جوقة المهزومين

جوقة المهزومين

موقع قناة العالم ـ

شاكر كسرائي:

في الوقت الذي توصلت فيه روسيا والولايات المتحدة بعد ثلاثة أيام من المحادثات الى اتفاق يقضي بتدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية تفاديا للقيام بعمل عسكري أمريكي ضد سوريا،

يتحرك وزراء خارجية السعودية والإمارات والأردن للحد من تأثير الاتفاق وهم يزورون العواصم الاوروبية لحث زعمائها على معاقبة الرئيس السوري أو توجيه ضربة عسكرية الى سوريا والتأكيد على «ضرورة تعزيز قوة المعارضة لتتمكن من مواجهة هجمات الجيش السوري»، معتبرين أن «تعنت دمشق يصب في مصلحة الحركات المتطرفة ويهدد الأمن الإقليمي والدولي».

فالوزراء العرب زاروا اخيرا قصر الاليزيه والتقوا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وقد أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس فرنسوا هولاند ووزراء الخارجية السعودي والأردني والاماراتي “توافقوا على ضرورة تعزيز الدعم الدولي للمعارضة الديموقراطية ” في سوريا ” للسماح لها بمواجهة هجمات النظام”.

يبدو ان الرئيس الفرنسي لا يريد ان يقول صراحة للوزراء المهزومين المطالبين بالضربة العسكرية ان جهودكم ستذهب سدى بعد اتفاق روسيا والولايات المتحدة على موضوع الاسلحة الكيمياوية السورية وان تحرككم سوف لن يغير الاوضاع على الارض.

ولكن الوزراء الداعمين للحرب لن يكلوا ولن يملوا من التحريض على الحرب لإشعال المنطقة وهم يصرفون اموال النفط على شراء اسلحة ليقدمونها للارهابيين لكي يقتلوا بها الناس الابرياء ويدمروا البيوت على رؤوس أصحابها.

والصحافة العربية التي ترتزق من اموال النفط لا تزال تؤكد على ضرورة استمرار الحرب في سوريا وها هو صحفي عربي يدعو العرب المعارضين لسوريا تغيير موقفهم من تطورات الاوضاع في المنطقة بعد أن تراجع الرئيس الامريكي عن قراره بتوجيه ضربة عسكرية الى سوريا.

وقال أحد الصحفيين في مقال نشره في صحيفة النهار اللبنانية: “التعويل اليوم هو على فريقين أساسيين: الثورة المقاتلة في الداخل، والدول العربية الداعمة لها بقوة، والتي يبدو أنها اتخذت قراراً استراتيجياً بدعم الثورة بكل الامكانات للانتصار في حرب تحرير ضد النظام السوري. ومن هنا أهمية العودة الى الشعار الذي كنا نرفعه قبل عامين: ادعموا “الجيش الحر”. فلا انتصار ممكناً من دون تقوية “الجيش الحر” ومده بسلاح نوعي يغيّر موازين القوى على الارض، عبر تحييد سلاح الطيران والدبابات من خلال أنظمة صاروخية متطورة غير مكلفة نسبياً”.

ويضيف الصحفي ” يبدو أن ثمة وعياً متزايداً في صفوف الدول الداعمة عربياً ودولياً لأهمية رفع منسوب الدعم العسكري لـ”الجيش الحر” في المرحلة المقبلة. وقد كان لافتاً بدء الأميركيين في تسليم شحنات من السلاح، بعدما سبق أن تلقى “الجيش الحر” شحنات مصدرها دول عربية داعمة، وظهر أثرها على الأرض في كل من درعا وريف حلب في الأسابيع الأخيرة”.

ويرى هذا الصحفي انه بضربة أو من دون ضربة، فالنظام السوري يضعف يوماً بعد يوم، ويتآكل. ونحن هنا لا يساورنا شك في المآل الأخير للمعركة على أرض سوريا: أن الثورة مقبلة على انتصار مهما صار. وبشار الأسد لن يكون جزءاً من مستقبلها حتى لو عقد مؤتمر “جنيف – 2” في الأسابيع المقبلة.

وهكذا نرى بأن بعض العرب الذين كانوا يعولون كثيرا على الضربة الامريكية وكانوا يأملون بسقوط النظام في سوريا ها هم يغيرون اسلوب عملهم وهم يؤكدون الآن على حتمية انتصار المعارضين وسقوط النظام في سوريا إذا ما تم تجهيز المعارضة بالاسلحة الحديثة.

من جهته اعلن الرئيس الامريكي باراك اوباما أن اتفاق الإطار بين وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة، تعد خطوة مهمة وملموسة نحو وضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت رقابة دولية كي يتسنى في نهاية الأمر تدميرها. وقال أوباما “لقد حققنا تقدما مهما لكن لا يزال هناك كثير من العمل الذي يتعين انجازه.”

ويأمل وزراء خارجية كل من السعودية والامارات والاردن الذين يتجولون في العواصم الاوروبية أن تقوم الولايات المتحدة باستخدام تهديدها بالتحرك ضد سوريا لأن اوباما أصر على أن الولايات المتحدة “لا تزال جاهزة للتحرك” إذا فشلت الجهود الدبلوماسية، وأضاف اوباما أن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع روسيا وبريطانيا وفرنسا والأمم المتحدة وآخرين “لضمان إمكانية التحقق من هذه العملية ومن وجود عواقب إذا لم يلتزم نظام الأسد بالإطار الذي تم الاتفاق عليه اليوم.”

ويبدو أن الروس تمكنوا من انجاز الاتفاق، وأقنعوا الامريكان بأن سوريا سوف تلتزم بالاتفاق خاصة وأن الأمم المتحدة اعلنت يوم السبت انها تسلمت جميع الوثائق اللازمة لانضمام سوريا الى معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية وان سوريا ستخضع للمعاهدة بدءا من 14 من اكتوبر تشرين الأول القادم.

وهكذا، رحبت فرنسا وبريطانيا والمانيا بالاتفاق الروسي الامريكي الذي سوف يجنب المنطقة حربا كان يمكن ان تشعل المنطقة ولا يعلم ما ستكون تداعياتها.

واعتبر وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيله ان فرص التوصل الى حل سياسي للنزاع في سوريا ستزيد “بشكل كبير” بعد إعلان اتفاق اميركي روسي حول ازالة الاسلحة الكيميائية السورية.

وقال الوزير الالماني في بيان مقتضب: “في حال اتبعت الاقوال بالافعال فان فرص التوصل الى حل سياسي ستزيد بشكل كبير”. واكد الوزير “ترحيبه بهذا القرار”، مع العلم ان المانيا ترفض اي مشاركة في عملية عسكرية محتملة قد تقوم بها الولايات المتحدة ضد النظام في سوريا.وتابع بيان الوزير ان “السلام الدائم” في سوريا “لا يمكن ان يقوم عبر حل عسكري بل فقط عبر حل سياسي”.

لا ندرى ماذا سيكون موقف جوقة المهزومين ( وزراء خارجية السعودية والامارات والاردن) من الاتفاق الروسي الامريكي الذي وقع يوم السبت، وهل انهم لا يزالون يأملون أن يعود باراك اوباما عن قراره وأن يشن حربا ضد سوريا ؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.