الصحف الاجنبية: إذعان اميركي لإيران

كشفت مجلة اميركية بارزة، أن الولايات المتحدة تكثف مساعيها الدبلوماسية للضغط على تركيا والمعارضة السورية الموجودة في الرياض لعدم مقاطعة مفاوضات جنيف حول سوريا، وذلك في الوقت الذي أشارت صحف غربية معروفة الى ان نائب الرئيس الاميركي جو بايدن وجه انتقادات حادة لسياسات القمع التي تمارسها القيادة التركية ضد معارضي الداخل.

من جهة أخرى، اعتبر دبلوماسيٌّ اميركيٌّ سابق معروف أن على السعودية التكيف مع الواقع الجديد بعد الاتفاق مع ايران، لا سيما لجهة تعزيز دور الشيعة في المنطقة.كما اعتبر كاتب بريطاني بارز ان “إسرائيل” لم تعد افضل اصدقاء واهم شركاء واشنطن.

مساعٍ اميركية لانقاذ مفاوضات جنيف حول سوريا

نشرت مجلة “Foreign Policy” تقريراً قالت فيه ان الولايات المتحدة تبذل مساعي “اللحظة الاخيرة” من اجل انقاذ المحادثات الهادفة الى حل الازمة السورية، حيث ارسلت وفدين رفيعين الى تركيا والسعودية في ظل امكانية قيام كل من المعارضة السورية وتركيا بمقاطعة المحادثات التي كان من المقرر ان تجري في الخامس والعشرين من الشهر الحالي في جنيف.

وكشف التقرير نقلاً عن دبلوماسيين امميين ان تركيا قد حذرت الامم المتحدة من انها لن تشارك بالمفاوضات في حال مشاركة السوريين الاكراد ضمن وفد المعارضة، اذ تقول انقرة ان السوريين الاكراد على صلة بحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا منظمة ارهابية.

وأوضح التقرير ان نائب الرئيس الاميركي جو بايدن الذي يزور تركيا حالياً سيحث القادة الاتراك خلال لقائهم اليوم السبت على المشاركة بالمحادثات الاممية حتى في حال توجيه دعوة الى السوريين الاكراد، وذلك بحسب مسؤولين امميين.

كما نقل التقرير عن هؤلاء المسؤولين أن وزير الخارجية جون كيري سيحث السعوديين و”قادة المعارضة السورية” الموجودين في الرياض على عدم مقاطعة المحادثات في حال توجيه الامم المتحدة دعوة الى جماعات اخرى من المعارضة تدعمها روسيا ومصر، وذلك خلال اللقاءات التي سيعقدها كيري في السعودية.

ال سعود

وأفاد التقرير استناداً الى دبلوماسيين امميين ان تركيا ترفض الجلوس مع الاكراد المرتبطين بحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية. واضاف ان وفداً تركيا برئاسة رئيس الوزراء احمد داود اوغلو قد هدد الموفد الاممي “Staffan de Mistura” بالانسحاب من مجموعة الدعم الدولية لسوريا، وذلك على هامش منتدى دافوس الاقتصادي. وفي الوقت نفسه نقل عن مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية ان “لا اتفاق نهائيًّا حتى الآن” بشأن تشكيلة وفد المعارضة السورية،كما اضاف هذا المسؤول بحسب التقرير ان كيري على تواصل مستمر مع  “de Mistura” والمسؤولين في موسكو ودول اخرى.

كذلك نقل التقرير عن دبلوماسيَّين امميين اثنين ان السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة “Samantha Power” قد اكدت لـ”de Mistura” خلال لقاء مغلق في مجلس الامن مطلع هذا الاسبوع ان الاخير يملك تفويضاً لتوجيه الدعوات الى شخصيات يرى من المناسب ان تشارك في المفاوضات.

كما اشار التقرير الى ان السفير الروسي لدى الامم المتحدة “Vitaly Churkin” قال امام مجلس الامن يوم الاثنين الماضي ان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي يجب ان يكون ممثلاً بالمفاوضات حول الازمة السورية.

ايران تعزز دور الشيعة في المنطقة

اعتبر الدبلوماسي الاميركي السابق المعروف “ولي نصر” ان الاحتلال الاميركي للعراق وما يسمى بالربيع العربي قد تسببا بانهيار النظام العربي، اذ زعم ان  المصالح الطائفية ومنذ الحرب على العراق، قد هيمنت على الخطاب السياسي في المنطقة.

