بمناسبة الذكرى الـ72 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية

صحيفة الوطن السورية-

فنغ بياو*:

في الأول من تشرين الأول عام 2021، سيستقبل الشعب الصيني الذكرى الـ72 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، ومنذ تأسيس الصين الجديدة قبل 72 عاماً، حقق الشعب الصيني تحت القيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني طفرة عظيمة حيث وقف على قدميه ثم أثْرى وبدأ يَقْوَى، وتحولت الصين من دولة كانت لا تقدر على إنتاج «لمبة» بسيطة إلى ثاني أكبر اقتصاد وأكبر دولة تجارية وأكثر مقصد استثماري في العالم، وأكبر شريك تجاري لـ120 دولة ومنطقة. بعد المؤتمر العام الـ18 للحزب الشيوعي الصيني الذي عقد في عام 2012، دخلت الصين مرحلة التنمية الجديدة، حيث يشهد الاقتصاد والاجتماع تطوراً أسرع، وتعمل اللجنة المركزية للحزب ونواتها الأمين العام شي جينبنيغ على توحيد وقيادة جميع أبناء الشعب من الحزب ومختلف القوميات، واتخاذ خطة التنمية الخمسية الـ14 والأهداف البعيدة المدى لعام 2035 كخطوط عريضة للتنمية، وتطبيق المفهوم الجديد للتنمية، وتشكيل المعادلة الجديدة التي تعتمد أساساً على الدوران المحلي، فالتكامل بين الدوران المحلي والدولي، ومواصلة تعميق الإصلاح، والدفع ببناء منطقة خليج قوانغ دونغ-هونغ كونغ-ماكاو الكبرى ودلتا نهر يانغتسي الاقتصادية ومنطقة تعاون معمق بين قوانغ دونغ وماكاو في هنغتشين وغيرها من المشاريع الإستراتيجية، أرست جميعها أساساً للتنمية بأعلى جودة. ومنذ اندلاع جائحة فيروس كورونا المستجد في عام 2020، ظلت الصين تلتزم بمبدأ «الحياة أولاً»، وحققت كدولة أولى انتصاراً إستراتيجياً مهماً في المعركة ضد الجائحة. ولمواجهة الصدمات الشديدة الناجمة عن انكماش الاقتصاد العالمي، عملت الصين على مكافحة الجائحة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية العالية الجودة بشكل متناسق، فتجاوز الناتج المحلي الإجمالي في الصين 100 تريليون يوان (حوالي 16 تريليون دولار أميركي) في عام 2020، كما تجاوز معدل الدخل الفردي السنوي 10 آلاف دولار أميركي، وعلى هذا الأساس، ازداد الناتج المحلي الإجمالي في الصين بـ12.7 بالمئة على أساس سنوي في النصف الأول عام 2021.
وبمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني في تموز الماضي، أعلن الأمين العام شي جينبنيغ بكل مهابة أن الصين حققت الهدف المئوي الأول للكفاح ونجحت في إنجاز بناء المجتمع الرغيد على نحو شامل والقضاء على الفقر المدقع لأول المرة في التاريخ، وتحقيق أهداف مكافحة الفقر الواردة في أجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة عام 2030 قبل موعدها المحدد بـ10 سنوات. كما حققت الصين في عام 2021 انجازات باهرة في مجال التكنولوجيا المتطورة، حيث تسير الصين في مقدمة الدول من حيث سبر أعماق البحار واستكشاف القمر والمريخ وبناء محطة الفضاء وتكنولوجيا الكم والذكاء الاصطناعي، وغيرها من التكنولوجيا المتقدمة. لقد دخلت قضية النهضة العظيمة للأمة الصينية مرحلة جديدة من دون رجعة، وستعمل الصين في مرحلة التنمية الجديدة على متابعة الكفاح وتلبية تطلعات شعبها بالحياة السعيدة باستمرار، وتحقيق الرخاء المشترك لجميع أبناء الشعب، كما ستحقق الهدف المئوي الثاني بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الصين الجديدة في أواسط القرن الحالي، أي إنجاز بناء دولة اشتراكية حديثة قوية يسودها الغنى والقوة والحضارة والتناغم والجمال. وفي عام 2021، وفي ظل التغيرات غير المسبوقة منذ مئة سنة والأوضاع الدولية المتشابكة والمعقدة، تتمسك الصين بالقيم المشتركة للبشرية التي تتمثل في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، وتستمر في دفع إقامة نوع جديد من العلاقات الدولية على أساس الاحترام المتبادل والعدالة والإنصاف والتعاون والكسب المشترك وإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، والحفاظ على النظام الدولي القائم على الأمم المتحدة والمبادئ الأساسية في العلاقات الدولية على أساس مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وخلال