فيصل كرامي في الذكرى 27 لاغتيال عمه: طرح جعجع رئيسا للبلاد هو نسف لمواثيق العيش المشترك

faysal-karami

جدد الوزير فيصل كرامي موقفه من ترشح سمير جعجع لرئاسة الجمهورية، معتبرا ترشحه “عار على الديمقراطية، وعلى العدالة في لبنان، ونسف لمواثيق العيش المشترك”، لافتا أعلى المرجعيات المارونية الى أن “الطائفة المارونية الكريمة فيها الكثير من الشخصيات المؤهلة لهذا المنصب، ولم يكن ضروريا ترشيح مجرم قتل أحد أبرز وأهم زعماء الطائفة السنية في الجمهورية اللبنانية”.

وإذ أكد “فشل التوافق القائم على معادلات التحاصص المذهبي”، اعتبر انه “لا يوجد بلد في العالم يمكن اختصاره بعدد من أمراء الطوائف”، لافتا الى “أن كل ما صدر عن طاولات الحوار غير دستوري، ولا قيمة له إلا في حال تصديقه من المؤسسات الدستورية”.

وقال: ” لن نقبل بعد اليوم بتطبيق مشوه للدستور، ولن نقبل بقانون انتخابات مخالف للدستور يلغي القوى الحية في المجتمع ويحول هذه الانتخابات الى تعيينات”، معلنا “مباركته الخطة الأمنية الأخيرة في طرابلس، رغم كل الشوائب”، مشيرا إلى أنها “أنهت جولات القتال العبثي، وأوقفت الفجور السياسي الذي استعمل دم الناس وأرزاقهم في لعبة دموية مزدوجة”، مؤكدا “أن اكتمال هذه الخطة لا يكون إلا عبر متابعة قضائية جدية لملف جريمتي التفجير في مسجدي السلام والتقوى، وأن طرابلس لن ترضى بأقل من العدالة تجاه دم أهلنا الذين استشهدوا في بيتين من بيوت الله في وضح النهار”.

كلام كرامي جاء خلال مهرجان شعبي حاشد في مناسبة الذكرى 27 لاغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي، في باحة قصر عبد الحميد كرامي في كرم القلة، تخلله إطلاق مفرقعات نارية، وأهازيج شعبية، ومشاركة حشود قدرت بعشرات الألوف، في حضور ممثلين عن: الرئيسين اميل لحود ونجيب ميقاتي، رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون وعن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، وعن النواب محمد الصفدي، طلال ارسلان، سليمان فرنجية وأحمد كرامي، الوزير السابق عبد الرحيم مراد وعدد من النواب السابقين، إضافة إلى حضور رؤساء بلديات ومخاتير، ورجال دين مسلمين ومسيحيين، وفاعليات وحشود من أبناء طرابلس والشمال.

البداية كانت بتلاوة مباركة من آيات من الذكر الحكيم للشيخ يوسف الديك، ثم النشيد الوطني، فكلمة لعريف الاحتفال المحامي رشيد كركر، قال فيها: “منذ 27 عاما إرتفع الرئيس رشيد كرامي إلى ربه شهيدا، ومشى نعشه محمولا على أكفكم، معطرا بماء وضوئه ودموع محبتكم، مكفنا بثياب العابدين، صائما عن طيبات الدنيا، شاهدا على مكانة الرشيد عند بارئه في قلوبكم، وعلى وضاعة قاتل نفذ جريمته وشرب نخبها خمرا ووحشية. القاتل معروف. القاتل هو مشروع الدويلات والفتن المتنقلة عبر تاريخ هذا البلد المضطرب. والقتيل معروف أيضا، الدولة ورجالها. الوطن ومقوماته. أرادوا اغتيال الدولة لتحل الدويلات أو ليحكم منطق الدويلات بدل الدولة”.

