خاطرة “أبو المجد” (الحلقة الثالثة والأربعون)

bahjat-soleiman1

موقع إنباء الإخباري ـ
الدكتور بهجت سليمان ـ سفير الجمهورية العربية السورية لدى الأردن:

(صباح الخير يا عاصمة الأمويين.. صباح الخير يا عاصمة الحمدانيين.. صباح الخير يا بلاد الشام.. صباح الخير يا وطني العربي الكبير).

[ زَعَمَ الفرزدق، أنْ سَيَقْتُلَ مِرْبَعاً         أَبْشِرْ بطُولِ سَلَاَمَةٍ، يا مِرْبَعُ ]

[الصراع طويل، لم تَبدأه سورية.. والتفاصيل والضربات الصغيرة، ليست مهمّة في الصراع الطويل]                                   * المناضل الرائع “علي حتّر”

-1-

[ لا بدّ من أن يتنحّى الرئيس بشّار الأسد ]

إنّها كلمة السر التي عمّمتها الإدارة الأمريكية، على أتباعها وأذنابها وبيادقها، وعلى (المعارضة السورية) الملتحقة بها… فهل تعرفون، لماذا؟؟ لأنّ واشنطن، بعد أن أيقنت، أنّ مراهنتها على مختلف فصائل (المعارضة السورية) باءت بالفشل، وأنّ ما كانت تمنّي النفس به، من تقويض الدولة السورية، على يد العصابات الإرهابية المسلحة، وتسليم سورية، لعملاء الناتو، لم يتحقق، وأنّ حساب الحقل، لم ينطبق على حساب البيدر، وأنّ الدولة الوطنية السورية، بشعبها وجيشها وقائدها العملاق، وبمؤازرة شرفاء العرب والعالم، ألحقت هزيمة شعواء، بالمخطط الصهيو- أمريكي، الهادف إلى امتلاك سورية، وأخذها إلى الخندق المتصهين، ولو بتضحيات سورية باهظة جداً.. لذلك، قرّرت (واشنطن) تسويق تلك المقولة البائسة، عن التنحي، والطلب من بيادقها في (المعارضة السورية) المناداة المتواصلة بمقولة (التنحي والرحيل) سواء قبيل الجلوس على طاولة الحوار، أو أثناء الحوار، في محاولة منها لـ:

(١): تغطية هذه الهزيمة التي مُنِيَ بها المخطط الصهيو- أمريكي-السلجوقي- الوهابي- الإخونجي، في سورية.

(٢): منح (المعارضة) وَهْماً كاذباً، بالنصر، يشكّل تعويضاً رمزياً لها، عن إحساسها الحقيقي، بمرارة الهزيمة التي تكبدتها وتتكبّدها، في حربها الشعواء على الدولة الوطنية السورية.

(٣): العمل على وقف عملية الانهيار النفسي الشديد والتداعي المعنوي العميق، الذي انتاب تلك (المعارضة) المرتهنة، قبيل الدخول في الحوار.

(٤): شَدّ عصب هذه (المعارضة) كي تتمكن من الوقوف على قدميها، أثناء الحوار، ولكي لا تبدأ بالحوار، وهي مصابة بحالة مزمنة من الكساح والشلل.

(٥): القيام بكل الجهود الممكنة، لمنع الدولة الوطنية السورية، من دخول الحوار، وهي متمتعة بمنعويات عالية، للتخفيف من الثقة العالية بالنفس، المتأتية من نصرها الميداني، ومن شعورها العميق بالنصر…. وَمَنْ يشكّ بصحّة هذه الأسباب، ما عليه، إلاّ أن يتصفح الآراء والتحليلات، التي قدّمتها بعض مراكز الأبحاث الأميركية، مؤخراً.

