النفط يُلهب الصراع على وزارة الطاقة: لبنان يتفوّق على إسرائيل في مخزونه «الغازي»

east-meadleeast-petrol-map1

صحيفة السفير اللبنانية: 
لم يحجب دخان الأزمات الداخلية والملفات الساخنة الحقائق النفطية والغازية التي تنبعث من عمق المياه اللبنانية، وتكتسب «الاعتراف الدولي» من شركات عالمية متخصصة. وأغلب الظن، أن الحقول المكتَشفة ستترك ظلالها بشكل أو بآخر على مخاض تأليف الحكومة، بعدما حوّل الغاز وزارة الطاقة الى «أم الوزارات»، وجعلها مادة اشتباك سياسي مبكر بين «التيار الوطني الحر» وأطراف أخرى، تضع نصب عينيها هذه الحقيبة الغنية، تحت عنوان المداورة بالحقائب. ومن هنا، تبرز أهمية تحصين هذه الثروة وحمايتها ليس فقط من الشهية الاسرائيلية المفتوحة، وإنما ايضا من التجاذبات الداخلية التي قد تقلب النعمة الاستثنائية الى نقمة إضافية… ما لم يتم إبعاد براميل البارود عن براميل النفط.
في هذه الأثناء، أكد خبير دولي في شركة «سبكتروم» العالمية المتخصصة بالمسوحات النفطية أن احتمالات وجود مكامن غاز في المياه الاقتصادية اللبنانية، أكبر من حقلي «تمار» و«لفيتان» الاسرائيليين، عالية.
وأشار الخبير نيل هدسجون، الذي كان قد شارك في مؤتمر حول الغاز والنفط في لبنان، إلى تقديره بأن الفرصة عالية للعثور على مكامن غاز هائلة قبالة السواحل اللبنانية، بكميات أكبر من تلك الموجودة في «تمار» ولفيتان»، موضحا إنه إذا سارت الأمور على ما يرام فإن بوسع لبنان انتاج الغاز في العام 2019 أو 2020.
وقال هدسجون: في البداية اعتقدنا أن الطبقة الأساسية مقابل الساحل اللبناني مشابهة في عمرها لتلك الموجودة في «تمار» و«لفيتان»، ولكننا اكتشفنا أن هناك طبقتين، وهذه فعلاً أخبار طيبة. وأضاف: في الطبقة الأدنى مكامن أكبر للغاز الطبيعي، والأهم أن استخراج الغاز منها أسهل. وفي منطقة تفتيش تمتد على ثلاثة آلاف كيلومتر مربع، قدر هدسجون أنه بالإمكان العثور على كميات غاز تتراوح بين 30 و40 ترليون قدم مكعب. وللمقارنة فإنه يوجد في «تمار» عشرة تريليونات قدم مكعب، وفي «لفيتان» 17 ترليون قدم مكعب.
وبغية الوصول إلى الطبقة العليا، ينبغي الحفر بعمق 3,5 كيلومترات داخل البحر، أما للوصول إلى الطبقة الأدنى فيجب الحفر لعمق ستة إلى سبعة كيلومترات. ووفق هدسجون، فقد تم رسم خرائط 70 في المئة من منطقة الاكتشافات عبر استطلاعات سيمولوجية ثلاثية الأبعاد توفر صورة دقيقة.
وتنوي شركة «سبكتروم» إكمال رسم خرائط 95 في المئة من المنطقة، وفي الأسبوع المقبل ستشتري العتاد اللازم لذلك.
حقل «تمار»
في غضون ذلك، تضاربت الأنباء أمس، حول ما إذا كان ضخ الغاز من منصة «تمار» البحرية قد توقف أم لا، الأمر الذي قاد إلى خسارة أسهم الشركة حوالي اثنين في المئة. وفي حين شددت شركة «تمار» على أن الغاز لم يتوقف البارحة، أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن ضخ الغاز توقف لمدة تزيد عن 40 دقيقة جراء عطل في مضخات المنصّة.
وكانت شركة «نوبل إنرجي» قد أفادت مطلع الشهر الحالي، أن ضخ الغاز من حقل «تمار» يومياً يصل إلى 300 مليون قدم مكعب. كذلك، رفعت الشركة تقديرها لكمية الغاز في الحقل من تسعة ترليونات قدم مكعب في الماضي إلى عشرة ترليونات قدم مكعب الآن. وأضافت الشركة أنه حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي سيتم ضخ ما يقرب من مليار قدم مكعب من الغاز يومياً.
