عواقب التدخل التركي السعودي في سوريا

yousef-sheikh-turkey-saudi-syria

موقع إنباء الإخباري ـ
يوسف الشيخ:

ثمة محاذير وازنة تجعل من التدخل التركي – السعودي المباشر في سوريا مغامرة جديدة غير محسوبة العواقب.

ففي الاسترتيجيا يعتمد الطرفان منذ مدة أسلوب الأزمات المفتوحة، دونما أي استراتيجية للخروج من هذه الأزمات.

وهذا المنطق ابتدأ الصهاينة باعتماده منذ حرب تموز 2006 وكرروه عدة مرات في غزة بالسنوات اللاحقة. وكانت حصيلة حروب الصهاينة منذ العام 2006 ـ وبتقدير الخبراء ـ الفشل المدوي، واعتبر “تقرير فينوغراد ” أن أحد أهم عناصر الفشل هو عدم اعتماد القيادة الصهيونية استرتيجية للخروج في حرب تموز، ما كان أنقذ الكيان الصهيوني في النهاية هو الإرادة الأميركية والحاجة الغربية لحماية “إسرائيل” من أي تداعيات استراتيجية .

ما يعنينا هنا أن الحلف السعودي – التركي المستجد يعتمد منذ العام 2011 نفس الأسلوب الصهيوني في إدارة أزماته، فهو يطلق الأزمات الواحدة تلو الأخرى بأعلى قدر ممكن من الشدة دون تأمين مطالب أساسية تؤمن لهذا الحلف عنصري المبادأة والمناورة، وهما حيويان في صناعة القرار الاسترتيجي المعتمد على الحروب والنزاعات:

1- تجاهل مطالب ومحددات الأمن القومي والإرادة الوطنية لقوى إقليمية رئيسية حليفة في منطقة الشرق الأوسط (مصر – الجزائر – باكستان)

2- اعتماد الخيارين العسكري والأمني فقط وغياب أي مبادرات سياسية تؤمن الخروج الآمن في حال الفشل .

3- – عدم وجود بدائل غير عسكرية

4- عدم قطع الاشتباك مع العدو الذي بات يمتلك معظم عناصر الحسم في الميدان على المستويين التعبوي والاستراتيجي

5- – محاولة الاستفادة بأكبر قدر ممكن من طاقة أدوات الحرب الناعمة للترويج للحروب والأزمات. ومن المعلوم أن أدوات الحرب الناعمة وجدت لتستخدم في حالات النزاعات منخفضة الشدة أو لتحقيق السيطرة في أوقات السلام .

6- المقاربة المذهبية للحروب، وهذا ظهر واضحاً في التورطين السعودي في اليمن والتركي في العراق وسوريا، ولاحقاً عندما أطلق السعوديون والأتراك، كلّ على حدة، فكرة التدخل البري في سوريا، والذي أسماه خبراء ومفكرون سعوديون صراحة بأنه لا بد من إيجاد قوة عسكرية “سنيّة ” مؤثرة لتغيير الأوضاع في سوريا وحماية مصالح “السنة” .

7- تحدي إرادة القوى الكبرى في العالم ومحاولة خلق فوضى على مستوى الشرق الأوسط لمنع القوى الاقليمية والدولية المنتصرة من استثمار انتصاراتها .

هذه المعوقات السبعة تجعل من التدخل التركي السعودي انتحاراً، بل مساً بالأمن والسلام الدوليين. وثمة من اعتبر التدخل هذا دعوة صريحة لحرب عالمية جديدة.

لا يمكن تحدي العالم بأجمعه هكذا، وحتى بالعنوان السني الصريح. وثمة من يعتقد أن مصر التي تعيش على صفيح ساخن ستنفجر بوجه حكامها المتواطئين مع السعودية في اللحظة التي تندفع فيها القوى العسكرية السعودية – التركية باتجاه الأراضي السورية.

كما أن المساس بالأراضي السورية الذي لن يكون نزهة أبداً للغزاة سيفتح حدود الدولتين الغازيتين على إحتمالات خطيرة جداً منها أن الجيش اليمني الذي يحاذر حتى الآن الدخول الواسع إلى الأراضي السعودية سيجد نفسه غير مكبل في حال نفذت السعودية مغامرتها في سوريا. ونفس الأمر ينطبق على تركيا التي استطاعت حتى الآن النفاذ من تورطها في سوريا عبر دعم الجماعات الارهابية وكذلك الهروب من تحقير روسيا في إلباس اسقاط الطائرة الروسية لبوس خرق السيادة التركية. إلا أنها لن تستطيع التصدي لرد سوريا وحلفائها في حال تجاوز الجيش التركي عتبة الحدود السورية غازياً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.