هل يستطيع حزب الله ان يهزم اسرائيل مرة اخرى ؟

hezbollah 1253

وكالة أنباء آسيا- 

خضر عواركة:

حقق حزب الله نصرا عسكريا وسياسيا على المستوى التكتيكي والإستراتيجي في الحرب الأخيرة التي إصطلح على تسميتها بحرب ١٢ تموز ، ومن المهم أن أن نعرف بأن نصره ذاك لم يكن وليد صدفة ولا نتيجة قلة حيلة إسرائيلية.

لا بل أجزم بأنه لو عادت إسرائيل وفعلت كما فعلت وبقوة تعادل أضعاف ما ضربت به في المرة الماضية لأنتصر حزب الله لأن أسباب نصره الأول لا تزال تضمن له نصرا ثانيا وثالثا ورابعا وفق المعطيات الحالية.

فما هي تلك الأسباب التي يستند عليها المقاومون ؟

الإنسان والإعداد النفسي 

أحد أهم الأسباب التي تقف خلف نجاحات المقاومة تكمن في الإنسان المقاوم، أكان مقاتلا أم داعما. وهنا نوضح أمرا بسيطا يعطي صورة عن الموضوع، حيث أن تصريحا عصبيا لسفير إسرائيل في مجلس الأمن خلال الحرب، أوضح الخيبة التي لاقتها كل الخطة الإسرائيلية المعتمدة في الأساس على عامل أوحد وهو الضرب بقوة حتى ينفك الإلتفاف الشعبي وينكشف الحزب بلا جماهيره . ولتتحول هذه الجماهير من المد الذي يرفد المقاومين إلى العبء الأكبر عليهم.

السفير الإسرائيلي خرج بتصريح غاضب يوم مجزرة قانا ردا على إقتحام المتظاهرين لمبنى الأمم المتحدة في بيروت متسائلا: ” لماذا يعبرون عن غضبهم ضد الأمم المتحدة لقد كان عليهم أن يتظاهروا ضد حزب الله “.

إن أي سلاح لا يمكنه أن ينفع في معركة لا يريد الجندي خوضها والهروب المكثف لجنود النخبة الإسرائيليين من مواجهة المقاومة عند أدنى إحتكاك وبعد أول خسارة دليل على ما نقول خصوصا وأن الأمر مثبت بلجنة إسرائيلية وصور ومشاهد تلفزيونية.

في المقابل نجد أن المقاوم يتمتع ببناء نفسي متين جدا يؤهله لمواجهة كل المصاعب ولهذا فأنه من المسلم به بأن مقاتل حزب الله وبشهادة العدو يستشهد ولكنه لا يهرب ولا يترك موقعه مهما تعرض للقصف والتدمير بدون أمر قيادته. ولا زلنا نذكر تصريح السيد نصرالله حين أوضح أن المعركة الأولى في مارون الرأس كانت بمبادرة من قياديي المعركة في الموقع ذاك، وتقديرا منهم للموقف العسكري. وحين أعطوا الإذن بالإنسحاب، لم يتركوا المواجهة طوال المدة التي قدروا بأنهم متفوقون على العدو وقادرون على إيقاع الخسائر به .

هذه الروحية المقاتلة والمضحية إنعكست على المدنيين المساندين للمقاومة،نتيجة للتربية الإجتماعية والسياسية والدينية ونتيجة لكون المقاومين هم أبناء القرى والمدن المستهدفة. فكان الإعجاز العسكري على مستوى توقعات المساندين، فبادلوا التضحيات والفوز بالوفاء والتماهي حتى التضحية بكل شيء غال ونفيس دون تردد مع بعض الإستثناءات التي لم تخرج عن كونها حالات إنسانية طبيعية، ولكن التيار الساحق المتضرر من الحرب، لم يلقي باللوم إلا على العدو ولم يتراجع أو يتهاون في دعمه المطلق للمقاومين . وهم إذ يكرهون الحرب كراهية شديدة، ولكنهم وبالبرهان الساطع مقتنعون بأن لا سلم ممكن مع الكيان الغاصب. وبالتالي لا راحة لهم إلا بالتمسك بالمقاومة وسلاحها وأي طريق آخر هو ضرب من الإنتحار وعودة بقراهم ومدنهم إلى مرحلة الإستبداد الأسرائيلي والتسيب الأمني، فضلا عن إعتبارات دينية وعقائدية تدعم خيار المقاومة بوصفه أمرا يماثل الصلاة والصوم .