-2-

[ بين “المنحبكجيّة” و “المنكرهجيّة” ]

(المنحبكجيّة) مُتّهَمُون بأنّهم (شبّيحة) وولاؤهم لـ (النظام) في سورية، مطلق… حسناً، وما العيب في ذلك؟…. أمّا (المنكرهجيّة) الذين يتجسّدون في (ثوّار الناتو) وفي (عصابات الإرهاب والإجرام) وفي قطعان معارضات الخارج، وبعض معارضات الداخل، وفي المؤيّدين لهم، والمتعاطفين معهم.. فهؤلاء جميعاً، لا يَمُتُّون إلى الحضارة بِصِلة، حتى لو عاش بعضهم في شوارع أوربا، وارتدى أحدث الأزياء، ولا يَمُتُّون إلى العقل بصلة، ولا إلى القانون، ولا إلى المنطق، ولا إلى الأخلاق، ولا حتى إلى الأعراف والتقاليد… وهؤلاء باعوا وطنهم ودينهم، بأثمان بخسة وبأوهام مسمومة، وتحوّلوا إلى أدوات، أرخص من رخيصة، في خدمة كل مَن هبّ ودبّ في هذا العالَم، بشرط أن يكون عدواً لسورية، وللعروبة، وللإسلام المتنوّر، وللمسيحية المشرقية، ولأيّ نهجٍ مستقلٍ أو ممانعٍ أو مقاوِم.. وأعداؤهم هم (الدولة الوطنية السورية) و(الجمهورية الإيرانية) و(حزب الله) وكلّ مَن لا ترضى عنه إسرائيل وأمريكا.. وصار قِبْلَتَهم ومرجعيتهم، كُلُّ مَن ترضى عنه إسرائيل.. ولم يكتفوا بذلك، بل يتجلّى منطقهم الحواري – وخاصةً النخب الإعلامية والثقافية، بينهم – بالغرائزية، والكيدية، والضغائنية، والثأرية، وانتفاء ألف باء المنطق في كل ما يقولونه أو يكتبونه، وبمجرّد أن تسمع أحدَهم، أو تقرأ له، لا ترى مخلوقاً يقول كلاماً، بل ترى ثُعْباناً ينفث سُماً زُعافاً، يوزّعه يميناً وشمالاً.. هذا هو حال نُخَبِهم!!! أمّا الباقون منهم، وهم (القاعدة العريضة) لهم، فكلّ مَن يختلف معهم، حتى بالرأي، يقومون بتكفيره وإباحة دمه، أو بخطفه والتمثيل بجثّته.. وقد فعلوا ذلك بالآلاف من المواطنين السوريين… بينما الموالون للدولة الوطنية السورية، لا يخطفون ولا يكفّرون ولا يقتلون… فمَن هو السوري الوطني والعروبي الحقيقي، والمسيحي الحقيقي، هنا؟ (المنحبكجيّة) أم (المنكرهجيّة)؟! إنّ (المنكرهجيّة) لا يُحبّون أحداً في هذا العالَم، إلّا أنفسهم، وباعوا وطنهم ودينهم ودنياهم، وسوف يبيعهم أسيادُهم ومشغّلوهم، في أسواق النخاسة، عندما سيصلون قريباً، إلى المرحلة التي يتأكّدون فيها، أنّ هؤلاء (الثوّار المزيّفين) وأضرابهم، صاروا عبئاً ثقيلاً عليهم… ثم، هل هناك مجال للمقارنة، بين مَن (يحبّ) ومَن (يكره)؟؟!!.

-3-

[ تقارير استخبارية إسرائيلية خاصة ] تتحدّث عن احتمال القيام بـ[ عملية تستهدف حياة الرئيس بشار الأسد ]

[ (مركز الدراسات الأميركية والعربية، في تقريره الأسبوعي) يقول بأنّ (الغارة الإسرائيلية على مركز الأبحاث العسكرية في ريف دمشق، كانت عملاً تدريبياً على اغتيال الرئيس بشار الأسد) ]

إنّ هذه التسريبات، لا تعدو، كونها جزءاً من الحرب النفسية الطاحنة المتواصلة على سورية، منذ سنتين، ويدرك أصحابها في المحور الصهيو- أطلسي، أن ّأيّ عملية من هذا النوع، سوف تؤدي، حكماً، إلى تحويل المنطقة، بكاملها، إلى (أبو كاليبس)، إلى ما يشبه (يوم القيامة)، ولا علاقة للرئيس الأسد، بذلك، ولم يناقشه، بل ولم يبحثه مع قياداته العسكرية…. ولكن هذه القيادات العسكرية، نفسها، لن تنتظر، حينئذ، أمراً من أحد، وسوف تصبّ كل ما في جعبتها، وكل ما تحتوي عليه، ترسانة سلاحها العسكري الاستراتيجي، سوف تصبّه على (إسرائيل) من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، لقناعة تلك القيادات، أنّ كل ما جرى ويجري في سورية، هو تنفيذ لمخطط صهيو- أميركي، عبر أذنابهم وأدواتهم.. ولأنّ المحور الصهيو- أميركي، يدرك ذلك جيداً، فإنه لم يقدم على تلك الخطوة، لأنه يعرف أنها سوف تؤدي إلى تدمير كامل المنطقة… ولذلك، فَلْتتوقف تلك الأبواق المأفونة، عن استخدام هذه الفِرْية، في حربها النفسية، على الدولة الوطنية السورية.