أضاف “منذ أيام، صمودكم ووفاؤكم أسقط حلمه بالحصول على عفو سياسي والوصول الى قصر بعبدا، فخرج من معركته يحمل لقبا واحدا: “قاتل برتبة مجرم، ولأن السياسة كانت للبيت الكرامي رسالة والتزاما بقضايا أمة ووطن، قيد لهذا البيت الكريم أن تلقى مسؤولية بناء الدولة، دولة الطائف الذي كتب أفكار الرشيد ونهجه الإصلاحي، على عاتق دولة الزعيم عمر كرامي، فحمل المسؤولية بحزم وعزم وعنفوان سيدون في صفحات التاريخ الذهبية. حل الميلشيات ووحد المؤسسات وحضن كل أبناء الوطن كرجل دولة بإمتياز، وحقق حلم أبيه المؤسس وشقيقه باني المؤسسات بأن أصبح لبنان عربي الهوى والهوية، لا ذا وجه عربي”.

وتابع “وعلى سنة كل من تصدر هذا البيت بقيت طرابلس قلبه وقالبه، لا بل كان حب طرابلس تهمته الوحيدة والمحببة. من مقاعد النواب ومنابر المجلس النيابي هو المعارض الذي ينتظر قوله الخصم والحليف. نعم بهكذا رجال تكون الدولة، وبهذا الأداء تبنى. وحتى حين انكشفت خيوط دلت على قاتل الرشيد، لم يطلب انتقاما ولا ثأرا، ولم يأت تصرفا واحدا يهدد الأمن والسلم الأهلي وهو القادر، بل طلب العدالة ووقف أمام محاكم دولته وقضائها كأي مواطن يرتجي حقه. وحين أرسلت الفتنة المذهبية نذرها المستطير، قبض على عروبته كالقابض على الجمر، ووقف بوجهها وتصدى لها بحكمة وعقل غير آبه بالثمن الذي سيدفع”.

وأردف “من هذا النسل وهذا الأصل خرج فيصل كرامي حائزا حنكة الرشيد وعنفوان عمر في السلطة إنجازاته شواهد، من الميناء في طرابلس إلى أقاصي بعلبك مرورا بجبيل وجونية وصولا الى بنت جبيل والجنوب المقاوم، بحيث باتت وزارة الشباب والرياضة وزارة لكل شباب لبنان على اختلاف إنتماءاتهم ولكل الرياضة، في السياسة آمن بسياسة اليد الممدودة بكرامة. في المواقف، لا إفراط ولا تفريط في الثوابت، عزز ثقة الحليف وحاز إعجاب المشككين. لم يكترث لكل الحسابات حين عصف الخطب مدينته، اعتبرها حربا عبثية، ووقف محملا من يجب أن يتحمل المسؤولية. لم ينصر طرفا على طرف وانتصر لمدينته. وفي النهاية انتصر موقفه ومنطقه. تؤلمه جراحات العروبة النازفة وكيد من تربص بآمال أمته بالتغيير، فحولها إلى سيل دم شوه التاريخ وعبث بالحاضر وهدد المستقبل. إسرائيل هي عدو أمته، ومقاومة غطرستها عنوان عزة وشموخ”.

ختم: “مدينتك في هذا اليوم من كل عام ترتدي حزنها، كفنت شهيدها بثوب الوفاء وأقسمت أن تبقى نابضة حبا وكرامة وهي ترفعه للسماء. ولا زالت تلك اللحظات التي ارتفع الشهيد فيها إلى مثواه الرفيع ماض فينا حتى الشمس، في كل عام وفي هذه اللحظات، تلملم بعضا من وهجها حزنا والبحر يكون أكثر سكونا وينثر دموعه زبدا وحبا. ونحن كما كل عام مثل هذه الشمس وهذا البحر، نحتاج كلماتك تمسح بعضا من حزننا، تكتب بعضا من آمالنا، ترسم لنا أفقا لا يشبه ماض قريب يعيش في الحاضر آخر لحظاته، بل مستقبلا مشرقا واعدا يقول إننا عروبيون وطنيون طرابلسيون إلى قلب المعادلة الوطنية”.

كرامي

ثم كانت كلمة الوزير كرامي الذي قوطع خلال القائها عشرات المرات بالهتافات والاهازيج التي تذكر بأيام الرشيد، ومن أبرزها ما درج عليه الطرابلسيون في علاقتهم مع البيت الكرامي العريق مثل أهزوجة “الورد مفتح فوق بيت كرامي، بعيني شفتو فوق بيت كرامي”، وأهزوجة اخرى متوارثة من ايام عبد الحميد والرشيد وصولا الى الرئيس عمر كرامي وفيصل كرامي تقول: “عز البلاد رجالها، الله يلعن خوانها”.