و في مقالة له نشرتها ايضاً مجلة “Foreign Policy” قال الكاتب ان الاتفاق النووي الايراني قد وضع الزيت عل النار،اذ اعتبرت السعودية هذا الاتفاق على انه بمثابة ميل اميركي باتجاه ايران وسيأتي بالمكاسب ليس فقط لطهران وانما ايضاً لصالح الشيعة عموماً في المنطقة.

كما زعم الكاتب ان المصالح الطائفية لن تخمد في وقت قريب، حيث باتت تتشابك بشكل كبير مع السياسات الاقليمية. واكد ان ايران قد انتصرت في العراق وان السعودية ترى بان طهران نجحت كذلك بتغيير سياسات واشنطن.

ايران

وقال الكاتب ان داعش والحرب على سوريا تشكلان جزءًا فقط من النزاع الاوسع، اذ رأى ان انهاء الحرب السورية لن ينهي الخصومة السعودية الايرانية او يمد جسر التقسيم الطائفي. وشدد على ان الولايات المتحدة بحاجة الى التعاون الوثيق مع “العراق وايران الشيعييتين” بحسب تعبيره، من اجل هزيمة داعش، مضيفاً ان ذلك سيقلق الرياض اكثر فاكثر.كما استبعد ان تنجح واشنطن وموسكو بالتوصل الى حل دبلوماسي في سوريا بسبب الموقف “العنيد” للسعودية. واستبعد بالوقت نفسه ان يستقر الوضع في اليمن قريبًا.

الكاتب قال ان “الشيعة وجدوا صوتهم ويأخذون مكانهم في السياسات الاقليمية”، واضاف ان “جدار الاحتواء الذي ابقى ايران خارج المنطقة قد انهار”، وان ذلك حصل “على ما يبدو باذعان اميركي”. كذلك ادعى الكاتب ان السعودية و”الكثير من السنة” يتوقون للعودة الى الشرق الاوسط ما قبل عام 2003 واجتياح العراق، لكنه شدد بالوقت نفسه على انه حان الوقت للتكيف مع الواقع الجديد، حيث تعزز دور ايران والشيعة في الشرق الاوسط. وحذر من ان اي سلام لن يتحقق بين ايران والسعودية قبل ان تتكيف المنطقة مع هذا “التوازن السياسي الجديد”، مرجحاً ان تستمر النيران الطائفية في ظل الاجواء الحالية.

بايدن يوجه انتقادات حادة لسياسات اردوغان في الداخل

من جهتها، نشرت صحيفة “Wall Street Journal” تقريراً قالت فيه ان لقاءات نائب الرئيس الاميركي جو بايدن مع القادة الاتراك في تركيا تأتي في سياق حث انقرة على تأمين الحدود مع سوريا. ونقلت الصحيفة عن مسؤول اميركي يرافق بايدن في هذه الزيارة ان الجانب الاميركي سيجري “محادثات مفصلة مع الاتراك حول خططتهم” على الجانب التركي من الحدود (مع سوريا)، كما اوضح هذا المسؤول بحسب الصحيفة ان المباحثات ستتناول كيفية تقديم الولايات المتحدة المساعدة التقنية والاستخباراتية لضبط الحدود.

هذا، ولفت التقرير الى ان زيارة بايدن تأتي كذلك في ظل المخاوف الاميركية من حدة التوتر بين العراق وتركيا على خلفية التواجد المستمر للقوات التركية في قاعدة تدريب في شمال العراق، حيث اشار في هذا السياق الى ان الزيارة تأتي عقب لقاء بايدن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على هامش منتدى دافوس الاقتصادي.

كما تحدث التقرير عن انتقادات حادة وجهها بايدن لتركيا على خلفية الحملة التي تشنها الحكومة في انقرة على اصوات المعارضة، من سياسيين و صحفيين واكاديميين. ولفت الى ان بايدن، وفي بداية اجتماعه مع مجموعة صغيرة من الصحفيين الاتراك، قال ان تركيا تقدم نموذجا سيئا لبقية المنطقة من خلال “قمع حرية التعبير”.

كذلك اشار التقرير الى ان نائب الرئيس الاميركي دافع بشدة عن السفير الاميركي لدى تركيا “John Bass” الذي تعرض لحملة انتقادات من الحكومة التركية على خلفية دعمه عددا من الاكاديميين الاتراك الذين عبروا عن معارضتهم للحملة العسكرية التركية على الاكراد. وفي هذا السياق اوضح ان بايدن اكد بان السفير الاميركي يحظى بدعم البيت الابيض الكامل.

واضاف التقرير ان بايدن التقى ايضاً زوجة ونجل الصحفي التركي “Can Dundar” المسجون والذي يواجه عقوبة السجن مدى الحياة على خلفية اتهامه بالتجسس، وذلك بعد نشره مقالة اتهم فيها الاستخبارات التركية بالتورط بارسال السلاح الى المسلحين في سوريا.