-4-

كم بَرْهَنَ ويُبَرْهِنُ الساسةُ الأوربيّون والأمريكان، عن جهلهم، للوجدان العربي السوري وللعقل العربي السوري.. عندما يُصْدِرون سلسلة متلاحقة من التصريحات المطالِبة

بـ(تَنَحّي الرئيس الأسد).. ويبدو أنّ سفاراتِهم ومراكزَ دراساتهم وأذنابَهم، لم يُعْلِمُوهم، بأنّ هذا النوع من المطالبات (الغبيّة) يؤدّي، حُكْماً، إلى زيادة تشبّث الشعب السوري، بالرئيس بشار الأسد، وإلى ارتفاع شعبيته بين صفوف السوريين، الذين يرفضونَ أن يُمْلي عليهم أحدٌ في الدنيا، ما يجب أن يَفعَلوه وما يجب أن لا يفعلوه.

-5-

لأنّ الرئيس (بشار الأسد) أراد، منذ تسنّمه سدّة الحكم: (الحفاظ على نهج المقاومة والممانعة) و(بناء دولة مدنية معاصرة) في وقت واحد، تحرّك المحور الصهيو-أمريكي، وأذنابه، لمنعه من ذلك، بمختلف السبل والوسائل الممكنة لديهم.. فنجحوا في الثانية، وفشلوا في الأولى.. ومنذ سنتين، وهم يقومون، بكل ما يستطيعون من قوة، لتحقيق الهدف الأول، الذي فشلوا في تحقيقه، سابقاً… ولكن الرئيس الأسد، مدعوماً من شعبه وجيشه، ومن شرفاء العرب والعالم، سوف يجعل من تلك الحرب الكونية الشعواء، على سورية، جسراً لـ(بناء الدولة المدنية المعاصرة) و(لتعزيز نهج المقاومة والممانعة) في وقت واحد، رغم أنف المحور الصهيو- أمريكي، ورغم أنف أتباعه الأطلسيين، وبشكل خاص، رغم أنف أذنابه، في مشيخات ومحميّات نواطير النفط.

-6-

مَن يطالب سورية، بإعلان الحرب على (إسرائيل)، يطالبه السوريون، بإقناع أسيادِهِ، في (محور الاعتدال !!!! العربي!!!!!)، أن يتوقفوا – على الأقل – عن التحالف مع (إسرائيل) وعن التبعية لحلف الناتو، الحليف الأكبر لإسرائيل.. لكي يصدّقه السوريون، أنه جادّ في تلك الدعوة… بل ويُعْفِيهِ السوريون، حتى من دعوة أولئك (المعتدلين: المعتلّين) للانضمام إلى تلك الحرب، في مواجهة (إسرائيل) ولا يطالبهم، سوى بالوقوف على الحياد في تلك الحرب، والتوقف، فوراً، عن تأمرهم على سورية…. فهل هذا كثير؟؟!!!!

-7-

ســــــــؤال؟

هل يخطئ، مَن يرى، أنّ المواقف السياسية، لمعظم فصائل المعارضة السورية، لا تعتمد على قوّتها الذاتية، بِقَدْرِ ما تعتمد على:

(1)           حجم الخراب والدمار، الذي أَلْحَقَتْهُ وتُلْحِقُهُ العصابات المسلّحة، بالشعب السوري والدولة السورية.

(2)           حجم وعمق واستمرارية الدعم الذي تتكفّل به أمريكا ودول أوربّا وتركيا ومشيخات الخليج.

(3)           المراهنة على تأثير العاملين السابقين على الدولة السورية، من أجل ابتزازها ودَفْعِها إلى التجاوب مع طلبات تلك المعارضة.

