الصحف اللبنانية: شجاعة مدير عام .. وتحريض أميركي مستمر

 

سلطت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم على المؤتمر الذي عقده المدير العام لوزارة المالية الان بيفاني، والذي رد فيه على اتهامات وادعاءات السنيورة، كاشفًا عن الكثير من الوثائق التي تحتويها “صناديق” المالية.
كما تناولت الصحف زيارة نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، ولقائه عدد من الشخصيات، والتي أكد فيها عدم انسحاب أميركا من سوريا، وقيامه بالتحريض ضد حزب الله.

كارهو الدولة متوترون من انجاز الحسابات

بداية مع جريدة “الأخبار” التي تناولت المؤتمر الذي عقده مدير عام وزارة المالية الان بيفاني، موضحة أنه عندما تزور بيفاني في مكتبه في وزارة المال، وتسأله عمّا فعله طيلة 19 عامّا قضاها حتى الآن في منصبه، سيشير فورًا إلى عدد من الصناديق المكدسة فوق بعضها البعض، ويحمل كل منها اسم «ملف» ما، وسيجيب عن السؤال بثقة ملحوظة: الجواب موجود في هذه الصناديق.

وأضافت أن هذه الصناديق لا تحتوي فقط النتائج التي أسفرت عنها عملية اعادة تكوين حسابات الدولة المالية من عام 1993 حتى عام 2017، بل تحتوي ايضا تقريراً من آلاف الصفحات، معززاً بالوثائق والمستندات والمراسلات ومحاضر التحقيقات والشهادات التي توثّق التدخلات في عمل الادارة ومنعها من انجاز مهمّتها في اعادة تكوين الحسابات، او اجبارها على مسّ هذه الحسابات بطريقة خاطئة، والتلاعب بقيودها لطمسها واخفاء حقيقتها. هذا التقرير سبق أن أحاله بيفاني منذ سنوات الى الجهات المختصة، كما أحال ملفات كثيرة الى الهيئات الرقابية والقضائية المعنية، التي حققت في بعضها وأهملت بعضها الآخر.

“الأخبار” فصلت هذه الصناديق وقالت عنها أنها دليل بيفاني على انه لم يكن مكتوف اليدين، وهي دليله على ان محاولة تحميله مسؤولية عدم وجود حسابات مالية في السنوات السابقة ليست الا تعبيراً عن الضيق الذي يشعر به الرئيس السابق فؤاد السنيورة، الذي امضى اكثر من 10 سنوات بين عامي 1992 و2004 وزيراً للمال او وزير دولة للشؤون المالية، فضلا عن 5 سنوات امضاها رئيسا لمجلس الوزراء بين عامي 2005 و2009، جرى فيها انفاق المال العام وجباية الضرائب من دون اي اجازة من مجلس النواب، في مخالفة واضحة للدستور والقوانين والانظمة.

وفيما يخص مؤتمر الأمس، أشارت الصحيفة أن بيفاني لم يحمل صناديقه الكثيرة الى «نادي الصحافة»، حيث عقد مؤتمراً صحافياً ضمن «حق الرد الشخصي» على ما تناوله به السنيورة منذ ايام. الا ان ما تحتويه هذه الصناديق كان حاضرا بقوّة في مطالعته الطويلة، بل كانت محرّكاً لها. قال بيفاني كلاماً كبيراً، يصدر لاول مرّة عن موظف اداري كبير، ضد من اسماهم «كارهي الدولة، الذين عاثوا فيها خراباً وأضعفوها وهمّشوا ادارتها وهشّموها»، والذين «لا يريدون لنا ان نحتفي بأي انجاز، بل لا يريدون ان نقدّم انجاز عملية اعادة تكوين حسابات الدولة المالية على حقيقته، اي بوصفه المثال الحي على ان الادارة العامة المتحررة من ممارسات بعض السياسيين، هي ادارة فعّالة وكفوءة وقادرة على بناء دولة مؤسسات وقانون».

وأضاف بيفاني: «شهدنا في الايام الماضية تحرّكاً ممنهجاً على جبهات عدّة للتشويش على انجازنا والسعي الى تسييسه، كما شهدنا فصلاً جديداً من فصول قلب الحقائق وتزويرها، بهدف التهرّب من المسؤولية ورميها على الآخرين جزافاً. وفي هذا الاطار، تأتي محاولة تحميل المدير العام للمالية العامة المسؤولية عن واقع الحسابات المالية المزري منذ عام 1993، وكذلك المسؤولية عن التسريبات الاخيرة». وقال: «لست مخولا باعلان النتائج التي توصلنا اليها، ولست قاضيا كي ادين احداً، ولكنني املك ما يكفي من الادلة على انني منذ تسلمي مهامي في وزارة المال في عام 2000 واجهت يومياً اصراراً سياسياً هائلاً لعدم إنجاز الحسابات والمراهنة على التسويات»، مشيرا الى انه ما زال يحتفط بـ«نصيحة صديق» كي ينسى امر الحسابات، وردته بخط اليد على كتاب رسمي وجهه الى وزير المال في احدى المرّات، يتعلّق بآلية العمل على الحسابات وتشكيل فرق العمل لانجازها.