وقال كرامي: “أبي، قائدي وسيدي ومعلمي، دولة الرئيس عمر كرامي، أيها الأهل، أيها الأوفياء، هل ترون ما أرى؟ ها هو رشيد كرامي يجمعنا مجددا في داره، يصافح رفاق وأصدقاء الأمس المكللين بالشيب والوفاء، ويصافح الأجيال الجديدة المتوجة بالأمل والكبرياء، ويسأل عن أحوال البشر والشجر والحجر، يسأل عن البيوت المسكونة بالخير والمحبة والبساطة والشهامة، يسألنا عن حبيبته التي افتداها بالروح، ولا حبيبة له إلا طرابلس”.

أضاف “يعز علينا الجواب، ويغص الكلام، حبيبتك يا رشيد طرابلس وشهيدها، حبيبتك مظلومة مقهورة، حبيبتك مظلومة مقهورة مخطوفة، حبيبتك نالوا من مجدها ومن كرامتها ومن طيبة أهلها، حبيبتك جوعوها وحرموها و”استوطوا حيطها”، حبيبتك سفكوا فيها الدماء، وهدموا الأرزاق، وهجروا الشباب، وهتكوا الوجدان، لكنها طرابلس التي تعرفها يا رشيد، طرابلس التي صبرت على جراحها طويلا، ولكنها: من القبة، قبة النصر، من باب التبانة باب الذهب، من جبل النار، من الحدادين والنجمة والتل والبازركان، من الزاهرية والميناء، من قلعة “ابو سمرا”، من نهر ابو علي، من عزمي والمئتين وطريق الميناء والمعرض والثقافة والمنلا ومار مارون، من كل الشمال، من عكار والضنية والبداوي ومرياطة والقلمون والكورة والبترون، من كل شباك مفتوح الى السماء، طرابلس هذه لم تفقد صوتها الهادر، اسمعه، اسمعه يا رشيد: عز البلاد رجالها! أنتم عزها وأنتم رجالها، أنتم شرفها وكرامتها وعنفوانها، أنتم الذين “ظلموكم” و”ضيقوا عليكم”، ولكنكم صبرتم ولم تغيروا ولم تبدلوا، أنتم الأوفياء يا أهل العز والوفاء”.

وتابع “لن أحكي عن رشيد كرامي. مجده يحكي عنه. حبكم له يحكي عنه. دمه يحكي عنه. ولبنان كل لبنان يحكي عنه، ولكن في ذكرى رشيد كرامي، اليوم، سأكسر الصمت الذي كان نهجا اعتمدناه طوال 27 سنة، حقنا للدماء، وحفظا لوحدة الصف، وصونا لمصلحة المدينة ومصلحة الوطن. ظلمونا واستسهلوا حين لم نرد، اليوم، المصلحة الوطنية، ومصلحة المدينة، وقبلهما عدالة السماء والأرض. كلها تفرض علينا أن نحكي، فليسمع من يجب أن يسمع.

أولا: “بيت كرامي 100 سنة بالحكم والسلطة، شو عملوا لطرابلس”؟ هذه النغمة تعرفونها. بعد هذا اليوم، على من يريد التلفظ بهذا الكلام ان يعد للمئة، لأن النيل من عبد الحميد، ومن رشيد، ومن عمر كرامي، هو نيل من شرف طرابلس، وليعلم القريب والغريب، والقاصي والداني، كما يقولون! لو أردت الآن أن أعدد ماذا فعل جدي وعمي وأبي لطرابلس، بل للبنان، سنبقى هنا لمنتصف الليل”.

وقال: “سأخبركم ماذا لم يفعل بيت كرامي لطرابلس، وبأختصار: بيت كرامي أولا لم يشتروا الكراسي والمناصب على حساب كرامة طرابلس. أكثر 3 رؤساء حكومات استقالوا طوعا من الحكم هم: عبد الحميد ورشيد وعمر كرامي. بيت كرامي لم يقبلوا يوما الا أن تكون طرابلس رأسا، واذا لم تكن رأسا في السلطة، فهي رأس في المعارضة. بيت كرامي لم تمر في عهودهم مشاريع اعمار وانماء وحتى تعيينات إلا وكانت حقوق طرابلس محفوظة بالورقة والقلم. بيت كرامي لم يدخلوا الحرب الأهلية. لم يؤسسوا ميليشيات. لم يسلحوا الناس ويرموهم على الجبهات. لم يوزعوا شهداء الأزقة والشوارع على بيوت الفقراء لكي يستثمروا لاحقا هذه الدماء في التسويات والصفقات”.