السؤال؟.. مُوجَّهْ لكم:

-8-

[ الإسلاميّون.. وأميركا ]

هل بقيت ذرة شك، في نفس أحد، بأنّ (الإسلاميين) أداة أميركية بامتياز، بعد أن جرت فبركة (الوهّابية) و(الإخونجية) في المصانع الاستعمارية البريطانية، وبعد أن تحوّلوا إلى استثمارة أميركية، بامتياز.. وكل أداة أميركية، في هذا العالم، تتحوّل، أوتوماتيكياً، إلى أداة صهيو-أميركية (فالأمريكان والصهاينة: مو قاسمين شيء، حتى اللي حرمه الله). وأميركا تستخدم (الإسلاميين) وخاصة القاعدة والقطبية الإخونجية، وأخواتهما وبناتهما) انطلاقاً من ثقتها، بقدرتهم على التدمير، ومن انعدام ثقتها، بقدرتهم على التدبير، ولذلك استخدمتهم وتستخدمهم وستستخدمهم سلاحاً فعالاً، ضد أعدائها وخصومها، في مختلف أنحاء المعمورة.. و(الإسلاميون): هم مصطلح وتعبير سياسي، يتلطّى وراء الدين، ويستخدمه، لأهداف سياسية، حصراً، وإن كان هناك فصيل محدود منه، يستخدم الدين، لغايات إيجابية وطنية كـ: (حزب الله) وكـ: (الجهاد الإسلامي) حتى الآن، وكـ: ( حماس) سابقاً.. وأمّا، معظم الأشكال والتشكيلات (الإسلامية ) الأخرى، فقد استخدمت الدين، وجرى، استخدامها واستثمارها، لغايات سلبية هدّامة، تصبّ في خدمة الاستعماريين، القدامى والجدد… أمّا (المسلمون) فأمر آخر، وهم تعبير ديني عن مئات ملايين المسلمين في هذا العالم.

-9-

(مثقفو الناتو) و(إعلاميو المارينز) و(ناشطو منظمات التمويل الأجنبي) لا تثريب عليهم!!!! في موقفهم المخزي من سورية، فهؤلاء يؤدّون (واجبهم) الوظيفي المُناط بهم….. ولكن العتب الكبير، هو على مثقفين وإعلاميين وباحثين، كانوا محسوبين على الخط الوطني والنهج القومي والتفكير المستقل غير المرتهن، عندما ضيّع بعض هؤلاء، السمت، وأخطؤوا الاتجاه، في بداية الأزمة السورية، حينما توهّموا أنّها (ربيع) أو (انتفاضة) أو (ثورة)…. وعلى الرغم من ظهور آلاف الحقائق الدامغة والوقائع الفاقعة، التي أظهرت حجم المخطط الاستعماري الدولي العدواني، على سورية، عبر أتباعه السلاجقة، وأذنابه من نواطير النفط والغاز، وبواسطة أدواته القذرة من (الوهّابية) و(الإخونجية) وشقيقاتها وبناتها وأحفادها وحفيداتها، بدءاً من (القاعدة) و(طالبان) و(جند الشام) و(الطليعة المقاتلة) إلى مئات شراذم العصابات المسلّحة، العاملة معها، على الأرض… عندما بدا جلياً، الحجم الهائل للخراب والدمار والدماء والأرواح، الذي تسبّبت به، بحق الشعب السوري والدولة السورية….. على الرغم من ذلك، لا زال العشرات من هؤلاء المثقفين والإعلاميين والباحثين، يتأرجحون في مواقفهم، بين (الحق) و(الباطل) ولا زالوا يقاربون الأزمة السورية، باستحياء أو بخجل، وعبر توزيع (اللوم) على(الطرفين!!!!)، لا بل، وأحياناً، عبر تحميل الدولة السورية، القسط الأكبر من المسؤولية (الأمر الذي يبرّر للعصابات المسلحة، ومن وراءها، جرائمهم الكبرى، عبر اعتبارها، ردة فعل، وليس فعلاً، وعبر اعتبارها دفاعاً، وليس هجوماً!!!!!)…… والسبب الأهم، لموقفهم، هذا، غير المنصف وغير الموضوعي، هو عجزهم عن الاعتراف بخطأ رؤاهم واستقراءاتهم، في البداية، وإصرارهم على (معصوميتهم!!) وضعفهم أمام (تضخّم الأنا) لديهم، عبر قناعتهم، بأنّ تراجعهم عن مواقفهم الخاطئة، يعني (إمساكهم بالجرم المشهود) بأنّهم أضاعوا البوصلة وانحرفوا في الاتجاه الخاطئ، الأمر الذي أدّى بهم، إلى وضع أنفسهم – من حيث لا يحتسبون – في خانة أعداء الشعوب وأعداء (الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان) في المحور الصهيو- أميركي، الذي يرفع هذه الشعارات، تمويهاً وتضليلاً، لإعادة استعمار الشعوب والهيمنة على قرارها السياسي ومقدراتها الاقتصادية………. باختصار:(التراجع عن الخطأ، فضيلة) والإمعان في ارتكاب الخطأ، يقود أصحابه، إلى اقتراف(الخطيئة) التي لا غفران لها.

