انتخابات القبيات البلدية: أمّ معارك هادي حبيش

hadi-hbeish

صحيفة الأخبار اللبنانية ـ
غسان سعود:
معركة «خسارة بشرف» يخوضها عضو كتلة المستقبل النائب هادي حبيش في الانتخابات البلدية في القبيات غداً، بعد تكتل غالبية فعاليات بلدته ليطيحوا الزعامة المستقبلية من أكبر بلدات الشمال المارونية. ويأمل حبيش تقليص الفارق ليقول إنه لم يخسر إلا بسبب انتقال رئيس البلدية المستقيلة والكتائب وجزء من القوات من ضفته إلى الضفة الأخرى

لتنجح في السياسية بحسب الدرس الأول في المدرسة الحريرية لا بدّ من أن تُعيّر من يذكرك بدبكة والدك في احتفالات المبايعة السورية، بالوطنية والاستقلالية وغيرهما. وتتهم وأنت نائب في كتلة المستقبل النيابية خصمك بـ«استعمال المال على نحو كامل». وتدافع عن سلاح حلفائك الجدد وتنتقد سلاح حزب الله. وبدل الاستفادة من تحييد ملف أرض تتهم بالتوسط في عملية بيعها عن المزايدات الانتخابية، يُشهّر شقيقك فايسبوكياً بالمكلف استعادة أرض بحجة عدم قيامه بواجباته على أكمل وجه لاستعادتها.