الإعداد

إن الإعداد والتنظيم هي صفات يوليها المقاومون إهتماما شديدا، ففضلا عن التدريب المستمر والمتقدم لكل العناصر والمناصرين وعلى أعلى وأقوى مستوياته، إلا أن هناك قطبا مخفية في عمل المقاومة كشفت منها إسرائيل بعض مما لا يروي عطش الفضوليين للمعرفة . فبحسب المصادر الإسرائيلية فإن لحزب الله قدرات الكترونية مكنته من خوض حرب تكنولوجيا كان له الفوز فيها كما على الأرض، وأولها أنه استطاع إختراق الإتصالات العسكرية المشفرة للجيش والمخابرات، كما أنه إخترق شبكات الهاتف الجوال .

ولناحية الإعداد أيضا وأيضا يكفي أن نعرف بأن العشرات من شهداء المقاومة هم من طلاب أو خريجوا كلية العلوم قسم الكهرباء أو الألكترونيك أو البرمجة مما يعني أن قتالهم لم يكن فقط بالسلاح وأن تدريباتهم ليست فقط على إطلاق النار .

من الناحية التكتيكية فإن الطرق العسكرية التي إستعملها الحزب ما هي إلا ثمرة للإعداد وللخبرة التي يتمتع بها . فالملاجيء المعدة للمقاتلين وللمعدات هي الرد على الطائرات أكانت تلك التجسسية أو القاذفة وهي سر نجاح حروب إسرائيل السابقة، بينما في هذه الحرب لم تتعدى خسائر الحزب بالمعدات من خلال القصف الجوي العشرة بالمئة أو أقل. والسبب الرئيسي لذلك هو الإعداد الجيد وفهم الخصم .

فهم العدو ودراسته

واحدة من الأسباب التي خدمت المقاومة في معركتها مع إسرائيل هي إسرائيل نفسها، فالمجتمع الإسرائيلي كما الجيش كما الحكومة تملك تجربة هائلة في التخطيط والتعبئة والإعداد ومعظمها مورس في حروب سابقة ضد الدول العربية وضد الفلسطينيين وضد اللبنانيين . حزب الله درس طوال خمسة وعشرين عاما من معركته مع العدو كل شاردة وواردة تتعلق بمخططات وطرق التفكير والتصرف والإعداد التي يعتمدها هذا العدو، وقد فهم خبراء المقاومة جيدا كيف تضع إسرائيل خططها لدرجة أن هناك في مراكز الدراسات التابعة للمقاومة من يستطيع الإدعاء بأنه يعلم نسبيا أي ردود فعل ستصدر عن القيادات العسكرية والسياسية في إسرائيل وهنا لا يجب ان نحسب على السيد نصرالله كلماته بخصوص أنه توقع أم لم يتوقع الحرب فالقاعدة يثبتها إستثناء وأحيانا يكون الغبي كأولمرت غامضا أكثر من الذكي أي كان لأنه يتصرف بطريقة لا منطقية وضد مصلحته و الحرب خدعة وأحيانا ترك الكلمات تنساب من بين الشفاه يعادل معركة برية طاحنة .

الفهم الذي تملكه المقاومة عن إسرائيل وعن جيشها وقادتها ومجتمعها جعلها تعرف ما هو المطلوب تحضيره وما هي الطرق التي توصل إلى النصر

النجاح في الحرب النفسية والإعلامية

إمتلك حزب الله منذ أعوام التسعينات قدرات نفسية وإعلامية تخدم الحرب النفسية وهي قدرات بشرية ولوجستية ليست المنار والنور إلا أداتين من أدواتها وهنا يجب التمحيص في نوعية المقابلات التي يجريها قادة الحزب مع الصحافيين الأجانب الذين تحول الكثيرون منهم إلى دعاة في حرب الإعلام لصالح الحزب دون أن يشعروا والأمثلة على ذلك كثيرة. كما أن العشرات من كتاب ومعلقي إسرائيل التلفزيونيين يواجهون صعوبة في إخفاء إفتتانهم بالحزب وعملياته وبقادته، رغم الكراهية المطلقة التي يحملونها لهم. وهنا نذكر التصريح الذي أطلقه جنرال سابق في المخابرات الإسرائيلية حين قال:

” تمنيت لو أني كنت أنا من يقود الكومندوس الذي خطف الجنديين في ١٢ تموز إنه عمل محترف جدا” (داني ياتوم ١٣ تموز وكالات).

