جامعة القرارات السخيفة

jaafar-sleem-arab-league1

موقع إنباء الإخباري ـ
جعفر سليم*:

تاريخ طويل من عمر القمم العربية، كان أولها بمدينة أنشاص في مصر، حيث عقدت القمة في 28 أيار من العام 1946 بدعوة من الملك فاروق في قصر أنشاص بمشاركة الدول السبع المؤسسة للجامعة العربية وهي مصر وشرق الأردن والسعودية واليمن والعراق ولبنان وسوريا. ولم يصدر عن المؤتمر بيان ختامي وإنما مجموعة من القرارات أهمها مساعدة الشعوب العربية المستعمرة على نيل استقلالها وقضية فلسطين في قلب القضايا القومية باعتبارها قطر لا ينفصل عن باقي الأقطار العربية وضرورة الوقوف أمام الصهيونية باعتبارها خطر لا يداهم فلسطين وحسب وإنما جميع البلاد العربية والإسلامية وغيرها من القرارات التي في صلبها فلسطين ومواجهة أي اعتداء داهم.

هذا ما جاء في القرارات المكتوبة بالحبر العلني المقروء، ولكن الأفعال كانت شيئاً آخر، وهذا ما أكدته مذكرة القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني التي وجهها للجامعة العربية بتاريخ 6-4- 1948 وقال فيها:

“السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية، إني أحمّلكم المسؤولية بعد أن تركتم جنودي في أوج انتصاراتهم بدون عون أو سلاح”.

هذه هي حقيقة ترجمة القرارات العربية، وهي ذاتها تتكرر عند أي استحقاق، حيث نجد الخطب الداعمة للشعب الفلسطيني وأطلال الدمار الذي لحق بغزة نتيجة الاعتداءات الصهيونية المتكررة لا زالت كما هي والناس تعيش في خيم بانتظار الدعم الذي لن يأتي.

منذ العام 1948 إلى اليوم تتكرر الأفعال الحقيقية تجاه أي مقاومة عربية في فلسطين ولبنان والعراق واليمن وسوريا ومصر جمال عبد الناصر وهي الدول المؤسسة للجامعة العربية. والتخلي هو السمة الغالبة على وجوه معظم الحكام العرب المتسلطين بقوة الغرب على شعوبهم ومقدرات البلاد والعباد المالية وتبذيرها في أميركا وأوروبا على نزواتهم، ولا تخلو صحيفة من الصحف الغربية من أخبار الفضائح في أندية القمار والدعارة والملاحقات القانونية التي تبدأ من تهم الاغتصاب وصولاً إلى قيادة السيارة مخمورين.

ما بين مؤتمر العام 1996 ومؤتمر العام 2006 مرّت المنطقة بأزمات كبيرة وخطيرة، ولم نجد سوى الدعم السياسي المباشر للكيان الصهيوني والغطاء القانوني لاعتداءاته، لا بل وصل الإذعان إلى درجة رفض توجيه التحية للمقاومة بعد العدوان الصهيوني بناءً لطلب وزير خارجية سوريا، وذهب البعض إلى العكس تماماً حيث حمّلت بعض الدول مسؤولية ما جرى للمقاومة ووصفت المقاومين بـ “المقامرين والمغامرين ويجب محاسبتهم”، ويضاف إلى ذلك الفتوى التي أطلقها مفتي السعودية “يحرم تقديم المساعدة لهؤلاء لأنه عمل يساعد على تقوية شوكة فئة ضالة”.

في ليبيا فوّضت ما يسمى الجامعة العربية حلف الناتو لضربها وبدأ القصف وحصدت نتائجه المجموعات المتطرفة من القاعدة وأخواتها وهنا بيت القصيد، فيما جرى قبل أيام في مؤتمر وزراء الخارجية من وضع المقاومة على لائحة الإرهاب، وله تفسير واحد هو تشكيل غطاء قانوني لأي عدوان صهيوني على لبنان وسوريا والعراق، ويضاف إليها انتخاب صديق الكيان الصهيوني أحمد أبو الغيط أميناً عاماً للجامعة الناطقة باللغة العربية، تمهيداً لإنشاء جامعة الشرق الأوسط وفتح العلاقة مع الكيان الصهيوني قانونياً، والتكامل مع مواقف العدو الداعية إلى القضاء على المقاومة، وهنا يصبح العدو شريكاً في الخندق الواحد مع جبهة الاعتدال لمواجهة الإرهاب المتمثل بزعمهم من تنظيم القاعدة وأخواته والمقاومة في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق ليصبحا وجهين لعملة واحدة وهي الإرهاب متناسين الإرهاب الصهيوني وجرائمه في فلسطين وشعبها المهجر الذي قدّم مئات الآلاف من الشهداء والجرحى في سبيل استرداد الحقوق المغتصبة والعودة إلى الديار.

بالمقابل، نجد الفلسطينيين الصامدين في أرضهم الذين حوربوا من معظم الانظمة العربية منذ العام 1948 بعد فرض الجنسية الإسرائيلية عليهم، كان لهم موقف مشرف من خلال إعلان أحزابهم رفض اعتبار المقاومة مجموعات إرهابية معلنين أنها “حركات مقاومة شريفة” رافضين قرارات القمة الأخيرة.

مؤتمر الخزي والعار والتسلط قدّم هدية قيّمة للعدو الصهيوني وبرر أعماله الإجرامية بحق العرب منذ العام 1936 وضد مقاومة الشهيد الشيخ عز الدين القسام السوري الجنسية والذي قال يوماً “انه جهاد نصر أو استشهاد” .

*عضو اتحاد كتاب وصحافيي فلسطين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.