الوهابية القديمة الجديدة

jaafar-sleem-wahabiya

موقع إنباء الإخباري ـ
جعفر سليم*:
يحار المرء من أين يبدأ الكتابة عن الجرائم الوهابية وأصحاب هذا الفكر التفكيري الاسود. ففي كل مرة يحمّل الجلاد الضحية مسؤولية جرمه، وكأن الضحايا زهقت أرواحهم نتيجة عملية انتحار جماعية مارسوها بملء إرادتهم، وهم من خمس عشرة دولة، واختاروا توقيتا واحداً في يوم واحد لرسم مشهد النهاية المأساوية لحياتهم، وهم يلبسون اللون الأبيض كلون قلوبهم البيضاء.
في العام 2006 م عندما شن العدو الصهيوني عدوانه الكبير على لبنان وشعبه، خرج علينا ولاة الأمر الوهابي وقالوا “إن هناك جماعة من اللبنانيين تغامر بمصير لبنان ويجب محاسبتهم”.
وفي العام 2008 م شن العدو الصهيوني عدواناً ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وخرج أنصاف الرجال وأصحاب شعار الذل والهوان ليقولوا: “هناك جماعة فلسطينية تقامر بمصير الفلسطينيين”. ولم ينقصهم في الحالتين سوى إدانة “اعتداء” الجماعتين على أسيادهم الصهاينة.
في اليمن تنقل وسائل إعلام العالم ـ عن المؤسسات الإنسانية، المحلية منها والدولية ـ حجم الكوارث التي يسببها القصف السعودي المستمر منذ ستة أشهر على المدنيين اليمنيين، ومع ذلك تجد وسائل إعلامهم تمعن في التزوير وقلب الحقائق، وتدّعي أن الضحايا سقطوا بفعل اقتتال داخلي، ويدسّون السم في العسل في أخبارهم عن سوريا والعراق والبحرين.
هذا الفكر الوهابي العدواني الإجرامي له شبيه واحد وهو الفكر الصهيوني، ففي العام 1924 م اجتاح الوهابيون الحجاز فسفكوا فيها الدماء البريئة وهدموا المقامات الشريفة وارتكبوا من الفظاعات أقصاها، وقُتل في الطائف وحدها ما يقارب ألفا مسلم بينهم العلماء والصلحاء والنساء والأطفال. وفي حادثة أخرى قتل الوهابيون اتباع المذاهب الأخرى (الحنفي ـ المالكي ـ الشافعي) داخل الحرم المكي، لا لسبب، سوى لأنهم يقيمون حلقات العلم والتدريس وصلاة الجماعة منفردين.
ليس غريباً على فكر تكفيري كهذا، يحكم اليوم في بلاد الحرمين الشريفين، أن يضيف إلى سجل إجرامه جرائم جديدة، من خلال إباحة دماء المسلمين في أطهر بقاع الأرض، لا بل التحريض على القتل في بلاد العالم، والشواهد كثيرة، ومنها بشكل فردي ومنها الجماعي.
هناك شاب سعودي يدعى علي النمر، كتب قبل أشهر على صفحته في وسائل التواصل الاجتماعي أنه يريد الإصلاح والتغيير في بلاده، ومن وقتها لا يزال في السجن منتظراً تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقه.
جماعياً، لا ننسى ما حصل في العام 1979 م، عندما اعتصم جهيمان العتيبي ومعه عدد من الأشخاص داخل الحرم المكي، فما كان من النظام الوهابي سوى الاستعانة بقوات فرنسية من النخبة لاقتحام الحرم وقتل العتيبي ومن معه.
أخيرا وليس آخرا، أما آن لهذا الحقد الوهابي على أتباع المذاهب الإسلامية، من سنّة وشيعة، أن ينهي تسلّطه على أطهر بقاع الارض، لحماية ما تبقى من تراث اسلامي بعد هدم بيت الرسول الأكرم (ص) وقبور الصحابة.
إن القتل واستباحة الحرمات هو إفراز طبيعي للتعصب الوهابي المقيت، ولن ينتهي إلا مع انتهاء وجود هذا الفكر الأعمى.
رحم الله الضحايا الشهداء الذين سيبعثون يوماً كما عرجوا بلباسهم الأبيض لمواجهة قاتلهم الأسود القلب والعقل.
*عضو اتحاد كتاب وصحافيي فلسطين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.