-10-

(المراهقة السياسية) و(الطفولية الإعلامية) في مقاربة الحرب الصهيو-أمريكية، على سورية:

من المعروف عن (المراهق)، انه يغرق في أحلامه وأوهامه، إلى أن تصبح، بعد فترة، بالنسبة له، وكأنها حقيقة واقعة…. وكذلك (الطفل) يتعايش مع رغباته وتمنياته، ويعتقد بأنها وقائع حقيقية….. هكذا، هو الحال، الآن، ومنذ سنتين، مع المحور الصهيو-أميركي، ومع أتباعه الأطلسيين، ومع أذنابه من نواطير النفط، ومع محميّاته المتوزعة في مختلف بقاع العالم… فهؤلاء، جميعاً، أطلقوا على الحرب الكونية العدوانية الإرهابية، على (سورية) تسمية (ثورة، وانتفاضة، وربيع.. الخ ) وراهنوا على عشرات الآلاف، من أدواتهم الإرهابية المسلّحة، داخل سورية، والمستجّلبة من الخارج، في أن يتحقق لهم الانتصار الساحق، في هذه الحرب الكونية على سورية، واستنّفروا شبكاتهم الإعلامية الأخطبوطية الهائلة، في مختلف بقاع الأرض، لمواكبة هذه الحرب، بل وللمشاركة الفاعلة في هذه الحرب، وأسندوا إلى الآلاف من أبواقهم، على امتداد الساحات العربية والإقليمية والدولية، من (إعلاميي المارينز) ومن (مثقفي الناتو) ومن (مرتزقة السياسة) ومن( نشطاء الجمعيات الممولة خارجياً) ومن (فنّاني البلاك ووتر) لكي تشارك، في هذه الحرب القذرة، على سورية، بكل ما تحفل به قواميسهم، من بذاءات وسموم وترّهات وأضاليل وأحابيل وخداع وتزوير، بعد أن رصدوا مليارات الدولارات، للجانب الإعلامي، وحده، في هذه الحرب…… أمّا أغلبية الشعب السوري، ومعهم شرفاء العرب والعالم، فكانوا على يقين، بأنّ ما يجري في سورية، هو على النقيض من كل ما يقوله أولئك، وأنه ليس إلاّ (ثورة مضادة) على الشعب السوري، وعلى الأمة العربية، وعلى الإسلام المحمدي المتنور المستقل، وعلى المسيحية المشرقية الراسخة في هذه الأرض…. ونشبت الحرب الطاحنة، بين الطرفين، على الأرض، وفي الفضاء… ولم يكتف أعداء سورية (الذين سمّوا أنفسهم: أصدقاء سورية) بالمشاركة الفعلية، في كل ما يستطيعون المشاركة فيه، سياسياً واقتصادياً ومالياً وتكنولوجياً ودبلوماسياً وأمنياً ومعلوماتياً وتسليحياً، لتحقيق نصرهم في هذه الحرب، بل ركّزوا، أيضاً، كل الطاقات والجهود الممكنة، في ميدان (الحرب الإعلامية) عبر اختلاق (واقع افتراضي) موهوم، في سورية، هو عكس الواقع الحقيقي، وتسويقه، على أنه هو الواقع القائم في سورية.. والانطلاق من التسليم بهذا (الواقع الافتراضي) كقاعدة انطلاق، وبناء أحكام قطعية، بموجبها، ممعنة في الْحَوَل والعمى السياسي والأخلاقي، ليصلوا إلى حائط مغلق، ومع ذلك، يمعنون في الإصرار، على أنّ هذا الحائط الذي اصطدموا به، ليس إلاّ جسراً عريضاً، سيقودهم إلى السيطرة على سورية، وتسليمها للمحور الصهيو- أميركي، على طبق من نار، مقابل وعود بتسليم السلطة لأدواتهم وبيادقهم، ولقاء توزيع مئات ملايين الدولارات واليوروهات، لتستقر في جيوب هذه الأدوات والبيادق، من مرتزقة (الثورة المضادة) ثم يجلّلون مواقفهم المخزية والمشينة ، بغلالة زائفة من ادّعاء الوطنية والمبدئية والبحث عن الديمقراطية والحرية والكرامة وحقوق الإنسان والحرص على مصالح الشعوب…. مع أن التاريخ، قديمه وحديثه، لم ينبئنا بواقعة واحدة، يبرهن فيها المحور الصهيو- أميركي، أنه حريص على تعميم هذه القيم، خارج أرضه، وإنما هناك آلاف الوقائع، التي تبرهن على عكس ذلك…… ونصيحة مجانية، نقدّمها للمراهنين منذ سنتين، على (سقوط النظام السوري) وحدّدوا للسقوط، أياماً وأسابيع.. ننصحهم، أن يأخذوا خيبتهم وفشلهم، بالحسبان، عندما يراهنون، الآن، بأنّ الأزمة السورية، سوف تستمر سنوات عديدة، وبأنّ النار ستبقى مشتعلة، في سورية، لسنوات أخرى.. نقول لهم: كما كان رهانكم الأول، فاشلاً، فسيكون رهانكم الثاني- الحالي- أكثر فشلاً.

