كانت الرسالة واضحة.. وبالعبرية

موقع إنباء الإخباري ـ 
أحمد شعيتو:
عندما نطقت “سرايا القدس” باسم فصائل المقاومة الفلسطينية وقالت لقيادة اسرائيل في رسائل وصلت الى هواتف عدد من الوزراء الصهاينة: “سنجعل غزة مقبرة لجنودكم.. وسنجعل تل ابيب كتلة لهب”، كانت الرسالة باللغة العبرية وواضحة لغةً ومضموناً.. انها اللغة المستخدمة في اسرائيل فمن المؤكد انهم سيفهمون معناها الحرفي، لكن هم بالتأكيد سيفهمون مضمونها، فهم بحسب التجربة لا يعرفون كنه أي لغة سوى لغة القوة وتنفيذها.

إنها رسالة تعني أن الصواريخ التي طالت تل أبيب ومستوطنات القدس لا تزال بحوزتنا، ولم تدمروا منها شيئا كما ادعيتم، ولا تزال معنا بأعداد كافية قادرة على أن تحيل تل أبيب ناراً مشتعلة.

كانت المفاجأة.. فالعدو لم يتوقع في أسوأ الإحتمالات أن تضرب تل أبيب، بل مستوطنات القدس، وأن يبقى لخمسة أيام غير قادر على كسر معادلة الصواريخ التي انطلقت.. الصواريخ لا تزال تنهمر وبازدياد، أما تل ابيب فليس الموضوع متعلقا بصاروخين او ثلاثة تطالها بل الآتي اعظم “ولدينا مزيد”..

توسيع العدوان الصهيوني أو الدخول البري في ظل ذلك سيكون أمراً مهاباً، ولكن العدو قد يقدم على المغامرة البائسة فهو بين نارين: أن يوقف الحرب الآن فيبدو مهزوماً أو يوسع العدوان ويتلقى ضربات موجعة محتملة تهدد بها المقاومة.

وقعت إسرائيل في المأزق، فتوسيع العدوان قد يعمّق المشكلة بعدما رأت ردّ المقاومين واستمرار الردّ بل التهديد بردّ أكبر.. المقاومة وصلت إلى حد ضرب الحشودات التي تتجمع على حدود غزة حتى قبل أن تنطلق صافرة بداية الحرب البرية..

قبل ذلك فوجئ العدو بعدة أمور جعلها في حساباته في هذه الحرب الجديدة لم تقف عند حد استهداف تل ابيب ومستوطنات القدس: المقاومون يضربون ولكن ليس عشوائياً في المستوطنات، بل يطالون مراكز محددة، ويضربون الكهرباء هنا وهناك، كذلك فهم يصيبون المباني ويوقعون القتلى ولا يقع بعض الجرحى فقط .. صاروخ كورنيت كان مفاجأة أيضاً، وكذلك ضرب عدة بوارج. والأنكى من ذلك بالنسبة له إسقاط عدة طائرات.. كلها أمور لم تكن في الحسبان وغيّرت حسابات الربح والخسارة.

إسرائيل لم تحقق في المراحل الأولى إنجازات تذكر، لذا إما أن توقف الحرب بطريقة معينة أو أن توسّعها نحو دخول بري .. هذان هما الخياران اللذان لا ثالث لهما.. استدعى الاحتلال الاحتياط ليحشد على الحدود لكن أوساطه تخشى من تحويل تهديد “المقبرة” إلى واقع مرّ جداً يطال الألوية البرية المقاتلة..

لقد دفعت صدمة الساعات الماضية الى اتخاذ قرار اجراء الوزير عاموس جلعاد اتصالات لمعرفة امكانية تحقيق تهدئة وليعرف الأجواء في الجانب الاخر… لكن كيف لمن يحقق الانجازات ان يركض نحو التهدئة، جاء الجواب: لا تهدئة بلا ثمن، والثمن وقف العدوان ثم وقف الاغتيالات ثم رفع الحصار.. والثمن الذي حصلت عليه المقاومة حتى في يومين من الحرب فقط لا يقدر بقيمة: لقد حققت معادلة جديدة بوجه العدو وارتدت الحرب على مطلقها وهي في بدايتها.. المعادلة الجديدة هي معادلة ردع الصواريخ.. وليس أية صواريخ!

لقد دخل الجيش الصهيوني والقيادتان العسكرية والسياسية النفق المظلم بل أدخلوا انفسهم به بفعل قدرات وانجازات المقاومة بوجههم وهم امام تلقي صدمات اضافية ولن تستطيع اسرائيل ان تستعيد “ماء الوجه”.. انه النصر المبكّر..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.