نظام أوكرانيا أمام خيارين: الحكم بالقوة أو الفدرلة

ukraine-crisis

جاء شن نظام كييف الهجوم على مدينة سلافيانسك كخطوة لا بديل لها، بنظر هؤلاء الذين وصلوا إلى السلطة، نتيجة الانقلاب على رئيس الدولة الشرعي وحكومته. الانقلاب الذي رفضه الجزء الأكبر من مواطني البلاد، لا سيما في جنوب شرقها، خوفا على مستقبلهم من عنف الحركات القومية المتطرفة ذات الوجه الفاشي التي لا يخفي أنصارها كراهيتهم لروسيا ولكل ما هو روسي.

منهم نواب حزب الحرية البرلماني، الذي لم يتورع نفر منهم عن ضرب مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون الأوكرانية، بل وعن تسجيل الحدث على شريط فيديو،بسبب تغطيته الخاطئة لأحداث ميدان الاستقلال.

أما حزب القطاع الأيمن، الذي ترشح زعيمه دميتري ياروش لرئاسة أوكرانيا في الانتخابات الرئاسية القادمة، والذي يضم في صفوفه عددا من التنظيمات اليمينية المتطرفة، فقد أظهر نشطاؤه مرارا تمسكهم بالعنف الجسدي واللفظي تجاه الموسكوبيين، كما يسمون كل شخص في أوكرانيا ينطق باللغة الروسية أو يبدي الولاء لروسيا بشكل أو بآخر.

عنف كان مواطنو شبه جزيرة القرم، هذا الجزء التاريخي من الأراضي الروسية، أول من هرب منه، عبر تصويتهم في استفتاء 16 آذار الماضي لصالح الانضمام إلى روسيا. أما أمثالهم في المناطق الشرقية الجنوبية من البلاد، وفي مقدمتها مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، فاختاروا طريقا آخر لهم، مطالبين السلطات في كييف بقبول النظام الفيدرالي ضمانا لحقوقهم وحلا وحيدا ممكنا للحفاظ على أوكرانيا كدولة بعد فقدان القرم.

مطلبٌ دعمه أنصار الفدرلة بخطوات عملية، مظهرين للنظام في كييف أنه في ظل غياب سلطة شرعية تحترم مصالح جميع أقاليم البلاد لم يعد الاستيلاء على مبان حكومية ومخازن للأسلحة احتكارا لجماعات قومية متطرفة.

خطوات ردت عليها كييف بالوعيد والتهديد أولا، ثم حاولت قبل أيام قمع العصيان الشرقي بقوة الجيش، بدلا من نزع سلاح المتطرفين الموالين للنظام تنفيذا لاتفاقيات جنيف.

أما الآن، مع بدء المرحلة النشطة للعملية التي يعتمد النظام الأوكراني فيها هذه المرة على الحرس الوطني المكون أساسا من نشطاء ميدان الاستقلال، وسط تقارير عن مشاركة عناصر القطاع الأيمن المباشرة في سلافيانسك، فبدأت الآمال في حل الأزمة الأوكرانية حلا سلميا تتبخر بوتيرة سريعة.

ويبدو أنه لم يبق أمام النظام سوى خيارين: أولهما أن يحاول فرض إرادته على عصاة الشرق بأي ثمن، حتى بثمن حمام الدم وخطر اندلاع حرب أهلية حقيقية وسط القارة الأوروبية. أما ثانيهما فهو قبول الفدرلة التي تصر موسكو على ضرورتها.

لا شك أن الخيار الثاني يحمل في طياته مخاطر جدية بالنسبة لحكام كييف، لأن قبوله سيعرضهم لا محالة لغضب المتطرفين القوميين، بل ولخطر انقلاب جديد في كييف. لكنه خيار يمنح أوكرانيا على الأقل فرصة قيمة للبقاء كدولة.

روسيا اليوم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.