أضاف: “بيت كرامي لم يلتحقوا بأحد مهما كان كبيرا او قويا، لا في الداخل ولا في الخارج. بيت كرامي لم يقبلوا يوما ان يعاملوا طرابلس بأنها “خزان بشري”. طرابلس كانت وتبقى هي النبع وليس الخزان. بيت كرامي لم يقامروا بأمن الناس ورزق الناس ودم الناس، ولا لحظة، ولا ثانية، لا بل، ماتوا من أجل الناس، وقدموا الدم الأغلى، وهو دم رشيد كرامي، من أجل الناس”.

وتابع “ثانيا: لكل من نسي لماذا قتل رشيد كرامي، لا بد من إنعاش ذاكرته، بل لا بد من منع هذا التزوير الفاضح للتاريخ، والذي يتم الترويج له كمقدمة لهدر دم رشيد كرامي مجددا. رشيد كرامي قتلوه لأنه وقف صخرة منيعة في وجه تقسيم لبنان. نعم، كان رشيد كرامي العائق الكبير أمام أحلام ومشاريع مجنونة ترفع شعارات الفيديرالية وتنفذ “أجندة” اسرائيلية تريد تحويل لبنان إلى مجموعة دويلات طائفية. بكل بساطة، قتله التقسيميون. قتله عملاء اسرائيل بأمر عمليات من اسرائيل. وهؤلاء القتلة لا يزالون في واجهة المشهد اللبناني، ومشاريع التقسيم لم تمت وان كانت اتخذت أشكالا أخرى ومسميات جديدة. ومع ذلك، وبعد 27 سنة على استشهاد رشيد كرامي أقول ما قاله الرئيس عمر كرامي: “ما أقوى القتيل وما أضعف القاتل، حين يكون القاتل رمز تقسيم لبنان، وحين يكون القتيل شهيد وحدة لبنان”.

وأردف “ثالثا: جعجع ورئاسة الجمهورية. ترشيح جعجع ايها الأخوان مسرحية مملة وتافهة، وخطورة هذا الترشيح انه جرى بموافقة الطبقة السياسية اللبنانية تحت حجة الديموقراطية. أن مجرد وجود جعجع في الساحة السياسية هو عار على الديموقراطية وعلى العدالة في لبنان. الأهم أن طرح هذا المجرم رئيسا للبلاد هو نسف لمواثيق العيش المشترك وهذا ما قلناه لأعلى مرجعية مارونية، وطبعا الطائفة المارونية الكريمة فيها الكثير من الشخصيات التي تصلح لهذا الموقع الوطني الكبير، ولم يكن ضروريا ترشيح مجرم قتل أحد أهم زعماء الطائفة السنية في لبنان، ان لم يكن الأهم. ان مجرد وجود جعجع في الساحة السياسية هو أهانة للطائفة السنية”، لافتا أنه “المهم، مهما دافعوا عن جعجع، ومهما حاولوا تلميع صورته، ومهما أغدقوا عليه الأموال والقصور، سيبقى جعجع مجرما أدانته أعلى هيئة قضائية في الدولة اللبنانية، وصدرت في حقه أحكام واضحة تستند الى كل ما يلزم من قرائن واثباتات”.

وختم ب”رابعا: لا بد أن أتطرق الى توزير جعجع في حكومة الرئيس عمر كرامي عام 1992. يا سادة يا كرام، لقد صرعونا في الأعلام بأننا وزرنا المجرم. بأختصار شديد: الرئيس عمر كرامي عين سمير جعجع وزيرا في حكومة نزع سلاح الميليشيات قبل سنتين من قيام حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري بحل حزب القوات اللبنانية وإلقاء القبض على جعجع، ومن ثم إدانته بإغتيال رشيد كرامي، والحكم عليه بالاعدام المخفف الى السجن المؤبد. خامسا : رغم كل المرارة التي عشناها في مسرحية ترشيح القاتل، ولكنها كانت مناسبة لكي يرى بعينه، ولكي يرى داعموه ايضا، ان طرابلس أوفى وأشرف وأكبر من أن تقفز فوق دم رشيد كرامي”.

