سلامة يفجّر قنبلة ثقيلة من عيار 4 آب

موقع الخنادق-

مريَم السبلاني:

رُفع الدعم عن المحروقات بشكل نهائي، “واعتبارًا من اليوم الخميس 12/8/2021 سيقوم مصرف لبنان المركزي بتأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات، معتمدًا الآلية السابقة، ولكن باحتساب سعر الدولة على الليرة اللبنانية تبعًا لأسعار السوق الحر” وفق بيان المصرف المركزي. هكذا وبخطى ثابتة وغطاء سياسي من مجلس الدفاع الأعلى وقبل المشورة مع الحكومة ورئيس الجمهورية -الذي استدعاه للحضور- دفع رياض سلامة باللبنانيين إلى هاويةٍ لا قرار لها، وهو بذلك فجّر قنبلة نيتروجينية تتجاوز بارتداداتها وتداعياتها انفجار 4 أب في مرفأ بيروت.

ماذا يعني رفع الدعم؟

مع غياب استراتيجية بديلة واضحة وواقعية من شأنها فرملة الانهيار الكبير الشامل ستكون التبعات الناتجة عن قرار رفع الدعم عن المحروقات بمثابة إشعال النار بما تبقى من هيكل الدولة، فهذا لن يقتصر على تراجع إضافي في سعر الليرة مقابل الدولار، الذي وصل مؤخرًا إلى أكثر من 20500، بل يعني أيضًا انخفاض قيمة الأجور إلى ما دون 35$ شهريا، وإعلان رسمي عن “سوق سوداء لكل السلع” هذا ان توفرت أساسًا، ويوازيه ارتفاع جنوني بأسعار المحروقات التي ستصل إلى 336 ألف ليرة لصفيحة البنزين و278 ألف ليرة لصفيحة المازوت تقريبًا. ولبنان الذي يستهلك سنويًا ما يقارب 120 مليون صفيحة بنزين و230 مليون صفيحة مازوت يحتاج إلى 78.092 مليار ليرة للدعم ما يعادل 3.9 مليار دولار تقريبًا. المبلغ الذي أعلن سلامة خلال مجلس الأعلى للدفاع عدم قدرته على “الاستمرار في الدعم…أملك في حساب التوظيفات الإلزامية 14 مليار دولار ولا يمكنني التصرف بها… فلا يمكنني فتح اعتمادات لشراء المحروقات”.

وعن دعم الدواء أشار سلامة إلى انه قد التقى وزير الصحة حمد حسن “على ان أتسلّم منه اللوائح الأخيرة لأدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، مضطر ان أكمل دعم استيراد هذه الأدوية، رغم أنني اقتربت من الخط الأحمر للصرف”. فعليًا لقد “اخترق” سلامة الخط الأحمر منذ ان أعلن أول مرة ان “الليرة بخير”، وأشرف شخصيًا على عملية النهب منذ توليه منصب الحاكمية، وهندس الكارثة مع “زبانية” السلطة الذين رسخوا معادلة “الحماية السياسية مقابل حماية ثروة كبار المودعين”.

التحرير الشامل للأسعار ورفع يد الدولة عن السوق والسوق الموازي بهذا الشكل هو نقلة نوعية وانعطاف آخر في مسيرة الانهيار، وهذا لا يتعلق فقط بالارتفاع الجنوني في أساسيات الحياة الكريمة، بل تطال كل قطاعات الإنتاج، من مصانع ومشاريع كبيرة وصغيرة، والمؤسسات التي تُعيل أسرًا بأكملها.

هذه الأزمة التي ستنعكس على كل اللبنانيين حتى المغتربين أيضًا، يعيشها بشكل مضاعف القاطنون في العاصمة بيروت، أولئك الذين هجّرتهم السياسة الحريرية من قراهم طلبا للعلم والعمل، حكم عليهم رياض سلامة “بالموت البطيء”، غير ان “سلطة واشنطن في لبنان” التي تقتل شعبها عن سابق إصرار وتصميم، عليها ان تخاف من هؤلاء، أبناء العائلات الكريمة التي باتت تُذل يوميًا، والتي لم تعد تمتلك شيئًا لتخسره، الا “مقاومتها” وقد يأتي اليوم الذي “تحتاج به إلى الغضب الذي احتفظت به طويلًا”.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.