-11-

(William Nassar : وليم نصّار)

أيّها السيف المحارب، عن (سوريانا) وأنت على بعد آلاف الكيلومترات…… يا بدر هذا الشرق، الذي أبى إلّا أن يبدد سحب الظلام الداكنة، التي نشرها الاستعماريون الجدد، وأذنابهم، في سماء الشرق وفوق أرضه…. أيّها المناضل المتشبع بسلاح المدنية والعلمية والديمقراطية والحرية (الحقيقية) لا (الحرية المزيفة): التي رفعها أعداؤها شعاراً لهم، وفرّغوها من مضمونها، واستخدموها، سلاحا بتّاراً، ضد كل الباحثين الحقيقيين عن الحرية….. أيّها الإنسان الفريد من نوعه، الذي أبى إلّا أن يستخدم أجمل ما أبدعته الطبيعة والبشر معاً (والذي هو الموسيقى) ليجعل منها، سيفاً ورمحاً وترساً، في مواجهة أعداء الإنسانية والعدالة والكرامة والحرية والديمقراطية…. لقد بَرْهَنْتَ للغادي والبادي، أنّ (بلاد الشام) هي قلب هذا العالم وجذره وأصله ومنبع حضارته وإنسانيته ورقيّه، ولذلك تكالب عليها الغرب الاستعماري، لكي يمحوها من الوجود، ويجعلها لقمة سائغة في فم القاعدة الاستعمارية الصهيونية (إسرائيل)، وبرهنت لهم ، أنّ (سورية) هي قلب هذا الشرق، ولذلك أرادوا أن يتوقف نبض هذا القلب، لكي تتحول بلاد الشام، إلى جثة هامدة، يقومون بدفنها، وشطبها من الوجود، إلى أبد الآبدين.

ولكنهم خسئوا، لأنّ سورية ستنتصر على جميع أعدائها، وهذا هو قدر السوريين، وخيارهم، ومعهم شرفاء العرب والعالم، الذين سيصنعون تاريخ هذه المعمورة، وسيهزمون المشروع الاستعماري الجديد (مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير أو الأوسع) وسَيَبْنُون شرقاً عربياً، حراً، أبياً، تكون سورية، هي قطب الرحى فيه، ومَن لا يصدّق ذلك، فَلْيسأل (وليم نصار).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.