المشنوق يُعاين الإستحقاق الرئاسي وعينه على السرايا

الداخلية اللبنانية تقر بالامر الواقع، مقابل خيار حزب الله

يبدو أداء وزير الداخلية نهاد المشنوق، لافتاً. بين مقرّ عمله الجديد في الصنائع، ومقرّ إقامته في قريطم، يتابع “صقر المستقبل” الإستحقاقات باهتمام بالغ. يُعاين بدقة مسار المفاوضات على خط الانتخابات الرئاسية. يعرف أن بنود أي اتفاق على شخصية الساكن الجديد لبعبدا، ترسم بالضرورة ملامح رئيس الحكومة المقبل. المشنوق عينه على السرايا الكبيرة.

نهاد المشنوق في الداخلية “غير شكل”. هكذا ينظر المستقبليون الى “المشنوق الجديد”. لم يعد “صقراً جارحاً” يواجه خصوم المستقبل بشراسة. ثمة همس داخل أروقة التيّار الأزرق يطال الرجُل وآداءه. يتحوّل الهمس الى تحليل واستدلال، فاستنتاج: للمشنوق حسابات خاصة تتعلّق بمستقبله السياسي.

يقارن أبناء التيّار الأزرق بين موقفين للمشنوق. تهجّمَ وزير الداخلية، الذي استهل عهده بشعار “القوي بعقلاته”، بشكل غير مباشر على حزب الله من قلب الضاحية الجنوبية، يوم استُقبلت الحكومة الجديدة بتفجيرين استهدفا المستشارية الثقافية الإيرانية في 19 شباط الماضي. وفي 19 نيسان المنصرم ـ أي بعد شهرين بالتمام والكمال ـ استضاف المشنوق مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا، خلال اجتماع أمني في وزارة الداخلية بحضور قادة الأجهزة الأمنية، في سابقة لم ترق لفريق 14 آذار، ولا للكثير من مسؤولي التيّار الحريري.

من باب الطفيل دخل المشنوق مجدداً الى حارة حريك، وأدخلها في صلب عمل وزارة الداخلية. برّر موقفه باعتبار أن التنسيق مع حزب الله يأتي كون الحزب جزءاً من الإشتباك داخل سوريا. ورأى استحالة تنفيذ خطة تهدف الى تخليص اللبنانيين الموجودين في الطفيل من الحريق السوري من دون التنسيق مع حزب الله.

أداء المشنوق خلّف ارتياباً كبيراً في معسكر 14 آذار، وداخل أروقة تيّار المستقبل. هناك في فريق المشنوق السياسي، مَن يقرأ حركة الرجُل بحذر وعمق.. وسوء نيّة. هذا البعض لازالت تقلقه الخلوة التي عقدها المشنوق مع صفا والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، على هامش اجتماع وزارة الداخلية. في هذا السياق، الهمس يتحوّل الى تساؤلات علنية عن فحوى نتائج زيارة صفا، وعمّا دار في الخلوة التي تخلّلتها. لم تهدأ التساؤلات. ثمّة في المستقبل مَن يريد تحويلها الى مُساءَلة يُخضع بموجبها المشنوق لاختبار نوايا.

صورة صفا في الداخلية، متوسطاً قادة الأجهزة الأمنية، فتحت أبواباً بوجه المشنوق، حرص الآذاريون والمستقبليون خصوصاً، على إبقائها مغلقة وبعيدة عن الأضواء. في الفريق الآذاري مَن يرى لغة دبلوماسية مستجدة في خطاب المشنوق، لا تتعلّق بضروريات المنصب الجديد الذي يحتّم عليه فتح الخطوط مع جميع اللبنانيين. في هذا الفريق مَن يقول إن المشنوق “عارف حالو شو بدّو”.

لقاء وزارة الداخلية الأخير شكّل حجر الرحى الذي تدور حوله إنتقادات الآذاريين. لا يستطيع المنتقدون “بلع” الطريقة التي حُضِّر فيها للقاء. بدءاً من مبادرة وزير الداخلية الإتصال بالمسؤول الحزبي البارز ودعوته بإصرار وإلحاح الى اللقاء. وصولاً الى عبارات الثناء والمديح والإطراء التي أغرق بها المشنوق ضيفه وحزبه.

يستاءل بعض المستقبليين عمّا إذا كان اندفاع المشنوق صوب حزب الله، منسّقاً مع قيادة تيّار المستقبل، أم أنه يأتي من ضمن “الحالة الخاصة” التي يشكّلها الرجّل داخل التيّار الأزرق. وفيما يضع البعض اللقاء في إطار سياسة التواصل والإنفتاح المستمر بين التيار والحزب منذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني. يذهب بعض أصحاب “النوايا السيئة” الى اعتبار المشنوق طامحاً سياسياً يستثمر موقعه لتحسين علاقاته بالجميع.

هذا البعض، يعتبر أن أسهم المشنوق في البازار الحكومي مرتفعة. عودة الرئيس سعد الحريري تتطلّب تسوية إقليمية شاملة. رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة، شخصية صدامية إستفزازية، ولّى زمن تنصيبها في الموقع المرموق. لا أسماء وازنة داخل تيّار المستقبل قادرة على التصدي للمسؤولية الكبرى. وفيما غاب الوزير السابق محمد شطح عن الساحة، وانتظاراً للتسوية التي تؤمّن عودة الحريري الابن، يمكن لوزير الداخلية الحصول على “ترقية” إستثنائية تمكّنه من تبوّء سدّة الرئاسة الثالثة في السرايا الكبيرة.

الكلام يتعلّق بطموح سياسي مفترض للوزير المشنوق، بدأ التداول به على نطاق آخذ بالإتساع داخل فريقه السياسي. غير أن ترجمة هذا الكلام على أرض الواقع دونها عقبات وتسويات ومراحل كثيرة.

في الإستحقاق الرئاسي، ﻻ اتفاق يلوح في الأفق. يبدو أن سيناريو تطيير النصاب استراتيجية ستُعتمد في الجلسات المقبلة الى أن تظهر بوادر إتفاق على اسم مرشّح رئاسي. هذا الإتفاق إن حصل، فسيكون بمثابة سلّة حلّ متكاملة تشمل رئاسة الحكومة. ما هو مسجّل حتى اللحظة من إشارات توحي بأن إتمام الإستحقاق الرئاسي اللبناني أمر مؤجل الى أجل غير مُسمّى.

ما يُحكى عن موقف للرئيس سعد الحريري من ترشّح الجنرال ميشال عون للرئاسة، في الأصل مرتبط بالموقف السعودي العام من الملف. العائلة الحاكمة في المملكة مشغولة اليوم، تخوض ورشة تشكيلات بين أعضائها، لم تنتهِ بعد. كما أنها لم تحسم موقفها من طريقة التعاطي مع الأزمة السورية، خصوصاً بعد الإنتكاسات العميقة التي مُنيت بها هناك.

لا تبدو السعودية مستعدة ـ حتى اللحظة ـ لتسهيل الأمور في لبنان. وبالتالي فإن عودة الحريري مؤجّلة، وبالتالي من غير المستبعد إسناد مهمّة ملء الفراغ الحريري، لوزير الداخلية، سعودي الهوى. في المستقبل تيّارات.. تيّار المشنوق أجددها.

 

حمزة الخنسا – موقع العهد الإخباري

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.