لا للعبة واشنطن ذات الغلة الصفرية

صحيفة البعث السورية-

عائدة أسعد:

هل ما زالت الولايات المتحدة حليفتنا؟ هذا هو السؤال المهم الذي لا يطرحه مسؤولو الاتحاد الأوروبي فحسب، بل والعديد من الأوروبيين، وهو السؤال الذي أثارته حقيقة أن واشنطن تجني ثروة كبيرة من المشاكل التي تواجهها الدول الأوروبية.

لقد تحولت دول الاتحاد الأوروبي التي تحاول تقليل اعتمادها على روسيا للحصول على الطاقة إلى الولايات المتحدة للحصول على الغاز لتجد أن السعر الذي يتعين عليهم دفعه يبلغ أربعة أضعاف السعر في الولايات المتحدة.

ونتيجة لذلك، ارتفعت تكاليف الطاقة للصناعات في دول الاتحاد الأوروبي بشكل كبير، وارتفع معدل التضخم، وها هي دول الاتحاد الأوروبي وشعوبها تدفع ثمناً باهظاً للاضطراب الناجم عن الصراع الذي حرضت عليه الولايات المتحدة بين روسيا وأوكرانيا، وبالتالي تنجر الاقتصادات الأوروبية إلى الركود مع ارتفاع التضخم، كما يهدد الضغط المدمر على إمدادات الطاقة بانقطاع التيار الكهربائي وزيادة التقنين هذا الشتاء.

إن دول الاتحاد الأوروبي تتعرض للهجوم من قبل حليفها عندما يقدم كلا جانبي الأطلسي المساعدة العسكرية والمدنية لأوكرانيا. وعليه، ما يجعل مسؤولي الاتحاد الأوروبي والشعوب الأوروبية أشد غضباً هو حقيقة أنه بدلاً من التراجع عن أفعالها الأنانية، عززت واشنطن سياستها الخاصة بالتسول بالجار من خلال تبني قانون الرئيس جو بايدن لخفض التضخم، وهو عبارة عن حزمة ضخمة من الضرائب والمناخ والرعاية الصحية.

وبموجب هذا القانون، أعلنت واشنطن عن خطة دعم صناعي بقيمة 369 مليار دولار لدعم صناعاتها الخضراء، الأمر الذي أثار مخاوف من اندلاع حرب تجارية عبر المحيط الأطلسي، كما يقال أن المسؤولين في بروكسل يضعون خططاً لصندوق دعم حرب طارئ لإنقاذ الصناعات الأوروبية من الانهيار.

لقد أعرب العديد من مسؤولي دول الاتحاد الأوروبي عن إحباطهم من الطريقة التي تتجاهل بها إدارة بايدن تأثير سياساتها الاقتصادية المحلية على الحلفاء الأوروبيين، وآن لأولئك المسؤولين أن يدركوا بأن واشنطن لا تغض الطرف فقط عن عواقب أفعالها على اقتصاد الاتحاد الأوروبي، وحياة الشعوب الأوروبية، بل يمتد تأثيرها على العالم بأسره.

إن الأمر بالنسبة للقوة العظمى الوحيدة في العالم يتعلق ببساطة بالولايات المتحدة أولاً، واللعنة على الباقي، لأنه من خلال الاستفادة من مكانتها كأقوى قوة اقتصادية وعسكرية، فإنها تبتز العالم بأسره لتحقيق مكاسبها الخاصة.

إن عقوبات واشنطن الاقتصادية، وسلطاتها القضائية طويلة الأمد، وسياساتها تجاه الجار ليست أكثر من عملية ابتزاز، وقد حان الوقت للدول الأوربية بما فيها من الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة، أن تتكاتف وتقول لا للعبة واشنطن ذات الغلة الصفرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.