اليمن: ثورة شعبية ثانية… وتخبط محلي- إقليمي بحثا عن الحلول

zeinabhammoud-yemen-newevolution

موقع إنباء الإخباري ـ
زينب حمود:
لا يبدو أن السلطات اليمنية أخذت الضوء الأخضر بعد من الدول الإقليمية لإقالة حكومة باسندوة وإشراك حركة أنصار الله في حكومة ” كفاءات” جديدة.
الحاصل اليوم في اليمن، هو محاولة لتقويض الثورة الشعبية عبر إرضاء أنصار الله بمجموعة من المكاسب السياسية، في ظل إستمرار سياسية التجويع للشعب الغارق في الفقر أصلا. إلا أن تلك المحاولات لم تفلح، خاصة بعد فشل الرئيس اليمني عبد ربه هادي في إدارة الأزمة، إنطلاقا من منصبه كرجل أول للدولة، وبقيت قراراته رهنا بالإملاءات الخليجية، وبعد تأكيد أنصار الله أن لا مساومة على المطالب الثلاثة… إلغاء قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، إقالة حكومة باسندوة، وتنفيذ توصيات مؤتمر الحوار الوطني.
إذا، لا تزال الإعتصامات والمخيمات المقامة في العاصمة اليمنية مستمرة. والحديث عن إجراءات تصعيدية هو سيد الموقف.
وفي المشهد المقابل، ينظم حزب الإصلاح اليمني تظاهرات داعمة لقرار الجرعة السعرية وداعية إلى الإصطفاف الوطني، في صنعاء وعدد من المحافظات، الأمر الذي ولد مخاوف عند القوى السياسية الداخلية والإقليمية من أي إصطدام بين الطرفين قد تكون تبعاته كارثية، إلا أن الحوثيين حافظوا على سلمية تحركهم حتى الآن.
على صعيد التحركات السياسية، لجأ هادي في البداية إلى إرسال وفد خاص إلى سلطان عمان قابوس بن سعيد للعب دور الوسيط من جهة، وعمد إلى تشكيل لجنة رئاسية للتفاوض مع السيد عبد الملك الحوثي والوصول إلى تسوية أو إتفاق. إلا أنه ومنذ اليوم الأول لتشكيل اللجنة، لم تكن التصريحات تبعث على الخير والتفاؤل. إذ قال مستشار الرئيس اليمني فارس السقاف أن مفاد الرسالة التي تحملها اللجنة هي دعوة الحوثيين إلى الحوار والتعقل والمشاركة في حكومة وحدة وطنية، وأكد أن لا تراجع عن قرار الجرعة السعرية، معتبرا أن الحوثي يستثمر معاناة الناس لتحقيق مكاسب سياسية.
وما كان متوقعا، وقع. وبعد العديد من التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن التوصل إلى إتفاق بين الطرفين، قال المتحدث باسم الوفد الرئاسي عبد الملك المخلافي أن اللجنة عادت من صعدة إلى صنعاء خالية الوفاض، واعتبر أن الحوثيين مبيتون للحرب ورفضوا كل المقترحات التي قدمت إليهم. فيما أكد الناطق الرسمي باسم الحركة محمد عبد السلام أن اللجنة الرئاسية تحمل رسالة بالإستجابة للسلطة من دون إيجاد أي حلول واضحة، مضيفا، قدمنا الكثير من البدائل والحلول لإيجاد صيغة تمثل حلا لمطالب الشعب اليمني، إلا أن اللجنة رفضتها.
وبعد فشل ورقة اللجنة الرئاسية، بعث السيد الحوثي رسالة إلى الرئيس هادي تضمنت سبعة مطالب للحركة، أبرزها، إعادة النظر في قرار الجرعة السعرية على المشتقات النفطية، وإغلاق منابع الفساد المعروفة، وإقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة كفاءات تجسد الشراكة الوطنية. وأكد أنه بعد الإتفاق على البنود سيتم رفع المخيمات الموجودة في مداخل صنعاء كخطوة أولية، وحين تشكل الحكومة الجديدة وفق ما تم الاتفاق عليه ترفع المخيمات المستحدثة داخل الأمانة، وعند الشروع في تنفيذ بقية النقاط يتوقف التصعيد الثوري.
إلا أن هادي رد على الرسالة بعبارات رنانة وفضفاضة وقدم حلولا بعيدة كل البعد عن الواقع السياسي اليمني. وبان كأنه لم يتأكد بعد أن ما يحدث في شوارع العاصمة اليمنية، ثورة شعبية لها مطالبها الحقوقية. وتعامل معه على أنه إحتجاجات حزبية يستطيع تقويضها عبر تقديم عروض مغرية لأنصار الله، إذ تحدث هادي عن المشاكل والصعوبات الموروثة منذ عقود وعن الحروب والأزمات المفتعلة التي أعاقت تنفيذ توصيات مؤتمر الحوار، وعرقلت تنفيذ الاصلاحات السياسية والاقتصادية والادارية والقضاء على الفساد المالي والاداري واهدار المال العام. وأكد ضرورة إزالة مظاهر وعوامل التوتر المتمثلة في المخيمات والتجمعات المستحدثة على مداخل صنعاء، وإستكمال تسليم محافظة عمران للدولة ووقف إطلاق النار في محافظة الجوف، حتى يتم الحوار مع الحوثيين للتوصل إلى إتفاق.
وعلى أثر مواقف هادي السلبية، أطل السيد الحوثي على أنصاره من جديد، معلنا عن البدء بخطوات تصعيدية جديدة منذ نهاية الأسبوع المقبل، ومؤكدا أنها ستكون أشد إيلاما. ووصف نظام هادي وحكومة محمد باسندوة بالمجرمين. وقال في كلمة متلفزة له، “حينما تصبح الحكومة اداة من ادوات سحق هذا الشعب وتدمير مستقبله والتآمر على كل المستويات على هذا الشعب فهذه كارثة”، مشددا على أنه ليس من حق أحد أن يُسكت الشعب اليمني ويجبره على تحمل المعاناة دون إحتجاج. وتساءل “هل يحق لشلة من الفاسدين أن يستحوذوا على مقدرات وخيرات ملايين الشعب اليمني؟، وأين تلك المنح الدولية التي تتحدثون عنها بالمليارات، لماذا لم تصل الى الشعب؟.
إذا، يبدو أن المشهد في اليمن لن يعود إلى سابق عهده قريبا. وعلى الدول الخليجية أن تعيد ترتيب أوراقها حسب ما قد يحدث خلال الأيام المقبلة، واستنادا إلى حقيقة أن حركة سياسية لا يستهان بقوتها وشعبيتها بدأت معركة وطنية حاسمة، وهي مستعدة لخوضها مدة طويلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.