السيد وانفجار بئر العبد

jaafar-sleem-sayed

موقع إنباء الإخباري ـ
جعفر سليم*:

بعد الغزو الصهيوني للبنان عام 1982 دخل العالم العربي عامة وفلسطين ولبنان خاصة مرحلة جديدة سماها البعض مرحلة العصر الاسرائيلي محاولا فرض اتفاقية ” سلام ” على لبنان تحت ظلال الحراب والبنادق والدبابات الاميركية الصنع فارضا تشكيل وفد لبناني مصغر للاجتماع به في خلدة لفرض شروطه واهم نتائجها سلخ لبنان عن عالمه العربي وترسيخ الحالة الشاذة التي كانت قائمة على جزء من الجنوب اللبناني المحتل في عام 1978 و فتح بوابة حدودية سميت “الجدار الطيب ” لتبادل البضائع واعطاء تصاريح للبنانيين و الفلسطينيين الراغبين بزيارة فلسطين المحتلة.

في ذات الوقت كان هناك من يجهز لانطلاق عصر اخر هو عصر العمليات الفدائية لإفشال مخططات العدو العسكرية منها و السياسية والامنية والإقتصادية وبدات عمليات المقاومة الوطنية و الاسلامية تتزايد يوما بعد يوم من بيروت العاصمة الى كل لبنان وخاصة المناطق المحررة التي كانت دائما الخزان البشري للمقاومة الفلسطينية واللبنانية من الشمال والبقاع لما يتمتع اهلها من مزايا الإقدام والشجاعة والشهامة و نصرة المحروم والمظلوم من ارضه و في ارضه.

ما بين عام 1982 و عام التحرير الاول عام 1985 كان هناك اصوات تصدح في دعم المقاومة ومدها بالدعم المعنوي والمادي و السياسي ومن هذه الاصوات كان صوت السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله ولذلك كان هناك من يعمل سرا لإسكات صوته بعد الاعتصام الشهير في مسجد الامام الرضا في 17/5/1983 وكان السيد فضل الله احد ابرز المشاركين فيه .

استمرت المكائد صنيعة الحقد على جميع الداعمين لشتى انواع العمل المقاوم في فلسطين ولبنان وولدت الافكار الخبيثة اعداد مشروع عملية حيكت خيوطها جيدا في الولايات المتحدة الميركية بين المخابرات المركزية الاميركية والسعودي بندر بن سلطان وشارك فيها عدة اشخاص لبنانيون ونسوا تماما ان للمسجد و المصلين رب يحميهم و كان تنفيذ الجريمة بعد ظهر يوم الجمعة في 8 آذار من عام 1985 ارتفع فيها اكثر من ثمانين شهيدا و 240 جريحا معظمهم من النساء ومرد ذلك ان فترة ما بعد صلاة الجمعة كانت مخصصة لهن للاجابة على الاسئلة والاستفتاءات حول المراة في الفقه الاسلامي .

ما بين المنزل المتواضع للسيد فضل الله والمسجد حوالي 500 متر في خط متوازي وقد تحولت بفعل الانفجار الضخم الى ركام لم يسلم منه البشر والشجر والحجر من شدة عصف الانفجار الذي ترددت اصداؤه في الضاحية الجنوبية والعاصمة بيروت وبدأ المحبون بالتقاطر الى منطقة بئر العبد من كل حدب و صوب للاطمئنان على السيد والاقارب والجيران وفي لحظة عجز الكثيرون عن وصفها بدقة خرج السيد فضل الله مطمئِنا ومطمئناً عن احبائه و جيرانه واقاربه وعلت الاصوات بالتكبير والحمد وتحولت منطقة الإنفجار الى مظاهر مؤيدة لنهج المقاومة وسيد الداعمين لها.

منذ بداية الثمانينات كنت محافظا على صلاة الجمعة بامامة السيد فضل الله وبعد التعرف على الشيخ ماهر حمود عضو تجمع العلماء المسلمين سابقا ورئيس اتحاد علماء المقاومة حاليا انقسم حضوري   لصلاة الجمعة بين مسجد الامام الرضا و مسجد الحوري في الجامعة العربية وبعد سماع خبر وقوع الانفجار توجهت مع الشيخ حمود الى منزل السيد فضل الله وكان اللقاء الشخصي الاول ما زاد احترامي و اعجابي بشخصه الكريم لما رأيت من قوة وصلابة في الموقف بعد محاولة الاغتيال مباشرة وهي للمناسبة ليست الاولى وفي طريق العودة سمعت من الشيخ حمود موقفا قال فيه “لقد ازداد يقيني بالنصر على العدو الصهيوني ومن معه بفعل دماء الشهداء وعذابات الجرحى” .

تفاصيل هذه الجريمة التي جاءت بعد اقل من شهر من التحرير الاول في شهر شباط من العام 1985 ذكرها الكاتب الاميركي بوب وود وورد  واسمه الحقيقي روبرت بيشور وودرد في كتابه “الحجاب-الحروب السرية للمخابرات الاميركية بين عامي 1981 و 1987 ” يؤكد فيه نقلا عن الوثائق الاميركية التي حصل عليها “ان بندر بن سلطان حول مبلغ 3 ملايين دولار اميركي الى حساب مصرفي سري في سويسرا لتمويل عملية اغتيال السيد فضل الله بعد الاتفاق عليها بين الطرفين الاميركي- السعودي” و يشير الكاتب الاميركي الشهير الى ان بندر اصيب بمغص في معدته عندما فشلت العملية.  ترى هل تؤكد احداث اليوم اخبار الامس  .

* عضو اتحاد كتاب وصحافيي فلسطين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.