حقائق كشفتها الحرب

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ 
غالب قنديل:
أظهرت المواجهة الدائرة بين قطاع غزة وجيش الاحتلال الصهيوني مجموعة من الحقائق التي سيكون لها فعلها الكبير في رسم وجهة الحرب وفي تكوين المعادلات والتوازنات الجديدة في المنطقة برمتها.

أولا: تبين بما لا يقبل الجدل أن معادلة الردع التي أنشأتها المقاومة وسورية وإيران خلال السنوات الماضية تحولت إلى قانون يحكم الصراع بين شعوب المنطقة والكيان الصهيوني ومنذ العام 2000 انطلق التأسيس لهذه المعادلة في حصيلة خبرات المواجهة بين المقاومة اللبنانية والعدو الإسرائيلي عامي 1993و1996، و يتساقط الوهم من جديد عام 2012 و من غزة بالذات ، كما سقط الاختبار الإسرائيلي الأميركي الغربي والخليجي لمحاولة ضرب منظومة المقاومة والردع التي أقامتها أطراف المعسكر المقاوم في حربي 2006 و2008 ضد لبنان وغزة اللتين انتهتا إلى انتصار المقاومة اللبنانية والفلسطينية بفضل الاحتضان الإيراني السوري والقدرات والتضحيات النوعية التي ميزت الشعبين اللبناني والفلسطيني وفصائل المقاومة في غزة وفي لبنان.

ثانيا: هشاشة بنية الكيان الصهيوني هي الحقيقة الساطعة التي تبينها الأحداث ففي القياس العلمي والموضوعي يتفق جميع الخبراء على أن غزة المحاصرة من الجانب المصري بإحكام تظهر قدرة على الردع والاستنزاف و يمكن أن ترسم صورة حقيقية عن حالة الانهيار المرتقبة داخل إسرائيل فيما لو كانت المواجهة مع أي من المقاومة اللبنانية أو سورية أو إيران بصورة منفردة بينما التوقعات ستفوق أي تصور في افتراض أنها ستكون بين الكيان الصهيوني وأطراف منظومة المقاومة مجتمعة وهذا هو التعبير الواقعي والحقيقي عن توازن القوى وهو ما يؤكد أن هيبة الردع لدى منظومة المقاومة باتت هي السقف الذي يحكم معادلات ما يسميه الغرب بالشرق الأوسط.

ثالثا: تبرهن حرب غزة على حقيقة الأهداف التي شكلت خلفية الاستثمار الغربي لمناخ ما سمي بالربيع العربي عبر توظيف قيادة التنظيم العالمي للأخوان المسلمين وحكومات الخليج في تحقيق هدفين كبيرين: الأول هو إضعاف علاقة حركة حماس بأطراف منظومة المقاومة و الثاني هو الحرب العالمية لتدمير الدولة السورية وحين تظهر منظومة المقاومة وفكرة المقاومة مزيدا من الحصانة والقوة رغم الخسائر والجراح الناتجة عن هذين التحولين فإن ذلك يدل على أن خيار المقاومة في المنطقة هو تحول تاريخي لا رجعة عنه ولا يمكن كسره بأي وسيلة كانت مهما حشد فيها من القدرات و الأطراف و الوسائل.

رابعا: إن الحكمة التي أبدتها القيادة السورية وكل من الجمهورية الإسلامية وقيادة حزب الله في التعامل مع قضية الاختلاف حول سلوك حركة حماس إزاء الأحداث في سورية تثبت جدواها وصوابها أيا كانت الكلفة المعنوية والعملية الناتجة عن هذه الطريقة عبر رفض الانزلاق إلى متاهة السجال السياسي و التعامل برفق و حرص شديدين على عدم التفريط برفاق السلاح و بقوة الإيمان بأن التناقض الرئيسي مع الكيان الصهيوني و الترابط الاستراتيجي العضوي بين هذا الكيان و الغرب الاستعماري سوف يعيد تصويب البوصلة و يرمم الكثير من الفجوات التي نجح الغرب في إحداثها و استغلالها تحت عباءة الربيع المزعوم .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.