القاعدة في اليمن , تمثيلية سمجة بطلها الرئيسي امريكا .

yaman - kaeda

قيل ان الرئيس الانتقالي لجمهورية اليمن عبد ربه منصور هادي قد فجر مفاجئة من العيار الثقيل في خطابه الاخير امام حفل تخرج طلاب من كلية الشرطة يوم الثلثاء الفائت , حين تحدث بلهجة صارمة عن مخطط يراد من خلاله اعادة المقاتلين من سوريا الى اليمن وان مندوب لاحدى الدول التي لم يرد ان يسميها قد التقى به قبل اربعة ايام وطلب منه هذا الطلب .

هذه ليست مفاجئة :

الجديد في الامر انها ذكرت على لسان رئيس الجمهورية نفسه , اما كحقيقة واقعية , فهي معروفة لدى اغلب الشعب اليمني .
( نقصد تنقل الجماعات الارهابية من اليمن الى الخارج او من الخارج الى اليمن ).
الخطاب الرسمي الذي يمثله الرئيس تغاضى عن هذه الحقائق لمده طويلة وبالتالي فان ذلك يكون المرة الاولى التي يتحدث فيها بصفة رسمية عن ذهابهم الى سوريا وعلى لسان رأس الهرم المتمثل برئيس الجمهورية نفسه وهذا هو ما يمكن لنا تسميته بالمفاجئة , اي الاعتراف .

الذهاب يختلف عن العودة :

ذهاب هؤلا المقاتلين الى سوريا كان حديث الشارع اليمني وكان يروج له من على المنابر وبعض الوسائل الاعلامية الاخرى , ولعل الحجة التي كانت تقدم حينها للتغاضي عن الامر بل ولتسهيله وتوفير الغطاء السياسي له هي ان هذه الطريقة هي افضل وسيلة للتخلص من هذه الجماعات الارهابية وذلك من خلال ترحيلها الى سوريا , فتصبح حينها امام خيارين اما التصفية والقتل من قبل الجيش العربي السوري واما الانتصار عليه وبالتالي تحقيق حلمهم هناك في ارض الشام باقامة دولة اسلامية فتكون بذلك بعيدة نسبيا عن اليمن والسعودية .

وقد عرف في هذا الخصوص اقامة العديد من الاجتماعات التي اجراها الاتراك والقطريون مع قاده يمنيون معروفون بصلتهم التاريخية بهذه الجماعة وقد ذهب هؤلا الى كل من قطر وتركيا واجتمعوا واتفقوا على ارسال المئات وربما الالاف , دار الحديث حينها عن 5000 مقاتل , وكان ابرز هؤلا القادة الجنرال ( علي محسن الاحمر ) الذي يحمل اليوم صفة مستشار رئيس الجمهورية والذي ذهب الى تركيا بنفسه لاتمام الصفقه .

وعلى ذلك فان انزعاج الرئيس اليمني لم يكن بسبب وجود هذه الجماعات من عدمها , وانما هو بسبب الانقلاب على الاتفاق الذي لم يتضمن عودة هؤلا المقاتلين مرة اخرى الى اليمن . علما ان اغلبهم اجانب وليسوا يمنييون وقد اعترف ايضا الرئيس عبد ربه منصور هادي في نفس هذا الخطاب بان نسبة المقاتلين الاجانب في تنظيم القاعدة يصل الى 70 % بينهم البرازيل وهولندا وأستراليا وفرنسا ونضيف له وحسب علمنا ومتابعاتنا بوجود الكثير من السعوديون وكأكثر نسبة تواجد بين الجنسيات الاخرى المختلفة .

ما نقصده من هذه المقدمة :

هو ان القاعدة في اليمن وفي كل مكان آخر يتم تحريكها ( بالريموت ) ويتم رسم الخطط والاستراتيجيات لها وان مهمتها الرئيسية هو تنفيذ هذه المخططات الجاهزة سلفا , وهذه احدى الدلالات على هذا التحريك والتنسيق فيما بين الدول وهذه التنظيمات المقاتلة حيث يتم تحريك مئات بل الاف المقاتلين ودعمهم بالاموال وانتقالهم بين الدول ( من اليمن الى تركيا ومن ثم سوريا ) وتأمين السلاح والمواصلات والمسكن والمأكل والمشرب .

اذن من يحرك هذه الجماعات ويرسم لها الاستراتيجيات والخطط ؟؟

ليست هذه المرة الاولى التي يتم الاعتراف فيها رسميا بعلاقة مباشرة بين الدول والتنظيمات الارهابية , فهلري كلنتون وزيرة الخارجيه الامريكية السابقة قد فجرت يوما مفاجئة ( اعتراف ) من هذا النوع بل تحدثت بالتفصيل وعن مرحلة النشأة لتنظيم القاعدة وقالت بالحرف الواحد ان امريكا هي من شكلت هذا التنظيم ودعمته ليكون رأس الحربة في حربها الباردة مع الاتحاد السوفيتي .

للامانة فان الرئيس عبد ربه منصور هادي لم يكن المشرف على هذه العملية رغم علمه بها :

من المفيد توضيح الوضع الذي تم من خلاله تنصيب الرئيس عبد ربه منصور هادي كرئيس انتقالي وعن الوضع العام الذي يعيشه اليمن اليوم وعن كون الحاكم الفعلي لليمن ليس رئيس الجمهورية ولا الحزب الذي يمثله , وانما الحاكم الفعلي هو حزب التجمع اليمني للاصلاح ( الممثل لجماعة الاخوان المسلمين في اليمن ) وهذا وباتفاق ضمني كحل مثلته مبادرة مجلس التعاون الخليجي التي تم من خلالها تقاسم السلطه عقب ثورة 11 فبراير بين المؤتمر الشعبي العام وبين احزاب اللقاء المشترك .

وبالتالي فان الانفجار الذي تمثل في خطاب عبد ربه منصور هادي الاخير والذي تضمن الكثير من الاعترافات , هو واحد من انفجارات متتالية يحدثها الرئيس ضد جماعة الاخوان المسلمين في اليمن والتي اساءت للرئيس التوافقي ايما اساءة سواءا من خلال سوء ادارتها للبلد من خلال الحكومة التي ترأسها والتي تلاقى برفض شعبي عارم بسبب فشلها في تأمين الحد الادنى من مطالب الشارع والمتمثلة في الخدمات الاساسية من كهرباء وماء وأمن ومنجهة اخرى بسبب احراجه امام الشعب وامام العالم بممارسات اصطفافية تمثل حلف استراتيجي يمتد من امريكا مرورا بتركيا وقطر وانتهاءا بالسعودية واليمن .

ملاحظة مهمة :
سبق وخرج شباب مستقل في فعاليات رافضة لارسال المقاتلين الى سوريا , تعبيرهم ان هذا العمل المشين لا يمثل شعب اليمن المحب لسوريا العروبة والمقاومة . وانما هو مخطط ادير في تركيا وقطر وبعناية امريكية وسعودية .

بلال الحكيم – كاتب يمني – بانوراما الشرق الأوسط

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.