وحيا نواب طرابلس “الذين تجاوزوا السياسة ورفضوا التصويت ضد ضمير المدينة ووجدانها. كذلك الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي والوزير أحمد كرامي والنائب محمد كبارة. والنائب فادي الأعور، ابن جبل لبنان، الذي وضع في صندوقة الإقتراع ورقة بأسم رشيد كرامي”، مشيرا إلى انها “الورقة التي قال عنها عمر كرامي بأنها أقوى من 48 ورقة حملت اسم قاتل رشيد كرامي”، كما حيا “كل نواب الأمة الذين رفضوا التصويت لصالح مجرم تم إطلاق سراحه بقانون عفو غير شرعي وغير قانوني”، مؤكدا “نعم أيها الأحبة، لم نسامح ولن ننسى. ولكننا لا ندعو الى الإنتقام، بل الى العدالة. وسيبقى دم رشيد كرامي يلاحق القاتل الى يوم الدين”.

ثم انتقل كرامي الى الوضع السياسي في لبنان والمنطقة قائلا: “لن يتسع الوقت لكي أتطرق إلى مجمل الواقع السياسي في لبنان والمنطقة. وسأكتفي بعناوين سريعة ومقتضبة تحدد مواقفنا من الأوضاع الراهنة. بالنسبة الى الفراغ في سدة الرئاسة، نحن لا نوافق على هذا التوصيف، وفي الدستور هو “شغور” وليس فراغا، لأن مجلس الوزراء تناط به في هذه الحالة التي حددها الدستور صلاحيات ومسؤوليات رئيس الجمهورية. المهم، ان لا يكون هذا الشغور مقدمة لفراغ سياسي يعطل البلاد والمؤسسات وينقل النزاع مجددا الى الشارع، وهذا يتطلب حكمة القوى السياسية ورؤساء الكتل النيابية ومكونات الحكومة الحالية، لكي يحافظوا على الحد الأدنى من الأستقرار السياسي والأمني والأقتصادي، لأن الشعب لم يعد يحتمل أي معاناة جديدة”.

أضاف: “وبالنسبة الى التوافق الذي ننادي به منذ سنوات، دعوني أقول لكم أن معادلات التحاصص المذهبي أثبتت فشلها، وليس هذا هو الوفاق الذي يحلم به اللبنانيون. لا يوجد بلد في العالم يمكن اختصاره بعدد من أمراء الطوائف، ولبنان تحديدا بلد دقيق وحساس وله خصوصية لا يمكن تجاوزها، وعلينا فعلا لا قولا ان نخرج من الحصريات المذهبية وان يشعر كل اللبنانيين أنهم شركاء في بناء الوطن. لن نقبل بعد اليوم بقانون انتخابات مخالف للدستور يلغي القوى الحية في المجتمع ويحول هذه الإنتخابات الى تعيينات. ولن نقبل بتطبيق مشوه للدستور. أما أن نطبق الدستور وإما ان نجتمع ونتفق على الدستور الذي سنلتزم به ونطبقه. وبالمناسبة، كل طاولات الحوار هي غير دستورية، وما صدر عنها لا قيمة له، ولا شرعية له، إلا في حال تصديقه في المؤسسات الدستورية”.

عن الوضع الأمني قال: “أما بالنسبة الى الوضع الأمني في كل لبنان، وفي طرابلس على وجه الخصوص، فنحن نبارك الخطة الأمنية الأخيرة مهما قيل فيها، ويكفي أنها أنهت جولات القتال العبثي وأوقفت هذا الفجور السياسي الذي استعمل دم الناس وأرزاق الناس في لعبة دموية مفتعلة. وهنا نوجه التحية الى الجيش اللبناني الذي حملوه أكثر مما يحتمل، ولكنه صمد ووقف في وجه العواصف، وأثبت مجددا أنه، المؤسسة الوطنية التي ترمز الى وحدة الوطن. والتحية أيضا الى كل المؤسسات الأمنية الشرعية التي لم تقصر في القيام بما يمليه عليها الواجب. ولكن، لدينا اعتراض كبير على هذه الخطة الأمنية يتعلق بالشأن القضائي، وتحديدا بملف جريمتي التفجير في مسجدي السلام والتقوى. وهنا أيضا، لن نسامح ولن ننسى، لن ترضى طرابلس بأقل من العدالة تجاه دم أهلنا الذين استشهدوا في بيتين من بيوت الله في وضح النهار”.

