سورية والمتغيّرات الدولية والإقليمية

جريدة البناء اللبنانية-

ربى يوسف شاهين:

يفاقم الكيان الصهيوني من عدوانه على سورية، ليس لأنّ العداء قائم منذ أن وطئ إرهابهم أرض بلاد الشام، بل لأنه الآن في أضعف مراحله، وخاصة بعد المتغيّرات الجيوسياسية والدولية والإقليمية التي أصابت داخله، في أن ما يسمّى «التطبيع» مع كيانه، لم يفض إلى ما تهدف إليه العلاقات السياسية، فكثير من الأخطاء تشوب هذا الكيان، ويكفيه أنه بُني على باطل في تموضعه على أرض محرمة عليه، ومع هذا الانتصار السياسي لسورية والتقارب العربي العربي، والعودة للساحة السياسية السورية بهذا الزخم لا بدّ أن يقلقها، ويجعلها تخرج عن هدوئها على مستوى الإقليم، فذارئع التواجد للحرس الثوري الإيراني، ما هي إلا جزء مما يوخزها بفكرة ازدياد قوة المحور على كافة الأصعدة، رغم الصعوبات التي تواجه الحلفاء من قبل الغرب، كما يجري على الساحة الأوكرانية والعملية العسكرية الروسية واحتمال اندلاع حرب في الشرق الأوروبي، لانهاك روسيا، وقد لا تكون عسكرية بالمعنى المتعارف عليه للحروب السابقة وإنما حرباً استفزازية عن طريق استخدام «منصة الناتو» وانضمام الدول التي لها حدود مع روسيا كفلندا إليه،
متغيّرات السياسة في العلاقات الدولية عبر تغبير الاستراتيجيات المتبعة من قبل الغرب الأميركي، بدأت تتوضح أكثر عبر كثير من المعطيات التي نشاهدها في علاقات واشنطن بالدول العربية في الإقليم العربي، فمنذ أن بدأت الهيمنة الأميركية، والتي استطاعت بموجبها تمكين الكيان الصهيوني من تحقيق بنود ما تمّ الإعلان عنه سابقاً «صفقة القرن»، والتي أدّت قبل إعلانها بعقود إلى توقيع «اتفاقية أوسلو»ت و»وادي عربة» في الأردن، وسبقها «معاهدة السلام الإسرائيلية مع مصر» لتتابع عمليات التطبيع مع هذا الكيان، بانضمام الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان والبحرين والمغرب والسودان إلى القائمة، في محاولة من واشنطن لتعزيز الدور الوظيفي للكيان الصهيوني في المنطقة عبر تحالفات، تؤمّن فيها الولايات المتحدة الأميركية الملف الأمني لهذه البلدان، عبر حالتين إما إقامة قواعد عسكرية على أرضها، أو عبر بيع واشنطن لهذه الدول أسلحة عسكرية من نوع خاص،
إنّ ما يحدث في الداخل «الإسرائيلي» وعلى الأرض الفلسطينية المحتلة من تفكك نتيجة سياسات نتنياهو، أو المسؤولين العسكريين في الكيان «الإسرائيلي» جعلهم يجتمعون على اقتحام بلدات الضفة الغربية وجنين والقدس في كلّ يوم وبشكل هستيري، بالمزامنة مع الاعتداءات الصاروخية التي يقوم بها هذا الكيان على سورية، وبطلب من الأميركي لتحقيق ما تبقى من بنود صفقة القرن، والتي إذا ما استمرت الأوضاع الداخلية والخارجية من منظور المسؤولين الصهيوغربيّين على هذا النحو، وخاصة كما ذكرت، وفكرة العودة العربية العربية إلى الساحة السورية وخاصة العلاقة المصرية السورية، كون مصر من الدول العربية الفاعلة في ملفات عديدة في المنطقة، وخاصة القضية الفلسطينية، وأيضاً عودة العلاقات السعودية الإيرانية إلى المشهد، وبهذا التوقيت الحرج للكيان الإسرائيلي في احتمالية تشقق الخيوط التي تربط إسرائيل بالدول العربية والإسلامية كالسعودية، وسقوط أثر عملية التطبيع، فعدوى الانفصال تخافه «إسرائيل» على نفسها، وتطلبه للدول العربية في ما بينها، لأنها تدرك جيداً أهمية الدور السوري عربياً ودولياً في حرف المسار الذي رسمه الاستعمار الغربي الصهيوني للاستيطان في المشرق العربي بعد إضعافه وجعله تابعاً للهيمنة الأميركية، وفق مبادئ الديمقراطية المزيفة، وهذا على مدى 100 عام،
في المحصلة سورية وعبر سنوات الحرب الإرهابية على أرضها، وبعدما تأكد العدو قبل الصديق من أنّ الدولة السورية، بكل مكوناتها استطاعت دحر الإرهاب وطرد قطعان داعش عن أرضها، وهذه الأخيرة ما يسمّى «داعش» كانت السبب الذي اخترعته وأوجدته واشنطن، ومما جاء في مذكرات هيلاري كلينتون: «أنّ أميركا من أوجدت داعش»…
سيزيد من غضب الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني لتزداد الاعتداءات وانتهاك الحرمات من قبل المحتلّ الأميركي في الشمال الشرقي لسورية عبر سرقة ونهب النفط والمحاصيل السورية وعبر صواريخ العدو الإسرائيلي على محيط دمشق وجنوبها ومطار حلب وحمص وطرطوس، لتخفي كونها اقتربت من مقولة سيد المقاومة: «أوهن من بيت العنكبوت».

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.