ولم يتم التعامل مع الخلل في منصة «تمار» على أنه أمر عادي، خصوصاً أنه لم يمض وقت طويل على بدء ضخ الغاز من الحقل. فقد أشار معلقون إلى أن الخلل يعني نقص نبضات في قلب المشروع، الذي ينظر إليه كرافعة مركزية للاقتصاد الإسرائيلي، فقد سُجل انخفاض بأكثر من 50 في المئة في وتيرة ضخ الغاز من حقل «تمار». ولكن شركة «تمار» تنفي كما سلف، في حين أن الشركة الحكومية المشغّلة لخط الغاز البري أكدت وقوع الخلل، وأن الأمور عادت إلى طبيعتها بعد 45 دقيقة من التوتر. وتجدر الإشارة إلى أن الغاز من حقل «تمار» يمر في أنبوب بحري يمتد بطول 150 كيلومتراً من الحقل إلى المنصة، وبطول 30 كيلومتراً من المنصة إلى البر. ولكن الغاز يضخ بعد ذلك من جنوب فلسطين المحتلة إلى شمالها.
وفي مقابلة مع صحيفة «غلوبس» الاقتصادية الإسرائيلية، قال مدير عام شركة «وودسايد» الأسترالية، بيتر كولمان إنه قلق من العراقيل التي توضع أمام اتخاذ الحكومة الإسرائيلية قراراً حول تصدير الغاز، ومن الأصوات الداعية لتغيير توصيات لجنة «تسيمح» بهذا الشأن.
وكانت «وودسايد» قد أعلنت نيتها في شراء 30 في المئة من امتياز حقل «لفيتان» بمبلغ 1,25 مليار دولار. وأكد كولمان رغبة شركته في إنجاز الاتفاق النهائي حول ذلك في الأشهر القليلة المقبلة.
الحدود البحرية
وبينما يصعد لبنان تدريجيا سلم الدول النفطية، يستمر جزء من حدوده البحرية، لاسيما مع فلسطين المحتلة، أسير الأطماع الاسرائيلية، الامر الذي يحرمه من فرصة استثمار الثروات الموجودة في المنطقة المتنازع عليها، والبالغة مساحتها 865 كلم مربعاً.
وفي سياق متصل، قال رئيس الوفد اللبناني المتابع لملف الحدود البحرية اللواء عبد الرحمن شحيتلي لـ«السفير»، إنه من المؤسف عدم مواكبة اكتشاف حقول الغاز في المياه اللبنانية واطلاق آلية المناقصات والتنقيب بالجهد السياسي المناسب لحسم الحدود البحرية، وتكريس حق لبنان في المساحة المتنازع عليها مع العدو الاسرائيلي والمقدرة بـ865 كلم مربعاً من المنطقة الاقتصادية الخالصة.
ولفت شحيتلي الانتباه الى ان الحكومة المرتقبة للرئيس تمام سلام يجب ان تركز على تحريك هذه القضية في المحافل الدولية والضغط في اتجاه إيجاد حل لإشكالية الحدود البحرية، على قاعدة تثبيت حقنا في كامل المنطقة الاقتصادية، منبها الى ان التراخي الحاصل يكاد يحول المساحة المتنازع عليها، مع مرور الوقت، الى مساحة مهملة ومنسية، بكل ما تحويه من ثروات طبيعية. ودعا الى تشكيل هيئة خاصة، قائمة بذاتها، بعيدة عن الحسابات الطائفية والسياسية، وتكون مسؤولة عن متابعة ملف الحدود البحرية.
«نصيحة» هوف
وكان السفير الأميركي الأسبق فريدريك هوف قد شدّد على أهمية أن يبادر لبنان إلى البدء بعملية التنقيب عن الغاز في المتوسط، خصوصا أن مساحة المنطقة التابعة للبنان وغير المتنازع عليها هي نحو 22000 كلم مربع، في حين أن المنطقة المتنازع عليها تبلغ فقط 865 كلم مربعاً.
واشار هوف ـ الذي تولى في المرحلة الماضية التنسيق بين لبنان واسرائيل في ملف النفط والغاز- إلى أن إسرائيل ستبدأ قريباً باستخراج الغاز في مساحة تبعد 40 كيلومتراً عن المنطقة المتنازع عليها. وأضاف في حلقة حوارية مغلقة مع عدد من الصحافيين والباحثين اللبنانيين: لا توجد صيغة حسابية أو اتفاقات دولية محددة لرسم الحدود البحرية في العالم وبالتالي لفض النزاع اللبناني ـ الإسرائيلي، ولذلك يمكن للجانب اللبناني أن يبدأ العمل في المناطق التابعة له والاستفادة من هذه الفرصة، وترك الخلافات مع إسرائيل جانباً، خصوصا أن هذه الخلافات الحدودية حول مناطق بحرية مشتركة، موجودة في دول كثيرة في العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.