الأمر الآخر الذي يعد سببا لنجاح الحزب في حربه النفسية ضد إسرائيل هو المصداقية التي أثبتها للمستوطن الإسرائيلي بينما يقدم الجيش والسياسيين الإسرائيليين الدليل تلو الدليل على كذبهم و نفاقهم حتى على مجتمعهم وللأمر اسبابه، فهو يتعلق أصلا بعدم حاجة المقاومة لإخفاء الأنباء عن سير المعركة لأنها بشكل عام هي الطرف الذي يملك إنجازا يتحدث عنه. بينما الطرف الآخر كان يعاني الفشل وبالتالي كان هو من يحتاج لإخفاء إخفاقاته .

والأهم من كل الأسباب السابقة والتي أدت لنجاح حزب الله في حربه النفسية ضد إسرائيل، هو طبيعة الفهم العميق لخصائص المجتمع الإسرائيلي وبالتالي الرسائل الموجهة لذلك المجتمع كانت على الدوام تراعي الدقة في الضرب على نقاط الضعف التي يعاني منها. والجندي الأول في الحرب النفسية تلك هو السيد نصرالله نفسه. فخطاباته ومقابلاته توجه في العادة إلى المناصرين في العالم العربي لتثبيت ثقتهم بالمقاومة وللمجتمع الإسرائيلي لإحباطه .

وقد رصد رئيس قسم علم النفس الإجتماعي في جامعة حيفا أعراضا من الإحباط الجماعي بعد كل ظهور لنصرالله خلال الحرب فهم أي مواطني إسرائيل لا يتقبلون بغرورهم وتعجرفهم أن يخرج نصرالله من تحت القصف والدمار ليتحدث بكل ذلك الهدوء والثقة بالنفس . إنه تماما الأمر المعاكس للذي يتوقعونه من عدوهم وهو ما تمنوا رؤيته على وجوه قادتهم وأن تثبته أفعالهم .

نجاح في الجانب الأمني والمعلوماتي

قد لا أكشف سرا إن ذكرت بأن حزب الله كانت بدايته في المناطق المحتلة بداية أمنية بمعنى أن طبيعة العمل السري للمقاومة تحت الإحتلال تفرض نمطا معينا من الإجراءات التي تمنع الإختراقات. وقد إستمرت تلك النمطية السرية في العمل المقاوم ولا زالت حتى اليوم. و قد أنشأ الحزب في وقت مبكر جهازا أمنيا أسطوريا وهو معني بالإختراقات الخارجية لصفوفه، وبكشف شبكات التجسس التابعة للعدو ولعشرات الأجهزة الشقيقة والصديقة التي تعاون العدو ايضا.

كما أن هذا الجهاز ينسق مع الفرع الأمني للمقاومة والمعني بإختراق صفوف الجيش الإسرائيلي. ولو قارنا بحسب الإعترافات الإسرائيلية بين ما قالت إسرائيل بأن حزب الله يعرفه عن جيشها وعن خططه، وبينما قالت بأنها لم تستطع أن تعرفه عن المقاومة، لتبين لنا حجم الكارثة التي أوقعت بها إسرائيل نفسها حين شنت الحرب على حزب الله .

إن الحزب سرق حقيبة رئيس اركان الجيش سابقا وفيها كل الخطط وأنه في خلال الحرب وجدت القوات الإسرائيلية في موقع متقدم للمقاومة كتيبا يشرح مواصفات وشعارات كل كتيبة وفصيل من الجيش الإسرائيلي، وطرق معرفة كل كتيبة وإختصاصها من شعار يحمله الجنود. كما يبين الكتيب افضل الطرق للإشتباك مع كل كتيبة وخصائص القوة والضعف في جنودها ونوع أسلحتهم ونوعية مهماتهم .
ماذا يعني هذا الإعتراف الإسرائيلي بإنكشاف جيشها أمام المقاومة ؟

يعني بأن للحزب عيون داخل الجيش على أعلى مستوى دون أن نغفل نوعية الدعم السوري الإيراني المخابراتي التي قد يكون الحزب قد حصل عليها ايضا .

