تل أبيب تقر بهزيمتها أمام شرق أوسط تشكله دول المنطقة وحدها

صحيفة الوطن السورية-

 تحسين حلبي:

أصبح من الواضح أن مضاعفات آخر جولات عمليات المقاومة في الأراضي المحتلة وعبر حدود فلسطين مع لبنان وسورية وقطاع غزة وما رافقها من تطورات الانفراج في العلاقات بين الرياض وطهران ودمشق بدأت تفرض استحقاقاتها على الكيان الإسرائيلي وتجبره على الاعتراف بضعفه وتراجع قوته. ففي تحليل نشره البروفيسور الإسرائيلي إيال زيسير المختص بجامعة تل أبيب بشؤون سورية والصراع العربي – الإسرائيلي في صحيفة «يسرائيل هايوم» في الثامن من نيسان الجاري تحت عنوان: «نظام إقليمي جديد من دون إسرائيل»، يقر زيسير أن «إسرائيل فقدت جزءاً كبيراً من دورها في المنطقة وتراجعت العلاقات بينها وبين واشنطن وهذا ما جعل دول الشرق الأوسط ترى مظاهر الضعف الإسرائيلي، ويخطئ كل من يعتقد أن هذه الدول تضع حساباً لإسرائيل».

 

لا شك أن هذا الاعتراف الواضح لم يأت إلا بعد أن تمكنت سورية من هزيمة مخطط الحرب الوحشية التي أعدتها تل أبيب وواشنطن ضدها خلال عشرة أعوام، وفي تحليله يعبر زيسير الذي ألف كتباً عديدة عن سورية في العقود الماضية، عن مرارته حين يرى سلسلة التطورات والانفراج في العلاقات بين الرياض ودمشق وطهران، ويبين أنها هزيمة للمخطط الذي أعدته تل أبيب وواشنطن لتحويل طهران إلى عدو للعرب في المنطقة، ويعترف قائلاً: إن «من أطلق على طهران ودمشق محور الشر، بدأ يرى الآن أن الدول العربية تعيد العلاقات معهما ليتحول الشرق الأوسط إلى واقع جديد يترك وراءه إسرائيل وحدها».

 

ويبين زيسير أن واشنطن دفعت ثمن هذه التطورات، فتراجع نفوذها ودورها ولم تستطع إيقاف عجلة هذه التطورات فازدادت نتيجة ذلك خسارات إسرائيل.

 

في الاتجاه نفسه يبين البروفيسور ميخال ميلشتاين الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية في جامعة رايخمان الذي يتبع لها مركز هيرتسيليا الإسرائيلي، في تحليل نشره في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية في 15 نيسان الجاري تحت عنوان: «على إسرائيل البحث على المدى الطويل عن مسار جديد» أن «التطورات الأخيرة في المنطقة تدل على تغيرات بنيوية إقليمية عميقة بدأت تفرض على إسرائيل إعادة النظر بالمسار الراهن لسياستها ومراجعة مدى قدرتها أمام الحلفاء والأعداء من أجل تحديد مفاهيمها، لأن ما يجري يؤثر في إستراتيجيتها»،

 

ويضيف ميلشتاين: «إن الاتفاق بين الرياض وطهران ودمشق وإيقاف الحرب في اليمن وعودة الرئيس بشار الأسد إلى دوره في العالم العربي، وعودة التوافق بين دول المنطقة، يثبت انعداماً عميقا بثقة الدول العربية بالولايات المتحدة وسياستها ويؤكد الفشل الذريع لمخططها ضد إيران».

 

يقر ميلشتاين خسائر الكيان الإسرائيلي قائلاً: «وبسبب هذه التطورات بدأت إسرائيل تتكبد خسارة إستراتيجية تزداد خطورتها بعد الانخفاض الحاد بالنفوذ والدور الأميركي في المنطقة كما تلقت إسرائيل ضربة من كل ما كانت تأمله من اتفاقات التطبيع مع بعض الدول العربية فكل شيء بدأ يتراجع الآن».

 

ويقترح ميلشتاين على الحكومة اعتماد سياسة تقوم على أربع ركائز هي:

 

1 – اتخاذ سياسة الهدوء والحذر فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني.

 

2- التركيز على موضوع السلاح النووي الإيراني لمنع اختفائه من الساحة الدولية.

 

3- إنهاء التصعيد العسكري الراهن ريثما تتمكن إسرائيل من ترميم قدرة ردعها ولو كانت بنفس درجة المحافظة عليها كما هي.

 

4- إغلاق ملف الإصلاح القضائي لمنع التصدع في الجبهة الداخلية».

 

ولا شك أن هذه التوصيات استندت إلى الإقرار بأن الكيان الإسرائيلي يمر بوضع غير مسبوق لناحية وضعه المتدهور وعوامل ضعفه على مستوى المنطقة وعلى مستوى علاقاته مع الولايات المتحدة وعلى الساحة العالمية، والركائز الأربع التي يقترحها ميلشتاين هي دعوة للمحافظة على الوضع الراهن الإسرائيلي ومهما كانت عوامل ضعفه ريثما تمر هذه المرحلة الحرجة على هذا الكيان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.