المعركة الصامتة ضد جائحة كورونا، ظلّت الصين تتحمل المسؤولية المطلوبة، وتتعاون مع المجتمع الدولي من كل الأبعاد، وتقدمت على دول العالم في 5 مجالات: أولاً، تقاسم معطيات الجائحة والتجارب في مكافحتها مع كافة الأطراف، إذ تبنى الجانب الصيني الموقف المفتوح والشفاف والمسؤول وأحاط منظمة الصحة العالمية والدول المعنية بتطورات الجائحة، وأعلن عن التسلسل الجيني للفيروس في اللحظة الأولى، وتقاسم التجارب الفعالة لمكافحة الجائحة مع الدول الأخرى. ثانياً، تقديم كمية كبيرة من المواد الوقائية لكل الدول، ففي هذا المجال، ولغاية الثلث الأول من أيلول الجاري، وفرت الصين الكمامات واللباس الواقي وأطقم الاختبار عبر طريقة المساعدة والتسهيل في الشراء إلى 200 دولة ومنطقة، وحسب الإحصاء الأولي، بلغت المساعدات 320 مليار كمامة و3.9 مليارات لباس واق و5.6 أطقم اختبار. ثالثاً، تقديم مساعدة اللقاح إلى الدول النامية على نطاق واسع، حيث قدّمت الصين اللقاح المضاد لكورونا أو مكوناته بما يزيد على 1.1 مليار جرعة إلى 100 دولة إضافة إلى برنامج كوفاكس، كما تخطط لتقديم ملياري جرعة من اللقاح في غضون العام الجاري، كما أقامت وستقيم الصين قاعدة تعبئة اللقاح أو مراكز إنتاج اللقاح في 15 دولة. رابعاً، إرسال فرق الخبراء من الأطباء إلى الدول الأخرى، فقد أرسلت الصين 37 فرقة من الأطباء الخبراء لمكافحة الجائحة إلى 34 دولة، وكانت أكثر المقاصد الدول الآسيوية والإفريقية واللاتينية. خامساً، طرح إقامة مجتمع الصحة المشتركة للبشرية، حيث طرح الرئيس شي جينبنيغ هذه المبادرة المهمة في آذار عام 2020، الأمر الذي أوضح اتجاه التعاون بين الصين والعالم في المعركة ضد الجائحة، وساهم في بلورة التوافق الدولي على تضافر الجهود لمكافحة الجائحة. ورغم تعرض الاقتصاد العالمي للتداعيات الشديدة بسبب الجائحة، إلا أن الصين أصبحت الأولى من بين الاقتصادات الأساسية العالمية في السيطرة على الجائحة وتحقيق نمو الاقتصاد، وذلك عبر ضخ ديناميكية قوية لانتعاش الاقتصاد العالمي. وفي الوقت نفسه، تستمر الصين في الانفتاح والارتقاء بمستوى الانفتاح تجاه الخارج، وضخ قوة دافعة تساعد في تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات الجائحة. وفي ظل ازدياد العناصر غير المستقرة والمؤكدة في العالم، أصبحت أهمية الاقتصاد الصيني المستقر تجاه العالم أكبر فأكبر.
لقد حافظت العلاقات بين الصين وسورية على التطور السليم والمستقر، ففي تموز الماضي، قام مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي بزيارة ناجحة إلى سورية، حيث أجرى لقاء ومباحثات صريحة وودية ومعمقة مع الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، الأمر الذي دفع بتطوير علاقات الصداقة الإستراتيجية بين البلدين، كما أقام البلدان فعاليات احتفالية بمناسبة الذكرى الـ65 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وتعد الصين وسورية صديقين في الفريق الواحد لإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية وشريكين طبيعيين للتعاون للتشارك في بناء الحزام والطريق، وظل الجانب الصيني يقدم مساعدات بقدر إمكانه إلى سورية بهدف تحسين معيشة الشعب السوري وإعادة الإعمار، كما أجرى البلدان تعاوناً مثمراً في مكافحة الجائحة وآخر في مجال الاقتصاد والتعليم والثقافة وغيرها.
إن البلدين في الوقت الراهن بصدد التشاور حول توقيع «الاتفاقية الإطارية للتعاون في الحزام والطريق»، وحققت كل مشاريع المساعدة مثل اللقاح والرز والباصات تطوراً جيداً.
إن الصين وسورية صديقان وفيان، ويلتزم البلدان بتبادل الدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والهموم الكبرى للجانب الآخر، وأثق بأنه تحت رعاية وإرشاد قيادتي البلدين وبالجهود المشتركة من الجانبين، ستحقق العلاقات الصينية السورية تطوراً أكبر بكل تأكيد، ويحقق التعاون العملي بين الجانبين ثماراً أكثر بكل تأكيد، وستستقبل العلاقات الصينية السورية مستقبلاً أجمل بكل تأكيد.

*السفير الصيني في سورية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.