ويبلغ الطلاق مع الحياء في تلك المدرسة ذروته عشية الانتخابات، فتتصل بمن لا تعرفهم أو لا تعرف عنهم أكثر من أنهم ضدك لتطالبهم بانتخاب لائحتك، على غرار موظف في جهاز حراسة مقر العماد ميشال عون في الرابية، اتصلت به ماكينة حبيش سبع مرات في يومين، وتزفت شوارع خاصة لم يطلب أصحابها تزفيتها.
أن تكون هادي حبيش في مجلس بيروت النيابي ومطاعم العاصمة وتلفزيوناتها فذلك يعني أنك نائب ديناميكي شاب، «سلس» في علاقاتك المتشعبة في الوزارات والإدارات العامة والخاصة، تسحر غمازتاك الكاميرات وتتقن الاستفادة من مارونيتك في تيار المستقبل وكتلته النيابية، لكن بمجرد أن تقطع سيارتك تمثال السيدة العذراء عند مدخل بلدتك الشماليّ حتى تعود «ابن حبيش» الذي تعلم قريته أين كان وشقيقه حين كان أهالي البلدة يستدعون إلى مركز الاستخبارات السورية في البلدة ليحقَّق معهم، وأين كان ووالده يوم كان النائب السابق مخايل الضاهر يلف رقبته بفولار 14 آذار.
بقي النائب السابق مخايل الضاهر بعيداً هنا عن المجلس النيابي دورتين متتاليتين من جراء رفضه الامتثال للأوامر الحريريّة، وخسر الانتخابات البلدية قبل عامين ولم يصبه مكروه. أما حبيش، فيتصرف وحتى يقول إنها «معركة حياة أو موت». وفي حساباته أن خسارته في بلدته تسحب من يد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورقة الدفاع عن شغل حبيش أحد المقاعد المارونية على حساب القوات والكتائب. وبناءً عليه يستنفر النائب المستقبلي: «بوكلين، جرافة، 3 بيك آب وكاميونين». «بحص، تراب أحمر وتراب أبيض ورمل». يستقدم عضو لجنة الأشغال العامة والنقل عدته الشغالة في نهر الكلب الأثري، ولا ينتظر المواطنين أن «يقربوا ع الطيب»: لا يكاد يخرج أحدهم من منزله حتى يُحفّر طريق منزله، يفرش له البحص والرمل في انتظار الزفت: في جويتا فوجئت أسرتان من بيت حبقا بخير سعادته العفويّ. قرب كنيسة مار جرجس، في وقت كان النائب يشتكي فيه لموقع النشرة الإلكتروني من «استعمال الفريق الآخر المال على نحو يرفضه اهالي القبيات»، كانت الطريق إلى منازل ثماني أسر «تبحص». في قلب الوادي بحص جديد، وفي الطريق إلى مطعم المُرغان وقرب منزل عبدو مخول وفي أعالي مرت مورا.
ومن الزفت الموعود إلى التوظيف: يتصل بمن وظفهم أو أسهم في ذلك ليطلب انضمامهم سريعاً إلى ماكينته. ويَرِد من يعملون في شركات يعرف أصحابَها اتصالات من مدرائهم يعلمونهم فيها بوجوب انتخابهم حبيش و«نقطة على السطر»، تقول موظفة في مصرف أصحابه قريبون من قوى 14 آذار. وهدِّدَ في السياق نفسه موظفاً في فندق متنيّ كبير بالطرد في حال عدم التزامه وأسرته بمشيئة حبيش، فيما شريكه في بعض الأعمال رئيس بلدية الضبية قبلان الأشقر (المحسوب على الحزب السوري القومي الاجتماعي) يتصل بالقبياتيين القاطنين في بلدته لسؤالهم ببراءة ومودة شديدة عمّا ينوون فعله، بينما يتعين على صاحب ثلاثة مولدات خاصة تزود القبيات بالكهرباء أن ينقلها على عجل يوم الأحد من المستودع الذي يستأجره إذا أصر على موقفه الانتخابيّ. في منزل النائب السابق مخايل الضاهر، كان يمكن رؤية عنصر في قوى الأمن الداخلي يشهق باكياً أول من أمس من جراء تهديد المقربين من حبيش له بالإبعاد عن فصيلة القبيات حيث يخدم اليوم، إذا زعل «الشيخ» انتخابياً. في ظل حركة مناقلات ضمن القوى الأمنية من المناطق البعيدة باتجاه القبيات، ومن القبيات باتجاه المناطق البعيدة، لم تشهدها بلدة من قبل. وقد استذكر النائب المستقبليّ أخيراً من طرقوا بابه في العامين الماضيين بحثاً عن وظيفة، وأقفله في وجوههم، ليوفر لهم فجأة الوظائف: يتحدث خصومه في هذا السياق عن حسمه أمام خمسة شباب أمر توظيفهم في أحد المصارف، علماً بأن مصدراً في المصرف يؤكد أنه ليس في وارد التوظيف أبداً حالياً من خارج الأشرفية، مع العلم أن ماكينة حبيش المالية والخدماتية تواجه ولأول مرة ماكينة مالية، تكاد أن توازي بقدراتها قدرات حبيش.
ورغم محاولة حبيش إظهار المعركة بداية على أنها عائلية بلدية، لا علاقة لها بموقف كتلته من التمثيل المسيحي في المجلس النيابي وغيره، ومن المؤسسة العسكرية وبيع الأراضي، عاد ليسيسها بعد اكتشافه أن موازين القوى العائلية ليست لمصلحته، فجعلها معركة ضد حزب الله. وبناءً عليه، يفترض بأهالي القبيات الذين يعرفون بعضهم بعضاً جيداً التصديق اليوم أن النائب السابق مخايل الضاهر والتيار الوطني الحر وحزب الكتائب والقيادي السابق في حزب الوطنيين الأحرار جوزف مخايل ورئيس بلديتهم المستقيلة عبدو عبدو وعشرات الناشطين الحاليين في حزب القوات اللبنانية ونحو عشرين عائلة قبياتية يجتمعون تحت مظلة «أرضي هويتي»، ليسوا إلا عناصر في كشافة المهدي، أو جنوداً في فيلق القدس. أما حبيش و«الدبيكة» في باحة مركز الاستخبارات السورية وبعض العناصر المنتسبين حديثاً إلى القوات، فيمثلون قوى «الحرية والسيادة والاستقلال».
قبل عامين كان حبيش محاطاً بالأصدقاء، يتقدمهم رئيس لائحة «أرضي هويتي» والبلدية المستقيلة عبدو عبدو، وثلث الناشطين أقله في ماكينته. كان يضحك من الغربان فوق أسوار النائب مخايل الضاهر وصالونه الفارغ. كان يشير إلى جيبه حين يسأل عن القوات والكتائب. وكان يرى أن بلدية القبيات كما النيابة تحصيل حاصل، المعركة الحقيقية على كرسي رئاسة الجمهورية في بعبدا. مشكلته الرئيسية أن «كان» هذه فعل ينقصه اليوم كل ما لم يتقن النائب العكاريّ الحفاظ عليه.
يمكن غداً أن يشهد مبادرة القبيات قبل سائر الأقضية إلى استعادة مقعد ماروني من كتلة المستقبل لمصلحة القوات والكتائب، بغض النظر عن مصير اقتراح القانون الأرثوذكسي أو التقسيم الذي سترسو عكار عليه في الانتخابات المقبلة؛ الأمر رهن بناخبيها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.