الصحيفة إن الحديث في الندوة دار عن العدو المشترك وهو إيران، وخطرها على النظام السعودي والنظام الصهيوني وسبل المواجهة والتنسيق المشترك لمحاصرة إيران التي تصدر الإرهاب. ونقلت الصحيفة أن غولد تفاجأ بطرح عشقي الذي “بالغ” كما قالت، وطالب بالقضاء على النظام في ايران، مطالباً بتكثيف العمل المشترك للوصول إلى هذه الأهداف، ومطالباً أيضاً الكيان الصهيوني الاعتراف بمبادرة الملك  عبدالله التي أطلقت أثناء انعقاد القمة العربية العام 2002  في بيروت.

ولمواجهة كشف حقيقة اللقاءات والاجتماعات مع العدو الصهيوني، كانت السعودية، في كل مرة تلجأ إلى العصبيات القبلية والمذهبية وتقوم بدعم النزاعات والحروب والتحريض، من أفغانستان إلى فلسطين ولبنان، وصولاً إلى سوريا مؤخراً، وتقوم بتبذير أموال العرب والمسلمين ليتقاتلوا فيما بينهم وتثبت حاكماً هنا على مقعده الرئاسي أو تستقبل مخلوعاً هناك عن الرئاسة، كما حصل مع الدكتاتور التونسي زين العابدين بن علي، وتصرف المليارات لـ “إنشاء ديمقراطية في سوريا”! لتخلع رئيساً منتخباً من شعبه.

لقد فتحت السعودية مئات مراكز التطوع للشباب العرب وغيرهم الراغبين بالذهاب إلى افغانستان لمحاربة “العدو” السوفياتي الشيوعي وتكفلت بجميع المصاريف، بينما لم نرَ مركزاً واحداً للتطوع والدفاع عن أهل السنة والجماعة في فلسطين، كما يحصل الآن من دعم بالأسلحة والصواريخ لما يسمى الثوار في العراق وسوريا، أو أي عمل ميداني عسكري أو أمني ضد العدو الصهيوني منذ تأسيسه، ولو من بعيد، بالرغم من كل أنواع الاستغاثات التي أُطلقت.

في الختام، هناك مفاوضات إيرانية مع الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، أفقدت البعض صوابهم، وكثُر يقولون إن خواتيمها ستكون سعيدة، وسيُوقّع الاتفاق شاء من شاء وأبى من أبى، لاسباب كثيرة أهمها المصالح السياسية والتجارية وغيرها، ولهذا يبدو أن  المتضررَين التقيا على فعل أي شيء للتشويش أو التعطيل، وأيضا إنهاء القضية الأساس وهي قضية اللاجئين الفلسطينيين. وأعتقد أن من يسأل السعودي عن لقائه بالصهيوني، سيجيبه أن الإيراني التقى بالشيطان الأكبر أميركا، وأنا التقيت بالطفل المدلل للأميركي لطلب الحماية التي لم أنتزعها من الرئيس باراك أوباما في القمة الأخيرة لمواجهة العدو الأول ايران.

وهكذا يكون قد طبق المثل القائل: نكاية بالطهارة …!!

* عضو اتحاد كتاب وصحافيي فلسطين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.