القرار الأوروبي سيبقى في إطار سياسي ممنوعاً من الصرف

hezbollah-europe

مصالح حزب الله في منأى ولا تعديل على دوره وأدائه..

صحيفة البناء اللبنانية ـ
شادي جواد:
ما من شك أن قرار الاتحاد الأوروبي بوضع ما أسماه الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب بعد أشهر طويلة من التردّد والأخذ والرد جاء نتيجة ضغوط عالية مارستها الولايات المتحدة الأميركية و«إسرائيل» على عدد من الدول الأوروبية وهذا القرار بالنسبة لحزب الله لن يغير من واقع حاله شيئاً حيث أن أداء الحزب على المستويات كافة لن يتأثر بمثل هذا القرار الذي لا يساوي لديه ثمن الحبر الذي كتب به.
أما بالنسبة لأوروبا فإن هذا القرار بيّن عجز الأوروبيين والمدى الذي بلغته الهيمنة الأميركية على القارة الأوروبية خصوصاً على المستوى السياسي وأدخل الأوروبيين في معركة مباشرة مع الحزب كون أن كل العالم يعرف أن خلفية القرار هي محض سياسية ولا علاقة للقوانين الدولية التي تحكم بالنزاعات أي علاقة وأن ذريعة التفجير في بلغاريا ما هي إلا حجة واهية لم تقنع البلغاريين أنفسهم حيث جددوا أكثر من مرة القول إنهم لا يملكون المعطيات الكافية التي تؤهلهم لتوجيه أصابع الاتهام مباشرة إلى الحزب بالوقوف وراء هذا التفجير. والسؤال الذي يطرح نفسه: من سيكون الخاسر جراء هذا القرار حزب الله أم دول الاتحاد الأوروبي؟
بدايةً لا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية سبق وأن صنفت منذ سنوات عدة حزب الله «إرهابياً» وكذلك فعلت بريطانيا ومعها أستراليا ماذا كانت النتيجة؟ لا شيء. فالحزب بقي يمارس دوره السياسي والعسكري والاجتماعي كالمعتاد لا بل إن السنوات الماضية سجلت انتشاراً واسعاً لبيئته الحاضنة وارتفع منسوب حضوره في المجالات كافة أما الجهات التي تحاملت عليه ووضعته على لائحة الإرهاب فإنها لم تجن إلا الخيبة وبقي قرارها حبراً على ورق لا يقدم ولا يؤخر.
أما على مستوى الحزب فلا شيء لديه ليخسره في أوروبا حيث لا توجد مصالح يمكن أن يهددها القرار بل العكس إن لأوروبا مصالح في لبنان وتخاف عليها ويأتي من بينها وجود قوات «اليونيفيل» حيث أن الكثير من الدول لطالما كانت تطلب مساعدة الحزب في حل العديد من المشاكل التي كانت تعترض عناصر وحداتها فإلى من ستلجأ الآن في حال حصلت مثل تلك الحوادث وبذلك تكون أوروبا خسرت عاملاً مساعداً غير عادي في تأمين تحرك وحداتها في بلد أقل ما يقال فيه إنه مكشوف أمنياً.
وكما أن الحزب لن يتأثر لا مالياً ولا على مستوى المصالح على اختلافها فإن مناصريه أيضاً سيكونون في منأى في أوروبا عن تداعيات هذا القرار إذ أن الجالية اللبنانية في أميركا وفي أستراليا ومن هو موجود في بريطانيا لم تتأثر أبداً بالقرار السابق وهي تقوم بأعمالها اليومية على الصعد كافة من دون أي تعديل يذكر.
وبذلك فإن القرار الأوروبي سيبقى في إطاره السياسي الممنوع من الصرف حيث لا قدرة للأوروبيين على فرض أي إجراءات مؤلمة ضد حزب الله الذي بالتأكيد لن يتأثر بشكل مباشر وإن كان لهذا القرار بعض المفاعيل السياسية في المستقبل على شاكلة تعبيد الطريق أمام اتخاذ أي قرار سياسي أو عسكري دولي ضد المقاومة.
بالتأكيد إن القرار الأوروبي بإدراج الحزب على لائحة الإرهاب لن يمر أدراج الرياح بل سيكون له مفاعيله والخاسر الأكبر من هذه المفاعيل الأوروبيين أنفسهم ولو حاول الاتحاد الفصل في قراره بين الجناح السياسي للحزب والجناح العسكري فإنه سيجد نفسه أمام أبواب موصدة لأن العلاقة ما قبل القرار لن تكون ذاتها بعده والحزب سيعتمد سياسة إدارة الظهر وعدم إعطاء الضمانات حيال أي طلب أوروبي يتعلق بأي قضية من القضايا التي تهم اي دولة منضوية في إطاره.
أما على المستوى السياسي اللبناني فإن تهليل فريق «14 آذار» الذي تزامن مع التهليل «الإسرائيلي» والأميركي لصدور القرار لن يضيف إلى رصيد هذا الفريق على المستوى الداخلي شيئاً فانتظار هذا الفريق وتحديداً «تيار المستقبل» بفارغ الصبر صدور مثل هذا القرار سيذهب أدراج الرياح وكما كانت نتيجة مراهناته على متغيرات في سورية صفراً فكذلك الأمر بالنسبة للقرار الأوروبي حيث أن المشهد السياسي في لبنان لن يطرأ عليه أي متغير لا بل إن مثل هذا القرار يزيد الحزب قوة وصلابة ومناعة والذي ينتظر من الحزب تنازلات على خلفية هذا القرار فهو واهم حيث أن الحزب تعرض للكثير من الضغوط وواجهته محطات كثيرة مماثلة وبقي محافظاً على دوره وأدائه وبالتالي فإن فريق «14 آذار» الذي ما برح يزرع الريح في وجه المقاومة لن يحصد إلا العاصفة وأن قابل الأيام سيظهر رداءة التعاطي السياسي لهذا الفريق مع كل الاستحقاقات الداخلية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.