شارل العشي: اتبعوا شغفكم في حب الاكتشاف

السفير اللبنانية

ملاك مكي
«يعيش جميع الأشخاص الذين نحبهم، وأولئك الذين نكرههم أو لا نعرفهم، والذين تشاجرنا معهم في يوم من الأيام على كوكب الأرض الذي يشغل العلماء لمعرفة أصل تشكل الكون وتطوّره ومستقبله». بهذه العبارة فضل عالم الفضاء الأميركي اللبناني الأصل ومدير مختبر الدفع النفاث في وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، البروفيسور شارل العشي أن يتوجه

إلى الجمهور خلال محاضرته في «الجامعة اللبنانية الأميركية» مساء يوم الجمعة الماضي.
ولد العشي في بلدة رياق حيث تلقى دروسه الابتدائية، لينتقل بعدها إلى معهد الرسل في جونيه وإلى الكلية الشرقية في زحلة. حاز على شهادة في اختصاص الفيزياء من جامعة «غرونوبل» الفرنسية، ثم على ماجستير وشهادة دكتوراه في العلوم الكهربائية من «معهد كاليفورنيا التكنولوجي». كما حصل على شهادات عليا في اختصاصات عدة من بينها علم الجيولوجيا. ونشر العشي 230 مقالا علميا في مجال علوم الفضاء، بالإضافة إلى ثلاثة كتب ترجم أحدها إلى اللغة الصينية.

اكتشف العشي شغفه بالفضاء منذ أن بلغ سن العاشرة. وهاجر من لبنان من دون أن يكون لديه أدنى فكرة عن الإنجازات المهنية التي سيحققها في الخارج، إذ اتبع شغفه وحبه لما يقوم به. ويجيب العشي إذا وجه إليه أحد السؤال عن عدد الساعات التي يقضيها في العمل، بأنه لا يعمل، بل يحب ما يقوم به.

يرأس العشي جمعيات ومشاريع علمية عدّة. ويقوم بمهمات بحثية مميزة، إذ ساهم بالإنجاز التاريخي الذي شهده العالم في 6 آب الماضي بهبوط مسبار «كيوريوسيتي ـ Curiosity» على سطح المريخ. تابع الحدث، وفقا للعشي، 50 مليون أميركي، وزار 1.8 مليار شخص موقع «الناسا» في ذلك اليوم.

يقول العشي إن مهمة «كيوريوسيتي» تميزت بالصعوبة، إذ لا يمكن السماح بأن تنجح مثل تلك المهمات بنسبة خمسين أو تسعين في المئة، بل يجب ضمان النجاح مئة في المئة حتى لا يفشل المشروع، مضيفاً أن مشروع «كيوريوسيتي» ساهم فيه 250 عالما من جنسيات مختلفة وخلفيات علمية متعددة، إذ لا يكفي وجود مخطط واضح لتحقيق النجاح، بل يجب التعاون مع فريق جيد وقادر على حلّ المشاكل التقنية والعلمية.

بدأ المسبار بالسير على سطح المريخ لرصد المواقع الجيولوجية المهمة، ودراسة المعادن وتحليل المواد وتركيبتها. يلفت العشي إلى وجود عوامل مشابهة بين كوكبي الأرض والمريخ، إذ يتمتع المريخ بغلاف جوي، ويظهر حركة بركانية، وخصائص جيولوجية مشابهة للخصائص التي يسجلها كوكب الأرض. تثير تلك العوامل تساؤلات عدة: لماذا لا توجد حياة على المريخ؟ وهل كان هناك حياة في الماضي واختفت؟ وما هي العوامل التي سمحت بظهور حياة على الأرض؟ وكيف تطوّرت وإلى ماذا ستؤول؟ وتبين تحاليل بعض الأحجار والحصى في المريخ وفقاً للعشي، وجود أنهار في السابق على الكوكب الأحمر، ما يعزز فرضية وجود مياه على المريخ.

ويشير العشي إلى أن مهمة «كيوريوسيتي» تعتبر ملهمة للشباب، ليتركوا أثرهم في اكتشاف الفضاء، مستشهداً بقول للشاعر الأميركي رالف والدو إمرسون: «لا تذهب حيث يؤدي الطريق بل إذهب حيث لا يوجد مسار واترك أثرك».
تسأل إحدى الوالدات كيف يمكن لإبني أن يصبح عالم فضاء؟ يجيبها العشي بأنه يجب عليه أن يكون ملما في العلوم والرياضيات، وأن يملك حب الاكتشاف والحشرية العلمية، وأن يطرح تساؤلات كثيرة من دون أن يقمعه الأهل، إذ برأيه ليس هناك من سؤال غبي، بل جميع الأسئلة مهمة.

يطرح أحد الطلاب سؤالا يشغل باله: «ما هي الآلية للحصول على عمل في الناسا»؟ يجيبه العشي إن الوكالة تضم أشخاصا من جنسيات مختلفة وكفاءات من خلفيات علمية متعددة ويتعاون الجميع بهدف تحقيق منافع عملية تخدم البشرية، داعياً الطلاب إلى اتباع شغفهم في الحياة، وأن يتعاون اللبنانيون في ما بينهم من دون تمييز على أساس طائفي أو مذهبي أو ثقافي.

يذكر بأن رئيس «الجامعة اللبنانية الأميركية» جوزف جبرا، منح العشي الدكتوراه الفخرية في الإنسانيات تقديرا لإنجازاته في أبحاث الفضاء والأرض والحياة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.