وعن الوضع المعيشي قال: “في ملف سلسلة الرتب والرواتب وانصاف الموظفين واعطائهم حقوقهم، موقفنا معروف، ونحن نعتبر ان إقرار السلسلة أولوية وطنية لأنها الخطوة الأولى نحو إنقاذ وترميم الطبقى الوسطى في المجتمع اللبناني. واني أدعو مجلس النواب الى الأفراج عن حقوق الناس وتدارك انفجار اجتماعي كبير قبل فوات الأوان”.

ثم توقف عند موضوع حرية الإعلام فقال: “أريد أن أشير أيضا الى موقفنا الأخير من حرية الإعلام، نحن أيها الأخوة لا نملك وسائل إعلام، ولا نمول وسائل إعلام. ولكن، نحن مع الحريات الأعلامية التي نعتبرها من الأسس التي يقوم عليها لبنان، ومن هنا وقفنا مع “تلفزيون الجديد” ومع “جريدة الأخبار” في الأزمة الأخيرة، ونجدد اليوم التضامن مع هاتين المؤسستين تماما كما كان عمر كرامي الصوت الصارخ ضد إقفال الـ mtv ايمانا منه بأن إسكات الإعلام بالقوة هو ضرب لمميزات لبنان وللمبادئ التي يؤمن بها اللبنانيون”.

أضاف “بقي قبل أن أختم، أن أذكر بثوابتنا الوطنية والقومية التي لا نحيد عنها. نحن وأنتم، لم نضيع البوصلة ولن نضيعها. لدينا عدو واحد هو عدو هذه الأمة، الكيان الأسرائيلي الغاصب الذي يحتل الأرض وينتهك الحقوق. ونحن نبني مواقفنا من الآخرين، كل الآخرين، إنطلاقا من إيماننا بأن القضية المركزية للأمة هي الصراع العربي – الأسرائيلي، وكل القضايا الأخرى التي تتصدر أولويات العرب في هذه المرحلة هي، بكل أسف، تسيء الى قضيتنا الكبرى، وأحيانا تخدم العدو من حيث ندري أو لا ندري”.

وخاطب الحضور “ايها الطرابلسيون، من هنا، من بيت عبد الحميد ورشيد وعمر كرامي، ها أنا أقول لكم ما قاله آبائي وأجدادي: تعالوا نضع اليد في اليد من أجل طرابلس. هذه المدينة طيبة وكريمة ومعطاءة وتتسع للجميع، وتحتاج للجميع، فلنشرب من نبعها الصافي ماء الأخوة والتعاضد والتكاتف، ولنلبي نداءها، ونداؤها ان اجتمعوا وكونوا قلبا واحدا ويدا واحدة”.

وختم: “أيها الطرابلسيون، غدا ستنجلي الغيوم السوداء التي تطبق على لبنان والمنطقة، وسيكون هناك منتصرون ومهزومون، وستولد تسويات وصفقات. ولكن، من كتاب رشيد كرامي أقول لكم: طرابلس لن يكون فيها “غالب ومغلوب”. وطرابلس في آخر المطاف عائلة واحدة كبيرة، وقوتها في وحدة هذه العائلة، وفي اجتماع الشمل على القيم التي اورثنا اياها الآباء ونحب أن يرثها الأبناء. الدرب طويل، سنمشيه معا، سنحمل المنارات معا ونستكشف الطرقات الآمنة الى الخلاص، وسنواجه الشدائد معا ونكون السد المنيع في وجه أعتى العواصف. ولن يأخذنا الحنين الى الأمس، مهما كان جميلا، بل سيشدنا التوق الى الغد الذي نريده أجمل. عاهدوني الآن، أن تجتمعوا في هذا المكان في العام القادم وتقولوا لرشيد كرامي في عليائه: مدينتك بخير، حبيبتك بخير، أهلك بخير”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.