كذلك لفت التقرير الى ان بايدن اجتمع ايضاً بممثلي احزاب المعارضة التركية، بما فيها حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للاكراد. واشار بالوقت نفسه الى ان اردوغان يدعم المساعي الهادفة الى تهميش هذا الحزب وقادته الذين انتقدوا الحرب التي تشنها الحكومة التركية ضد الاكراد في جنوب شرق تركيا.

تغير التسلسل الهرمي لتحالفات واشنطن

بدورها، نشرت صحيفة “Financial Times” مقالة للكاتب البريطاني المعروف “Geoff Dyer” اعتبر فيها الاخير ان فرنسا واستراليا قد حلّتا مكان المملكة المتحدة و”اسرائيل” كافضل اصدقاء وشركاء اميركا. واشار الكاتب الى ان بريطانيا اصبحت منشغلة بقضايا داخلية، بينما هناك علاقة شخصية سيئة بين قادة “اسرائيل” والولايات المتحدة، مشدداً بالوقت نفسه على ان كيان الاحتلال مسبب اساسي للمشاكل الهائلة التي تجتاح الشرق الاوسط.

اوباما

ورأى الكاتب ان اجندة هذا الاسبوع تعكس “التسلسل الهرمي الجديد في واشنطن”، حيث استضاف الرئيس الاميركي باراك اوباما رئيس الوزراء الأسترالي “Malcolm Turnball” يوم الثلاثاء الماضي بالبيت الابيض، بينما عقد وزير الحرب الاميركي آشتون كارتر اجتماعات في باريس و القى محاضرة يوم الخميس الماضي بالجامعة العسكرية الفرنسية.

واشار الكاتب الى انه وحتى قبل هجمات باريس الاخيرة، كانت فرنسا انشط دول التحالف الذي تقوده اميركا ضد داعش، باستثناء اميركا نفسها. وقال ان فرنسا كثفت هذه المساعي منذ هجمات باريس، لافتاً ايضاً الى ان “كارتر” (وزير الحرب الاميركي) كان قد زار في كانون الاول/ديسمبر الماضي حاملة الطائرات “Charles de Gaulle”، التي تعتبر من اهم “المنصات” لشن الضربات الجوية على معاقل داعش في سوريا، بحسب تعبير الكاتب.

كما لفت الكاتب الى كلام كارتر بأن نظيره الفرنسي “Jean-Yves Le Drian” هو اكثر وزراء الدفاع الذين اجرى معهم المحادثات، اضافة الى قول كارتر بان فرنسا هي “حلفينا الاقدم، ولا يوجد حليف افضل”.

كذلك سلط الكاتب الضوء على المشاركة الاستخباراتية بين باريس وواشنطن، خاصة في محاربة داعش. وقال ان البلدين قاما بإنشاء آلية جديدة لمشاركة المعلمومات الاستخبارية. وفي هذا الاطار استشهد بتصريح لمسؤول عسكري اميركي رفيع قال فيه “اننا نغير الثقافة كي نوجد قرارا واعيا على كافة المستوايات ولنضمن مشاركة المزيد من المعلومات مع الفرنسيين”.كما تحدث هذا المسؤول وفقاً للكاتب عن مستوى تعاون كبير يختلف بشكل جوهري عما كان الوضع عليه عامي 2002 و2003.

وفي سياق الحديث عن استراليا اعتبر الكاتب ان الدور الاسترالي المتنامي في القضايا الجيوسياسية الآسيوية، التي تعتبر اولية الادارة الاميركية على المدى الطويل، انما تجعل من استراليا “حليفا اساسيا حقيقيا”.

و اضاف الكاتب انه وبينما تبقى اليابان مركزية بالنسبة للولايات المتحدة في آسيا، الا ان واشنطن تخصص الكثير من المساعي لادارة الآثار السلبية للعلاقات المتوترة بين طوكيو من جهة والصين وكوريا الشمالية من جهة اخرى. ولفت الى ان استراليا في المقابل لها مقاربة اقرب الى مقاربة واشنطن حيال الصين، والتي تعتمد على كبح الصين لكن عدم استفزاها.كما اشار الى تعزيز التواجد العسكري لاستراليا في آسيا، والى الدور الذي تلعبه بتعزيز التعاون بين اصدقاء واشنطن في منطقة آسيا والمحيط الهادىء.هذا وشدد الكاتب في الختام على ان اميركا ستحتاج هذين الحليفين اكثر من اي وقت مضى مع تكاثر التحديات.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.