النازحون والإتجار بالانسانية

lajyoun

موقع العهد الإخباري ـ
رفعت البدوي*:
في شهر نيسان/ابريل من العام 2011 تحديداً في الشهر الاول من اندلاع الاحداث في سوريا فوجئ سكان المناطق المطلة على الحدود مع تركيا في الشمال السوري بمشاهدة عملية تركيب آلاف الخيم ذات اللون الابيض داخل الاراضي التركية المتاخمة للحدود الشمالية مع سوريا دون معرفة الاسباب، لكن الجواب الشافي جاء على لسان شخصية سعودية تحمل رتبة عسكرية عالية، وتدير مركزاً للدراسات في السعودية.

تلك الشخصية تعتبر من الشخصيات المقربة الى مركز القرار السعودي ومكلفة بمهام الاتصال مع شخصيات اسرائيلية تحت عنوان الترويج للمبادرة العربية المنبثقة عن مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002.. جواب الشخصية العسكرية السعودية كان واضحاً “ان ما تشهده المناطق التركية المتاخمة للحدود الشمالية السورية هو استقبال النازحين من سوريا”.

قليلون هم الذين فهموا اللغز الهادف الى تنفيذ عملية تفتيت وتشريد للمجتمع السوري للنيل من سوريا الدولة. في الاردن ضغطت دول الخليج العربي على السلطات الاردنية بضرورة فتح الحدود امام النازحين السوريين ونجحت بذلك الى حدٍّ بعيد باستقبال العديد منهم خاصة أولئك القادمين من الجنوب السوري.

في لبنان، مارست امريكا وبعض دول الاتحاد الاوروبي بالشراكة مع بعض دول الخليج المشاركة بالمؤامرة على سوريا، وبالتنسيق مع بعض القوى السياسية اللبنانية من خلال تسهيل عملية تشريد المجتمع السوري وتوزيعه ديموغرافياً وطائفياً ومذهبياً على المناطق اللبنانية الموالية لما يسمى بالثورة السورية وبشكل فيه الكثير من الخبث، وكل ذلك تم تحت عنوان مساعدة إيواء الشعب السوري الهارب من النظام في سوريا خدمة للانسانية.

نقول هذا الكلام بعد مرور السنوات الخمس العجاف على الازمة السورية التي ادت الى تنفيذ اكبر عملية تشريد للشعب السوري وصولا لاستعمال ورقة النازحين السوريين كورقة ضغط وابتزاز تخدم مصالح دول خليجية وغربية بالاضافه الى تركيا على حساب الشعب السوري ولو كان ذلك من خلال عملية الاتجار بالانسانية.

رجب أردوغان وبعد فشله المدوي بتنفيذ مشروعه القاضي لاعادة حكم السلطنة العثمانية من خلال سيطرة تنظيم الاخوان المسلمين على مقاليد الحكم في المنطقة، وجد نفسه صفر اليدين عندها لجأ الى استعمال ورقة النازحين السوريين فاتحاً الممرات المائية في بحر ايجه نحو اوروبا ما ادى الى ابتلاع البحر الالاف من السوريين والى لفظ العديد من جثث الاطفال الى شواطئ تركيا واليونان، عندها اعلنت اوروبا النفير العام ليس لمساعدة النازحين انما لاعادتهم الى نقطة الانطلاق التركية.

اردوغان مارس الابتزاز من الباب الواسع متجاوزا الخطوط الحمراء مهددا الامن الاجتماعي والديمغرافي وحتى البنية الامنية مساهماً بانتشار الارهاب في شتى انحاء اوروبا ما دفع المسؤولين في اوروبا الى تقديم اغراءات مالية ضخمة الى تركيا قدرت بمليارات اليورو من اجل وقف تدفق النازحين السوريين الى اوروبا ويبدو ان اوروبا حصلت على الموافقة التركية.

لبنان شهد في الاونة الاخيرة زحمة في الزيارات بدءا من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون يرافقه رئيس البنك الدولي ورئيس بنك التنميه الاسلامي اضافة لوزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند وهناك العديد من الزيارات الاوروبية المرتقبة الى لبنان مع ملاحظة حرص المسؤولين للقيام بزيارة مراكز ايواء النازحين السوريين.

بالطبع، الهدف من زيارة كل المسؤولين ووزراء الخارجية ورؤساء البنوك الى مراكز الايواء ليس انسانياً على الاطلاق، انما بهدف تنفيذ عملية ابقاء النازحين السوريين في اماكنهم مقابل اغراءات مادية ضخمة تماما كما حصل مع تركيا.

وعليه، نجد في الخلاصة ان استعمال ورقة النازحيين تهدف إلى تحقيق امرين الاول هو ابقاء الجرح السوري مفتوحاً للابتزاز وممارسة الضغط السياسي، أما الامر الثاني فهو اعاقة اي عملية للانتخابات وخاصه الانتخابات الرئاسية في سوريا في محاولة لتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه عسكرياً.

لذلك، فان التطورات المنتظرة القادمة الى المنطقة ستُبْقي كل المتآمرين على عجزهم وسيُثبت النازح السوري انه بات اكثر تعلقاً بارضه ووطنه وبالرئيس بشار الاسد رئيسا للجمهورية العربية السورية لاستعادة كرامته التي هُدرت من قبل تجارة الانسانية التي سترتد على اصحابها بالخسران والخذلان ولعنة التاريخ.

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.