ولكن الخرق الاقوى والذي ذكرته المصادر الإسرائيلية أيضا (راجع يوميات الحرب وفق هآرتس الألكترنية بالأنكليزية) هو ما يتعلق بالصور التي يرسلها قمر صناعي غير محدد الهوية لفلسطين المحتلة وتصل درجة وضوحها إلى مستوى عال جدا وخطير وبث هذه الصور يتلقاه الحزب في مركز مختص تابع له كما أكدت الصحيفة الإسرائيلية نقلا عن تقديرات للجيش .

بعض الصور تلك وقعت في يد القوات الغازية بالصدفة وكانت حديثة التاريخ . كيف ومن اين للحزب هذه القدرة وهل هو سطو الكتروني أم قمر تجاري يبيع لمن يطلب ؟ اسئلة لا زالت تحير إسرائيل حتى اليوم .

إضافة لهذه الإنجازات إهتم الحزب كثيرا بإختراق المجتمع الإسرائيلي والجيش والمخابرات عبر عناصر بشرية بإغراءات مادية وخلافها. وهنا لا يظهر للمراقبين إلا جبل الجليد الذي يتمثل في بعض الشبكات التي كشفها العدو وأشهرها لضابط كبير في حرس الحدود، ولكن المطلعين يشيرون إلى بضعة تفاصيل قد لا تلفت نظر غير المختصين، ولكنها تعطي فكرة أكيدة عن المدى الذي وصلت اليه الخبرات الأمنية للحزب في مواجهة إسرائيل .

الإشارة الأولى هي سقوط الصواريخ بدقة متناهية على بعد مترين من خزان للمواد الكيميائية قرب ميناء حيفا بعد تفريغه مباشرة وليس قبل ذلك . وكان رأس الصاروخ منزوع الصاعق، أي أن الصاروخ كان مجرد رسالة صوتية ولكن دلالته الأخرى أن للحزب عناصر تتابع كل شاردة وواردة في حيفا بما فيها التطورات المتعلقة بالمخازن الكيميائية .

الإشارة الثانية هي تلك المتعلقة بتقارير الشرطة الإسرائيلية والتي تؤكد بأن سبعين بالمئة من المخدرات الواردة إلى إسرائيل عبر الجنوب اللبناني تتم مبادلتها بالمعلومات ، وواحدة من الشبكات التي كشفها الشاباك أعطت لعملاء حزب الله كل مافي أيديها من خطط وخرائط للكمائن السرية لإسرائيل على الحدود مقابل المال الذي يمولون به صفقات المخدرات .

وهنا لا يجب أن ننسى أنصارية وفضيحتها بالنسبة للإسرائيليين، حين إستدرج عميل مزدوج للحزب فصيلا من فرقة كمندوس إسرائيلية إلى فخ لم يخرج منه من يخبر بالذي حصل لهم .و قس على ذلك تطور خبرات عمرها أعوام من التراكمات الإيجابية في العمل الأمني للحزب ، مع العلم بأن عدم نيل إسرائيل من أي قيادي في الحزب سياسيا أو أمنيا أو عسكريا من الصفوف الأولى وحتى الدرجة الخامسة يقرأ في الدوائر الأمنية على أنه دليل فشل كبير لكل الأجهزة الإسرائيلية والحليفة لها في إختراق صفوف الحزب والمقاومة . نعم هناك نجاح إسرائيلي في تجنيد عملاء ومخبرين ولكن الأكيد أن أحدا منهم لم يصل إلى أي درجة تنظيمية داخل الحزب . وهذه معجزة في عالم المخابرات ليس لها أي تفسير علمي .

السلاح والإحتراف

من خلال مراقبة الحرب الأخيرة والطرق التي عطل بها المقاومون التفوق الإسرائيلي، يتضح بأنهم وضعوا لكل سلاح خطة منفصلة تؤمن مقابلا له يدمره أو يعطل مفعوله على الأقل، ومن بينها نظم دفاع جوي يملكها الحزب وإستعملها على نطاق محدود في معركة وادي الحجير التي أسقط خلالها طائرة عمودية ولكنه لم يتوسع في إستعمالها لأسباب إحتفظ بها المقاومون حتى الآن سرا .