مناخ نيابي متشدّد مع الحكومة

بدورها تحدثت “البناء” عن الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في الأيام المقبلة، والتي تأتي في ظل تراجع واشنطن عن دورها في ترسيم الحدود المائية والبرية للبنان، بوجه التعديات الإسرائيلية، كما كشفت زيارة ديفيد ساترفيلد معاون بومبيو الذي سبقه إلى بيروت، وأكدت مصادر تابعت زيارة ساترفيلد أن الهم الأميركي الرئيسي يتمثل بالضغط لمنع لبنان من بحث أي عروض روسية لتزويد لبنان بشبكة دفاع جوي خلال زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى موسكو. وقالت المصادر إن واشنطن قلقة في ضوء العروض الروسية لكل من حلفائها في تركيا والسعودية ومصر تزويدهم بشبكة صواريخ أس 400 أن تعرض موسكو على لبنان شروطاً ميسّرة للحصول على شبكة اس 300، لكن ليس لاعتبارات بيع السلاح الأميركي كما هو الحال مع السعودية ومصر وتركيا، حيث تعرض واشنطن شبكاتها البديلة على الحلفاء، بينما تمتنع عن تقديم أي عرض للبنان لأن المطلوب بقاء الأجواء اللبنانية مفتوحة أمام الانتهاكات الإسرائيلية وفقاً لحسابات الالتزام الأميركي لـ»إسرائيل» على حساب السيادة اللبنانية.

كما أشارت الصحيفة إلى الجلسة النيابية التشريعية يوم أمس، التي شهدت انتخاب أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، محكومة بسقف التشدّد مع الحكومة في شؤون الإنفاق والتوظيف تحت وطأة مناخ مكافحة الفساد الذي يخيّم على الأجواء السياسية والإعلامية، والذي نجح كمناخ رغم غياب أي إجراءات حقيقية توقف الهدر وتمنع الفساد حتى الآن، في تشكيل أجواء رادعة تحول دون تكرار ما كان يجري سابقاً من تمرير سهل لطلبات الإنفاق التي تقدمها الحكومة.

ثم انتقلت لتناقش ملف الإنفاق والهدر والفساد، الذي تمثل المؤتمر الصحافي لمدير عام المالية ألان بيفاني حدث أمس الأول، حيث تحدّث بالتفاصيل عن كيفية فرض التسيُّب المالي نهجاً حكومياً في مرحلة تولي الرئيس السنيورة وزارة المال ورئاسة الحكومة، وكيف حل المستشارون مكان المدراء والموظفين الكبار في وزارة المال، ووجّه بيفاني مجموعة من التحديات للسنيورة، قالت مصادر متابعة للملف المالي إنها بمثابة الضربة القاضية التي تصيب السنيورة في معركة البراءة من المسؤولية عن ضياع المال العام، حيث سيكون صعباً الإفلات من الأرقام والملفات التي باتت بتصرف ديوان المحاسبة والقضاء بعدما أنجزت وزارة المال إعادة تكوين للمحاسبة المالية كانت ممنوعة منذ العام 1993، كما قال بيفاني.

لبنان لا يزال يأكل من رصيد التفهم الدولي .. وعون يتجاهل ساترفيلد

من جهتها، قالت “النهار” أن لبنان لا يزال يأكل من رصيد التفهم الدولي لاوضاعه الاقتصادية والمالية المتدهورة الموروثة والمتراكمة منذ عقود ،والّا لما كانت الدول المانحة ضمن مؤتمر “سيدر” تتفهم مثلا كيف يمكن المضي في التشريع لانفاق مزيد من مليارات الدولارات في جلسة مجلس النواب أمس، فيما تتصاعد الدعوات المتشددة الى لملمة العجز وخفضه وتصدير صورة مسؤولة عن الالتزامات الاصلاحية نحو المجتمع الدولي؟

فيما توقفت عند التساؤلات الواسعة التي اثيرت أمس حول عدم حصول لقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد خلال زيارته التي استمرت يومين لبيروت. وتناقضت التفسيرات لهذا الأمر بما زاد “الشبهة” حول العلاقة الباردة بين الرئيس عون والادارة الاميركية وبعض رموزها الديبلوماسيين، الامر الذي سيزيد شد الانظار الى الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو لبيروت الاسبوع المقبل. ورداً على سؤال لـ”النهار” عن عدم حصول لقاء بين الرئيس عون وساترفيلد قال مصدر في السفارة الاميركية إن “زيارة ساترفيلد كانت قصيرة لكنه عقد لقاءات مثمرة مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية “. أما الاوساط القريبة من بعبدا فاكتفت بالتلميح الى ان ساترفيلد لم يطلب موعدا.

