كلنا مقاومة

huzbullah 159

حين كنت مقاوماً تحمل السلاح في جنوب لبنان وبقاعه الغربي وتلال كفرشوبا والعرقوب، وحين كنت ملاحقاً من قوى عدة لتمنعك من قتال عدوك، وتحاول “حصر” البندقية وتطبيعها بالطابع الإسلامي. أسألك:

كم مرة رميت بندقيتك يأساً من ملاحقتك؟ وكم مرة قلت: ” عمرو ما يكون تحرير” ؟
واثق من إجابتك … ولا مرة.

ليس لأنك شجاعاً إختار التحدي وقرر وهب حياته فداءً للوطن فقط، بل أنك كنت عنيداً ومصراً أكثر لأنك تعلم وجهتك ولأنك حددت بوصلتك الى الوجهة الأصلية، ولأنك كنت تعيش أكثر من غيرك متعة التخفي والتسلل، التي لا يعرف لذتها غيرك أنت، ولا يستطيع أحد غيرك أنت، أن يصف أو أن يشعر شعورك وأنت تندس وتتسلل من خلال أناس كانوا يراقبونك ويتربصون بك، فتنفذ عمليتك ضد الصهاينة وتوقع فيهم من توقع بين قتيل وجريح، وتعود الى التسلل ثانية الى قاعدة إنطلاقك تنتظر الأمر لتعاود الكرة. نعم أعرف وتعرف بأنه لو كانت الأمور أسهل لكان العمل أفضل ولكنك تعايشت مع الواقع وفرضت نفسك وفرضت “جمولك” معادلة صعبة يأس من يحاول وأدها ولم تيأس أنت ولم تتراجع ولم ترمي بندقيتك.

ولكن مع الأيام جرت رياحك بما لم تشتهيه سفنك، وأتتك الضربة من الخلف هذه المرة. سقط الدعم والتمويل والتخطيط وصرت مجبراً على إستنباط الحلول وإيجاد السبل للإستمرار. ولكن الى متى ؟

حين صار العمل بالإمكانات الفردية، والتجهيز بما تيسر ومعظم الأوقات كان من حسابك الشخصي، لم تتردد ولم تتوقف ولم يدفعك سوء التجهيز وندرة العتاد الى الكسل بل زادك حماسة، ولكن حين صار التخطيط لأصغر عملية إذا ما وجد ، يخضع لنقاشات ومحادثات بين الكثيرين فصار يعلم بموعد عمليتك أكثر مِن ما يجب أن يعلم، وصارت عملياتك وقبل تنفيذها موضوع محادثات بسهرة ما، بحضور من قد يكون غير معروف الوفاء وغير مأمون الكتمان. فكانت الكارثة التي لم تستطع أنت تحملها لأنها صارت تهدد كيانك ووجودك بشكل جذري، وكانت الكارثة الأعظم توالي الفشل وسقوط عدد كبير من الشهداء والأسرى نتيجة سوء التخطيط والإدارة.

إذاً أوقفك أهل البيت “مجبريين” وبجهد قليل، بعد أن كان أقرباءك يوقفونك بجهد عالي وإصرار أعلى. من إستهتر بحياتك من أهل بيتك ومن قلل من أهمية عملك هو من أوقف عملك على الأرض وعندها أضطررت أنت والكثيرين أمثالك أن ترضخ وتتراجع تاركاً الساحة للفصائل الأخرى التي أكملت ما بدأت ونتج عن الإستمرار الوصول الى حلمك بالتحرير. رغم تنكر الكثيرين لعملك وجهدك وإسهامك الكبير في تحرير الأرض لم تتأثر ولم تطالب بغنائم النصر وإعتبرت بينك وبين نفسك بأن ما قطفه الأخرون هو نتاج زرعك وبذرتك، التي بذرتها ورويتها بدماء رفاقك وعرق جبينك كافية لتشعر بالرضى وليشعر من سقطوا على الأرض الغالية بأنهم خالدون في قلوب من يعرفونهم دون الحاجة الى ساحات وشوارع تحمل أسمائهم فهم أعلى الصغائر وأوسع من الساحات وأطهر من المراكز والمكاسب. أساساً أنت لم تكن تفكر بالمكاسب المادية غير مكسب تحرير الأرض وتحرير أبناء الأرض سواء من القيد أو تحرير أرائهم وهذا ما نلت.
والأن يأتي من يتحدث بإسمك وهو لم يكن معك ولا الى جانبك ويقول بأنك لم تكن راضياً وأنك جبنت وأنك لم تكمل بسبب خوفك من أن تقع بأيدي القوى التي كانت تعيق تحركك وتقف عائقاً بينك وبين أهدفك!!!

قل لهم بأن الأرض تحررت وهذا يكفينا وأن رفاقي الأسرى عادوا وأن رفاقي الشهداء قد رجعوا وسكنوا الأرض التي قدموا حياتهم لكي يكون لهم فيها موطأ قدم. وأكمل حياتك يا رفيقي وربي أولادك على حب الأرض وعلمهم بأن حرية الأرض والإنسان أغلى من أن يستثمرها أو يطمع فيها كائن من كان.

وسام عيسى

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.