عشرات المباني في الضاحية الجنوبية مهددة بالسقوط.. من يتحمل المسؤولية؟

 

موقع العهد الإخباري ـ
نور الهدى صالح:

أعاد سُقوط جزء من مبنى العنان في برج البراجنة، قضيةَ الأبنيةِ المتصدعةِ إلى الواجهة. فالحادثة المأسوية التي أدت إلى وفاةِ طفلة السبع سنوات سالي عيتاني ووالدتها زينب عمار، وإصابة والدها سامر عيتاني فجر الخميس 15 شباط/فبراير 2018، جَعلت اللبنانيين يستفهمون عن حالة مبانيهم، مُدركين الخطر المحدق الذي قد يلاحقهم حتى وهم في منازلهم.

مبنى العنان وأبنية مماثلة

حادثة مبنى العنان الذي يعود بناؤه الى ثلاثينيات القرن الفائت، ليست الأولى من نوعها. حيث كانت هناك حوادث مماثلة، منها سقوط مبنى فسّوح في الأشرفية (شيّد عام 1976)، وراح ضحيته 27 شخصًا. ومن المباني الأخرى المهددة بالانهيار المبنى السكني الملاصق لـ”سنتر المتحف” في بيروت، ويعود عمره لأكثر من 70 عامًا. كان قد تحطم فيه العمود الأساس وظهر منه الحديد وكاد ينفصل عن المبنى. ولا يمكننا الحديث عن المباني الآيلة للسقوط دون ذكر مبنى “الكواكب” في الكفاءات. والتي تعود أزمته لأكثر من 4 سنوات، عندما سقط سقف شرفة مطلة على الشارع. وتتالى بعدها سقوط أجزاء صغيرة من داخل الشقق، ما دفع لجنة المبنى إلى الاتصال بشركة المقاولات التي أنشأت المبنى فما كان منها إلا تقديم الوعود. مع العلم أنّ المبنى لازال يقطنه السكان رغم حالته التي يرثى لها، ورغم الانذارات التي وجّهت لإخلائه.

المبنى الذي انهار في برج البراجنة

تشير الأرقام التي خلصت إليها جمعية سلامة المباني إلى وجود 16.260 مبنى مهدد بالانهيار. القسم الأكبر يتوزع على محافظة بيروت 10460 مبنى، من ثم 4000 مبنى في طرابلس وزحلة وصيدا، و640 مبنى في قرى محافظة جبل لبنان، و600 مبنى في برج حمود والشياح، و160 مبنى موزعة بين قرى محافظة الشمال والجنوب ومرجعيون والبقاع.

واقع المباني وأسباب سقوطها

بحسب استشاريين في مجال البناء، فالمشكلة الأساس تكمن في طريقة التنفيذ بالاضافة إلى خلل في طبيعة مواد البناء، ومنها تلك المغشوشة، فضلاً عن عدم وجود رقابة فعلية، والافتقار لصيانة المباني. ويشرح أحد المستشارين وهو خبير في هذا مجال، في حديث مع موقع “العهد الاخباري” أسباب سقوط المباني، مشيرًا إلى أنّ “مشاكل الأبنية غير متقنة التنفيذ تبدأ خلال السنوات الأولى من تسليمها، بينما يتراوح العمر الافتراضي للمباني الحديثة (الخَرسانية) بين قرابة 80 الى 100 سنة”.

وتعود الأسباب الأساسيّة للانهيار بحسب الخبير الى “صدأ الحديد الموجود في الأبنية نتيجة العوامل الطبيعية، ونتيجة النش، ما يؤدي إلى تفتت الباطون وبالتالي سقوط أجزاء من المبنى”. ويشدد على “أهمية إقامة اجراءات اتزان المبنى ليكون متينا وسليما، حيث يتوجب على  المهندس أن يكون مسؤولاً عن المبنى خلال أوّل 10 سنوات من تاريخ اعماره. ويؤكّد الاستشاري على دور السكان في الصيانة، التي يتوجب القيام بها كل 3 سنوات.

وفي إطار الحديث عن المباني في الضاحية الجنوبية، يُطمئِن الخبير سكان المباني التي تم اعمارها بعد عدوان تموز 2006، مؤكّدا على أنّها “تمتاز بمواصفات جيدة مصممة ضد الزلازل وبمواد بناء عالية الجودة، وبالتالي إذا حافظ السكان على صيانتها ستعمّر طويلاً.

المسوحات والتكاليف

رغم أنّ عدوان تموز قد عاد بالفائدة على بعض الأبنية في الضاحية التي أعيد اعمارها “أفضل مما كانت”، فإن مباني أخرى ما تزال تلفظ أنفاس عمرها الأخيرة. ويؤكّد رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية لبيروت محمد درغام في حديث مع موقع “العهد”، أن عدداً من المباني في الضاحية الجنوبية مهددة بالسقوط، ويصل عددها الى قرابة 100 مبنى، مؤكداً حاجة المباني الملحّة لإعادة الترميم منعًا للسقوط.

وفيما يخصّ إجراء المسوحات، يرى درغام “أنها ليست بالأمر السهل كما يعتقد البعض، وهي من واجب الدولة المقصرة في هذا المجال”. يشير رئيس اتحاد بلديات الضاحية الى أنّ “البلدية عاجزة عن تأمين مبالغ المسوحات حيث تصل حدود البلدية المالية إلى نحو 3 مليون بينما يكلّف الحد الأدنى لتقرير المسوحات 3000 دولار”. ويضيف “هذا عدا عن الحاجة لمتخصصين بالترميم والانشاءات وعن الفحوصات المخبرية.

وبحسب درغام “يكلف إعداد أي تقرير لأي مبنى 2000 دولار، ناهيك عن جدول الكميات والخرائط الانشائية”، موضحاً أن “الناس تحمّل البلدية مسؤولية ليست من واجبها، حيث على المالك أن يقوم بصيانة شقته، وعلى الدولة أن تؤمن الآلية للقيام بالمسوحات اللازمة، وتؤمن المهندسين المتخصصين للكشف والترميم”. ويؤكد درغام على ضرورة “استنفار التنظيم المدني والهيئة العليا للاغاثة وكل من يُعنى بالأمر لتفادي الخسائر البشرية والمادية المترتبة على انهيارات المباني، والبلديات ستقوم بما تستطيع للمساهمة في الحد من هذه المشكلة”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.