معظم دول العالم تعترف بتفوق الجيش الإسرائيلي في حرب المدن وفي حرب العصابات، وهي تلجأ إليه ومنها أميركا وبريطانيا لتدريب قواتها على تلك الأنواع من الحروب. وقد سحق حزب الله القوات الأشهر والأكثر خبرة في بنت جبيل ومارون الراس والخيام وبالتالي اقفل سوقا تجاريا أمام إسرائيل لو أن في لبنان دولة تحترم نفسها لأستغلت الأمر في إنشاء كليات ومؤسسات أمنية على الطراز العالمي .

أما سلاح الدبابات الإسرائيلي والرابع عالميا لناحية الكم وربما الأول نوعا فهو يعد مفخرة لكل الدولة الصهيونية إلى جانب سلاح الطيران .

الحرب ألأخيرة أعطت سبقا عالميا وبراءة إختراع لحزب الله عبر تدميره لعشرات الدبابات الإسرائيلية، مما جعل سلاح المدرعات فعليا خارج المعركة وخارج سوق المبيعات التي خسرت إسرائيل منها على الأقل تركيا والهند. اللتان كانت كل منها قد تعاقدت مع الدولة العبرية على تطوير دباباتها بواسطة شركات إسرائيلية في صفقات تبلغ المليارات وكلها ألغيت بعد حرب تموز . سفير تركي في إحدى دول أميركا الشمالية قال معلقا على تلك الصفقة الملغاة قائلا :

” لربما الأفضل لنا أن نشتري المعرفة من حزب الله ونستفيد منها في صنع دبابة تقاوم ما إستخدمه ضد الميركافا ٤ ” .

هذا الإنجاز لا يحسب لروسيا إلا بقدر ضئيل نظرا لنوع الصاروخ الروسي المستعمل (كارنيت ) .

فمهما كانت الصورايخ قوية ومتطورة ، إلا أنه يجب على الدوام أن يعرف الرامي والمدرب والمتدرب متى وأين وكيف وفي أي نقطة يضرب، وبالتالي لكل دبابة تملكها إسرائيل نقطة ضعف لو قصفت في غيرها لما تضررت كثيرا نظرا للإضافات المركبة فوقها تدريعها الأصلي. وهي تتمتع بخاصية إمتصاص الإنفجارات المباشرة مهما كانت درجة قوتها (إرتباطا بقوة الصواريخ الموجودة في العالم ) .

الشيء المؤكد والغير معلن على نطاق واسع هو إمتلاك الحزب لسلاح بحري مضاد للسفن متطور هو سي ١٣٠ الصيني والمطور في إيران، ولكن الأهم أن هذا الصاروخ يحتاج لرادارات بحرية توجهه وتكشف مواقع السفن المعادية ولأن الساعر خمسة المحترقة قبالة بيروت لا يزال ذكرها حيا نعرف بشكل مؤكد بأن حزب الله يملك رادارات بحرية وبالتاكيد هي متنقلة ومحمولة .

القيادة والتحكم و والسيطرة

يوضح تقرير فينوغراد بأن قيادة المنطقة الشمالية لم تعرف بما حصل للأسيرين الإسرائيليين وبأن دوريتهم تعرضت لهجوم إلا بعد مرور أكثر من نصف ساعة وهي مدة كافية ليبتعد الخاطفون إلى الحضن الآمن للبحر المدني خلفهم. مما جعل من المستحيل القيام بعملية إنقاذ تدرب عليها الجيش وحرس الحدود لاشهر لا بل لسنوات وهذا فشل في القيادة والتحكم .

