برامج لتخريج “جيش إلكتروني” في روسيا

 

ورثت روسيا عن الاتحاد السوفييتي قاعدة علمية تقنية قوية شكلت أساس التطور العملي اللاحق، لا سيما في مجال العلوم الدقيقة المبنية على الرياضيات. وتمكنت برامج الدولة الإصلاحية التي تسارعت بعد العام 2000 من إعادة النهوض بالقطاعين العلمي والتعليمي بعد أن شهدا تراجعاً دراماتيكياً في تسعينيات القرن الماضي.

منافسات

وتشهد المدارس الروسية منافسات شديدة بين الطلبة للانتساب إلى معاهد الهندسة والبرمجيات المتقدمة، بشكل خاص، ووضعت برامج لإعداد الطلاب قبل سنوات من الانتساب للجامعات والمعاهد، من خلال توفير مدرسين خصوصيين وإقامة الدورات الإضافية وإشراكهم في الأولمبيادات الخاصة.

يسير الاستثمار في إعداد جيل متفوق علمياً بموازاة ثقافة أعداد الطفل لدى الأهالي، من خلال تتبع التخصصات الواعدة في مجال تقنيات الاتصال والبرمجة والتقنيات الرقمية.

يأتي ذلك فيما تواجه روسيا تحديات اقتصادية وعسكرية وأمنية جديدة تدفعها إلى الاهتمام أكثر بتطوير قدراتها في مجال تقنية المعلومات. والأمثلة لا تحصى على ذلك ولكن تكفي الإشارة هنا إلى طلب المخابرات الأميركية مؤخراً من الكونغرس السماح بشن هجمات إلكترونية ضد روسيا رداً على التقارير التي تحدثت عن قرصنتها لحملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة، بغرض التأثير على نتائجها.

مواجهة

وفي ظروف المواجهة السياسية والاقتصادية المتمثلة في فرض العقوبات بهدف التضييق على انتقال البضائع والتقنيات أصبح الاكتفاء الذاتي والتخلص من الاعتماد على الاستيراد، ولا سيما على تكنولوجيا المعلومات، قضية قومية وأكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

وكان قطاع تكنولوجيا المعلومات في روسيا هو الأكثر من بقية القطاعات اعتماداً على البرمجيات المستوردة، والتي تصل إلى 90 في المئة من برامج أنظمة التشغيل وأنظمة إدارة قواعد البيانات. وتعتبر الحكومة أن «الاستقلال» في مجال تقنية المعلومات يشكل أساساً ليس للأمن المعلوماتي لروسيا بل ولأمن البلاد بشكل عام.

وبدءاً من العام 2014 أقر برنامج “مجتمع المعلومات” بهدف استخدام تكنولوجيا المعلومات لمواجهة التهديدات ضد المصالح القومية لروسيا.

تطوير

ويركز هذا البرنامج على تطوير الإنتاج المحلي لقواعد البيانات وتجنب استخدام هذه الشرائح في المراكب الفضائية، وتفعيل البرامج المحلية الصنع لحماية المعلومات، وإنشاء بيئة محلية لتجميع أنظمة التشغيل، فضلاً عن قواعد لبرامج التطبيقات، بما فيها مشغلات البحث ووسائل حماية المعلومات، وتأسيس صندوق وطني للخوارزميات والبرامج.

ورغم أن الشركات الروسية حتى اللحظة لم تتمكن من أن تشكل منافسة حقيقية لشركات تكنولوجيا المعلومات العالمية مثل “غوغل” و”ميكروسوفت”، إلا أن هذا القطاع قطع مراحل متقدمة في إشباع احتياجات السوق المحلية، وارتفع بشكل كبير تصدير البرمجيات الروسية إلى الأسواق العالمية. وفي القطاعين الحكومي والعسكري بدأ العمل منذ سنوات على ابتكار المعالجات الدقيقة.

إجراءات

إضافة إلى ذلك، وإدراكاً منها بأن مكانتها في ظروف العولمة ستعتمد على نجاحها في تطوير قطاع الابتكارات وتكنولوجيا المعلومات وتأمين البنى التحتية اللازمة لها، أقرت الحكومة الروسية في فبراير الماضي “المبادرة التكنولوجية القومية” التي تتضمن حزمة إجراءات تضمن تفوق روسيا في مجال التقنيات بحلول العام 2035، وهو ما يعتبر الآن أولوية سياسة الدولة.

وهذه المبادرة هي “خريطة طريق” إستراتيجية على عدة مراحل تتكون من تشكيل تصور عن المتطلبات والتقنيات والبنى التحتية والتصنيع في العالم بحلول العام 2035، والمكانة التي يجب أن تشغلها روسيا في العالم، والخطوات الواجب اتخاذها بدءً من العام 2018 لضمان التفوق التنافسي للشركات الروسية في العالم.

مبيعات

أصبحت معدلات النمو المرتفعة للاقتصاد واحدة من أهم الإنجازات في السنوات الأخيرة في روسيا، والتي لعبت فيها مبيعات المواد الخام دوراً أساسياً في تقوية الاقتصاد وضخ خزينة الدولة بالعملات الصعبة.
وفي العام 2015 بلغت مبيعات تقنية المعلومات إلى الخارج 6.7 مليارات دولار، بينما بلغت مبيعات الأسلحة الروسية في العام نفسه 14.5 مليار دولار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.