قُطّاع رؤوس التماثيل

eqwqewqew1

صحيفة الخليج الإماراتية ـ
يوسف أبو لوز:

ما الذي أحرزه قُطّاع رؤوس التماثيل، هؤلاء الظلاميون والمتعصبون حتى العماء، سوى الخيبة والفضيحة أمام العقول العربية التي تكبر وتتفتح تحت الشمس؟

قطّاع الرؤوس وقطّاع الطرق من طينة واحدة، وإن اختلفت الفؤوس والسيوف، غير أن الذين يشنّون حرباً على تماثيل فنية لا تصنيم فيها، وهي أبعد ما تكون عن الرموز الدينية، إنما يصدرون في هذه الحرب الجاهلية عن فكر أحادي مظلم ومتعصب، إلى درجة إلغاء الفكر الآخر وإقصائه من حاضره ومن ماضيه، حتى لو كان هذا الفكر يتمثل في مجرّد تمثال .

ولكن، لنعد إلى التساؤل الأول: ما الذي أحرزه هؤلاء؟

إن انقضاض حفنة من المتعصبين على تماثيل لأبي العلاء المعرّي في سوريا، وطه حسين في مصر، وبدر شاكر السيّاب في العراق، وشكري بلعيد في تونس، إنما يقدّم أكبر خدمة لهؤلاء الموتى الذين يعودون إلى الحياة أكثر حضوراً مما كانوا عليه قبل مئات وعشرات السنوات .

ها هي أجيال جديدة لم تكن تسمع بأبي العلاء المعرّي ولا تعرف عنه شيئاً، تعود إلى مؤلفاته في المكتبات العامّة والخاصّة، وتبحث عن مدوّناته وآرائه وأفكاره وأشعاره في الكثير من المواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية .

قُطّاع رأس أبي العلاء المعرّي، ومن دون أن يدروا، جعلوا القارئ العربي يعود إلى قراءة ديوانه “سقط الزند”، وكتابه الفلسفي “رسالة الغفران” ومراجعتهما، ولقد اتصل بي عدد من القرّاء يسألون عن كيفية الحصول على ديوان “اللزوميات” بعد أن قرأوا خبر قطع رأس صاحبها .

ها هو طه حسين الذي اقتلع تمثاله في القاهرة على أيدي ظلاميين عصابيين يعود إلى التداول الثقافي الجديد، خصوصاً في كتابه “في الشعر الجاهلي”، وهو الذي وضع كتاباً تحت عنوان “مع أبي العلاء في سجنه” .

الكثير من القرّاء العرب بعد موجة الحرب على التماثيل عادوا اليوم من جديد إلى قراءة بدر شاكر السيّاب، صاحب أنشودة المطر الذي جعل من نهر بُويب العراقي نهراً ثالثاً بعد دجلة والفرات .

أخيراً يكفي قول المعرّي:

ولمّا رأيتُ الجهلَ في الناسِ فاشياً

تجاهلتُ حتى ظُن أنيَ جاهِلُ

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.