في المقابل وحين ظهر السيد حسن نصرالله على التلفزيون بالصوت ليعلن أنه سترون الزورق يحترق قبالة بيروت بعد دقائق ، و حصل بالضبط ما وعد به . وحين وعد بقصف حيفا حصل ما وعد به وما بعد بعد حيفا حصل ما وعد به، إذا، كانت له سيطرة تثبتها واقعة يعرفها كل الصحافيين الذين تابعوا الحرب في الجنوب . وهي تتعلق بطريقة القصف الصاروخي المنطلق من محاذاة الحدود اللبنانية الجنوبية، وهي المنطقة التي إدعت إسرائيل إحتلالها منذ الأيام الأولى للحرب. ومع ذلك بقيت الصواريخ تنطلق وفي توقيت متناغم ومنسق ومتزامن مع إنطلاق زخات صاروخية من مناطق أبعد شمالا، مما يعني بأن الذي يعطي الأمر هنا يعطي الأمر هناك وبالتالي، فإن الإمداد والتذخير والتبديل والتنسيق والإتصال لم ينقطع ما بين القيادة العليا والوسطى ورجال الميدان . وهي واقعة إعترفت فيها المصادر الإسرائيلية ايضا في دراسة نشرها معهد الشرق الأدنى للشؤون الخارجية .

لماذا لم تستطيع إسرائيل تعطيل الإتصالات التابعة لحزب الله رغم كل تطورها التكنولوجي ؟؟ سؤال يبقى جوابه سرا عند المقاومين أيضا.

القرار السياسي المحترف والذكي

ليس مهما أن حزب الله قصف حيفا ، بل الأهم هو متى وأين ، إنه القرار السياسي الذي يدير المعركة وهو أقوى أو أضعف النقاط التي تسند الجيوش في الحروب .

يقول الكثير من المهزومين نفسيا بأن إسرائيل لو أرادت لأحرقت لبنان بأربع وعشرين ساعة، صحيح …..

وقد فعلت بقدر ما تستطيع ، لأنها لو غيرت ووسعت نوعية قصفها لغير الحزب نوعية قصفه وهنا يجب أن نثني على عقلانية القيادة السياسية للحزب حين تركت طعما للأميركيين إسمه حكومة السنيورة التي بوجودها وضع الحزب حدا لحرية حركة القصف الإسرائيلي، فهو أي الحزب كان يعرف من جهة بأن القوة النارية لإسرائيل كبيرة جدا ومن جهة أخرى هو يعرف بأن السنيورة ومن معه متعاونون مع الأميركي ضد المسار الذي يطمح إليه الحزب للحرب .

ومع ذلك، لم يتحرك المقاومون ضد هذه الحكومة رغم تصرفاتها الإستفزازية لهم ، بل هم شلوا حركتها بقدر المستطاع . وفي نفس الوقت، حموا مناطق واسعة من الإستهداف، وبالتالي منحوا جماهيرهم أمكنة آمنة يلتجأوون إليها واربكوا الأميركيين بعبء يريدون المحافظة عليه وسط حرب تدميرية شاملة .

مثال آخر هو في نوعية الأهداف التي قصفها الحزب مما أبقى في يده أوراقا كبحت جماح الجيش الإسرائيلي. وكمقارنة يمكن تسجيل ملاحظة وهي ان ثلاثين الف ضحية لبنانية وفلسطينية سقطت في إجتياح العام ١٩٨٢، بينما تعادل النيران التي أطلقها الجيش الإسرائيلي على لبنان العام ٢٠٠٧ اضعاف تلك التي إستعملها في حرب العام ١٩٨٢ ومع ذلك سقط ألف شهيد وأكثر قليلا في حرب تموز . وليس ذلك ناتج عن رحمة إسرائيل ٢٠٠٧ وإجرامها ١٩٨٢، بل هو نتيجة مباشرة لصمود مطلقي الصواريخ المقاومين ولقناعة إسرائيل بشكل كلي بأنها كلما ضربت أقسى، كلما تلقت ضربة اشد. وإحراق لبنان كله ممكن، ولكن عليها ساعتئذ أن تتلقى صواريخ مدمرة على مواقع خطرة معروف إحتوائها لخزانات المواد السامة التي من المستحيل نقلها أو حمايتها بشكل مطلق لاسباب عديدة ومعقدة في وقت قصير. وبالتالي فهي تعرف بأن الحزب قادر على إبادة نصف مليون مستوطن ببضعة صواريخ تسقط على خزانات لمواد سريعة الإنتقال وسامة في مناطق تبدا من حدود حيفا إلى جنوب فلسطين المحتلة .

نعم إسرائيل دمرت وقتلت وقصفت وأجرمت ولكن ضمن جرعات إجرامية مدروسة وإنذاراتها لإخلاء المناطق التي تنوي قصفها لم تكن فقط حربا نفسية بل إجراءات وقائية لتحمي مواطنيها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.