سوريون ينعون الدفء: ليت الشتاء لم يمر من هنا

وكالة أنباء آسيا-

عبير محمود:

“لم تعد الطريق سالكة للدفء في بلدنا فهل من مخرج؟”، عبارة تلخّص حال معظم أبناء الطبقة الفقيرة في سورية، وسط افتقار وربما انعدام كافة سبل المعيشة من شتى الخدمات دون استثناء، وفق ما يقول عدد منهم لـ”وكالة أنباء آسيا”، مشيرين إلى أن الشتاء اليوم بات أقسى وأكثر تهديداً لحياتهم من خطر الإرهاب.

حلم الدفء

لم تكن المدفأ يوماً حلماً للسوريين، إذ كانت في كل منزل سواء كان فقيراً أو ثرياً ممن يعتمدون على التدفئة المركزية إلا أن “دفا المازوت” لا يعلو عليه، إلا أن اليوم فعدد كبير من الأطفال ممن ولدوا بزمن الحرب لا يعرفون ولم يشعروا بفائدة هذا الاختراع، خاصة ممن هُجروا من منازلهم واضطروا للعيش في المخيمات وآخرون بقوا في منازلهم إلى أن عائلاتهم تعجز عن تأمين ما يوقد هذه المدافئ فلا يدفعون ثمنها كونها ستكون دون جدوى.

ذكر أحد المواطنين أن غياب مقومات التدفئة من مازوت وكهرباء وغاز وحتى حطب جراء تحويلها محروقات لمواد مدعومة والبقية لمواد طبقية تستطيع النخبة الثرية فقط من الوصول إليها، جميعها عوامل أدت لنخر عظام وجيوب الفقراء معاً في هذا الشتاء القاسي.

ولفت آخر إلى أن التدفئة في سورية باتت وسيلة رفاهية وكماليات لا ينعم بها إلا أثرياء الحرب، وسط اعتماد البسطاء على “بطانية ولحاف” اهترأت أطرافها وعمرها من عمر الأزمة فحتى شراء الجديد منها بات يتطلب أضعاف الراتب (90 ألف ليرة بعد الزيادة الأخيرة) الشهري لأي موظف أو عامل سوري عادي.

الحاجة ترفع السعر

فعلياً، تغيب الكهرباء في عدد من المحافظات السورية بمعدل 21 ساعة عن اللاذقية يومياً على سبيل المثال، فوصل التيار لا يتعدى 20 – 30 دقيقة فقط لكل 6 ساعات قطع متواصل في عموم المحافظة، كما تغيب باقي وسائل التدفئة من مازوت وغاز مع حصر بيعهما بسعر “مقبول” عبر البطاقة الذكية في حين يتوفران بالسوق السوداء بأسعار تعادل أضعاف مرتب أي موظف، إذ يتراوح سعر غالون المازوت (20 ليتراً) في السوق السوداء ما بين 50 – 100 ألف حسب الحاجة واشتداد البرد، كما أن تبديل اسطوانة الغاز يكلف أكثر من 90 ألفاً.

وعن الحطب، يقول بعض المواطنين في المحافظة إن الجهات الزراعية تمنع تقليم الأشجار – دون قطعها حتى- حتى لأصحاب الأراضي نفسها إلا بموجب موافقة رسمية منها تتطلب عشرات التواقيع واجراءات روتينية قد لا تنتهي بانتهاء الأشهر الباردة، في وقت يصل سعر طن الحطب إلى نصف مليون ليرة في أقوات ذروة الموسم الشتوي.

شماعة الحصار

تبرر الجهات الحكومية نقص مواد محروقات جراء الحصار المفروض على البلد منذ اندلاع الحرب وما تبعها من عقوبات اقتصادية عربية وغربية مستمرة منذ أكثر من عشرة أعوام، مع الاعتماد على ما تقدمه الدول الصديقة من مساعدات نفطية بين الحين والآخر.

ما أدى إلى تخفيض مخصصات العائلات السورية من مادة المازوت من 200 ليتر إلى 50 لكل عائلة يتم توزيعها بموجب البطاقة الذكية، علماً ان الكمية الأخيرة لا تكفي لأكثر من أسبوع في حال الاعتماد عليها بالتدفئة، مقابل زيادة المدة لبيع اسطوانة الغاز من 45 – 90 يوماً لكل بطاقة عائلية، ما أدى لأزمة برودة في المناول الفقيرة على حد سواء.

مقابل ذلك يسأل مواطنون سوريون عن كيفية إدخال مواد من خارج البلد دون أن تتأثر بالعقوبات في حين أن المواد النفطية والفيول وحدها من تتأثر بهذه العقوبات، مبينين أن في البلد سيارات أحدث موديل وكذلك الأمر الهواتف النقالة وحتى جميع ما يطلبه المترفون يكون في سوقهم “شبيك لبيك”، متسائلين عن هذه العقوبات التي تحارب الفقير وحده وفق مبدأ خيار وفقوس يا حرب!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.