وبالعودة الى المشهد الداخلي، لفتت “النهار” إلى الواقع المالي القسري الذي تمليه الحاجات المالية الضاغطة التي تفرض قوننة الانفاق خارج اطار الموازنة التي تنتظر الاقرار واعادة النظر في هيكليتها لآجال اضافية، في اليوم الاول من الجلسة التشريعية لمجلس النواب التي كانت الخلاصة الضخمة لنتائجها أن أوجز للحكومة الاستدانة بالعملات الاجنبية والاستمرار في الصرف على القاعدة الاثني العشرية الى حين اقرار الموازنة واقرار سلفة كبيرة ولو بعد خفض القيمة الاساسية التي كانت ملحوظة لمؤسسة كهرباء لبنان. كما ان مزيدا من الشكوك ارتسمت حول الواقع المالي مع السابقة التي سجلها المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني بعقده مؤتمراً صحافياً فجر فيه مزيدا من الفضائح المتصلة بالواقع المالي وتحدث عن “ارتكابات وتلاعب بحسابات المالية العامة وتزوير مستندات في حقب سابقة تعود الى التسعينات”، مؤكداً وجود “تدخلات سياسية وهدر للمال العام وهبات صرفت بلا حسيب أو رقيب ومخالفات جمّة للقوانين”.

ساترفيلد: لا انسحاب أميركياً من سوريا

أبرزت صحيفة “اللواء” تفاصيل زيارة نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، حيث سمع مسؤولون رسميين وشخصيات حزبية وسياسية من ساترفيلد أن بلاده تدعم الاصلاحات، وأبلغ وفقا لمعلومات «اللواء» بعض الشخصيات التي التقاها ان الجيش الأميركي لن ينسحب من سوريا، وان الولايات المتحدة، لن تترك الساحة السورية، لا للجيش السوري، ولا لقوات الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله.

وأشارت الصحيفة إلى وصف النائب وليد جنبلاط في تغريدة له زيارة ساترفيلد «بالودية». وكشف ان من جملة ما جرى النقاش حوله أهمية حماية النازحين، من عودة قسرية بلا ضمانات وأهمية الشروع في عملية الإصلاح ابتداء من قطاع الكهرباء..

ونقلت مصادر سياسية لـ “اللواء” طبيعة الاتصالات التي أجراها ساترفيلد قبل مغادرته بيروت، والتي جرت مع أحزاب وقيادات حليفة لجهة انتزاع موقف أو استطلاع وضع من هؤلاء، تجاه القضايا التي تشغل الساحة المحلية اللبنانية، سواء ما يتعلق بالنازحين، أو مقررات مؤتمر «سيدر» أو الدور الاصلاحي داخل الحكومة، وفقا لما أشار إليه مسؤول «قواتي».

وفيما لم يصدر عن «حزب الله» أي موقف بشأن ما أعلنه ساترفيلد، ربما بانتظار ما سوف يقوله الأمين العام السيّد حسن نصر الله غداً الجمعة، الا ان الأوساط القريبة منه لم تخف بدورها امتعاضها من مواقف المبعوث الأميركي، بدليل ان رئيس حزب «التوحيد» وئام وهّاب، وصف هذه المواقف، بعد زيارة نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في حضور نائب رئيس المجلس السياسي الوزير محمود قماطي «بالوقحة»، متسائلاً: «كيف يقبل بعض اللبنانيين ان يملي عليهم هذا الشخص اموراً تتعلق بالعلاقات الداخلية اللبنانية، ولا يقيم وزناً لا لدولة ولا لسيادة ولا لمؤسسات».

وكانت بعض المعلومات قد افادت أن ساترفيلد ابلغ بعض من التقاهم ضرورة التزام لبنان بعدم الخروج عن قرارات الدول العربية والاوروبية تجاه ايران وحزب الله. كما انه دعا الى معالجة ازمة الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة بالطرق الدبلوماسية، وهو ما اعتبرته مصادر بعض القوى السياسية المعارضة للسياسة الاميركية «اسلوبا غير مجدٍ مع اسرائيل ويصب في مصلحتها». وتساءلت هذه المصادر «كيف سيوفق ساترفيلد بين موقفه بدعم لبنان وحكومته ومؤسساته الشرعية، وبين موقفه بالتحريض على طرف لبناني وازن ممثل في البرلمان والحكومة»؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.