رسالة الطائرات وصلت.. هل يستوعبها العدو؟

موقع العهد الإخباري-

إيهاب شوقي:

إن بيانًا مقتضبًا تصدره المقاومة لتؤكد فيه على جملة بعينها وهي “وصلت الرسالة”، هو في حد ذاته يحمل رسالة في كونه مقتضبًا ومختصرًا.

 

ورسالة الاختصار هنا هي أنه لم يعد هناك مجال لتكرار الكلام والمواقف ولا للتبرير ولا لمخاطبة الأطراف، حيث موقف المقاومة معروف ومعلن ومصداقيتها غير قابلة للنقاش.

أما بخصوص الرسالة التي أشار البيان إلى وصولها، فهي واضحة وليست بحاجة إلى تحليلات وتحويرات وتبريرات، وكذلك ليست بحاجة لتحميلها غير ما تحتمل واعتبارها مناورة.

فالرسالة بوضوح هي أن المقاومة بعثت بطائرات غير مسلحة بغرض الاستطلاع ورصد الأهداف، وعليه فإنها فتحت الباب لطلعات قادمة بأشكال مختلفة منها ما قد يكون مسلحًا ولأغراض أخرى.

هنا كانت الرسالة تحمل دلالات يمكن فهمها من سلوك المقاومة وأخلاقياتها ومبادئها:

أولًا: أن ملف الحقوق السيادية للبنان غير قابل للرهانات، سواء المتعلقة بالوقت وسقوط الحقوق بالتقادم أو المتعلقة بالتسويات والملفات الإقليمية المتشابكة ومنها الملف النووي مع إيران، وعدم السماح للعدو بفرض الأمر الواقع.

ثانيا: من غير المسموح المساس بمصداقية المقاومة ووعدها الصادق ومحاولة التخويف والتلويح بحرب شاملة لتمرير النهب والعبث بمصداقية المقاومة، بل تكرس المقاومة معادلة مفادها أن المصداقية والحقوق أهم من سلام زائف عنوانه المذلة، وأن عصر فرض الأمر الواقع قد ولى وأصبح من العصور الغابرة.

إن السياقات التي خرجت بها طائرات المقاومة، هي سياقات إقليمية ودولية تنتظر التسويات، سواء الخشنة بمعارك تفرض التوازنات، أو الناعمة بالاعتراف بموازين القوة، وهنا خرجت المقاومة لتقرر أنها ليست رهينة للتسويات فهي لا تخشى الحرب ولا تقايض وتساوم في الحقوق.

ولعل أكبر رد على افتراءات “الاحتلال الايراني” و”الدعايات الكاذبة” بارتهان المقاومة للقرار الإيراني، هو خروج المقاومة لخطوات تدرج تحت بند التصعيد في وقت يتطلب التهدئة لتهيئة المناخ التفاوضي، وهو ما يعني أن قرار المقاومة مستقل وأن إيران لا تفرض شيئا على حلفائها.

ولعل السياقات الداخلية في لبنان والتي وصلت لعقدة تفاوضية عنوانها المماطلة والاستهانة ومحاولة وضع ملف الغاز إلى جانب الملفات المفتوحة بلا نهاية، فرضت على المقاومة أن تقول كلمتها، بأن الوقت قد حان لإنهاء هذه الأزمات المفتوحة وخروج لبنان من هذا النفق العبثي مهما كانت الأثمان.

إن المقاومة لا تتدخل بالتفاوض وإن كانت تراقبه، وهي تعمل على أمرين هامين:

أولهما: عدم تفاوض الدولة من موقف الضعف لأنها تستند إلى قوة حقيقية وصادقة لا تناور ولا تتاجر بالشعارات.

وثانيهما: تثبيت المعادلات مع العدو الصهيوني وعدم السماح له بفرض الأمر الواقع.

وهدف المقاومة الرئيسي وأولويتها الراهنة، هو الخروج من الأزمة التي يعاني منها اللبنانيون جميعا بمن فيهم أعداء المقاومة، وبالتالي التعجيل بالتنقيب عن ثروات لبنان وكسر الحصار الظالم والمعيب.

لا شك أن الرسالة وصلت بمضامينها السياسية والعسكرية:

فعلى الصعيد السياسي، هي رسالة تتخطى لبنان لتصل إلى المحور المقاوم كله، بأنه لن يستسلم للأطروحة الأمريكية التي تريد أن يكون “محور البؤس”، كما كشف “دينيس روس” مستشار أوباما في مقال حديث له بمعهد واشنطن، حيث اعترف بأن الاتفاقات الإبراهيمية والتطبيع هدفها خلق محور انتعاش اقتصادي للمطبعين ومحور بؤس للمقاومين.

وعلى الصعيد العسكري، يكفينا الاستشهاد بتحليل موقع “اسرائيل ديفنس”، حيث قال إن مخطط الرحلة للطائرات بدون طيار يشير إلى أن الطائرات بدون طيار حاولت تنفيذ عملية واعية، ويبدو أن الطائرات كانت في مهمة جمع معلومات استخباراتية وكانت تحاول اختبار القدرات وردود نظام الكشف الجوي الإسرائيلي.

وبالتالي فإن المقاومة أوصلت رسائلها الواضحة دون مناورات والكرة في ملعب العدو ورعاته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.