لماذا يتداعى نظام الطائف؟ قانون الإنتخاب وهيئة التنسيق

hosam-matar2

حسام مطر ـ
مقال خاص بمدونة الكاتب:

هناك قاعدة عامة تُستعمل عادة لتفسير التحولات السياسية والصراعات، ومفادها أن كل نظام، بالمعنى العام، يتم تأسيسه ليخدم مصالح قوى محددة بما يتلاءم مع ميزان القوى القائم.

ويبقى هذا النظام مستقراً الى حين تغير ميزان القوى وصعود مجموعات جديدة لا يخدمها النظام القائم فتسعى الى تغييره ووضع قواعد جديدة تراعي مصالحها.

يمكن القول إنه بعد أكثر من 20 سنة على إتفاق الطائف، تغيّرت موازين القوى التي بُني عليها. المسيحيون عادوا إلى المعادلة، المقاومة أصبحت شريكاً في العملية السياسية، التيار العلماني- المدني  توسعت قاعدته، والسلفيون يقضمون حصة الحريرية.

وحتى إقليمياً، القطبان الإقليميان في الطائف ـ أي السعودية وسوريا ـ تدهورت قوتهما لمصلحة قوى جديدة كإيران وتركيا.

كل هذه القوى الجديدة، إما كانت غائبة عن حسابات الطائف، وإما كانت على هامشه. واليوم، في لحظة صعودها، تجد أن النظام القديم ليس ملائماً لمصالحها، ولذا من الطبيعي أن تسعى، إما لتغيير الطائف، وإما لتطبيقه بآلية جديدة، قد تكون بتطبيق أدق للنص.

لم يكن هذا التغير الوحيد، حتى طبقياً حصلت تحولات هامة، إذ نتيجة الهيمنة التي مارستها “الطبقة الكمبرادورية”، كما تسمى، أو طبقة وكلاء رأس المال المعولم في القطاعات المصرفية والخدمية والعقارية، جرى تدمير ممنهج وإفقار متدرج لمختلف الطبقات بالتوازي مع تركز شديد لرأس المال.

تمكنت هذه الطبقة من إحكام قبضتها على اللبنانيين، لا سيما من خلال “الدين العام” ذي الفوائد العالية، ما جعل من اللبنانيين جميعاً عمالاً “بالسخرة”، حيث يذهب ما يقرب من 40% من ناتجهم الوطني فقط لخدمة الدين العام.

مؤشران يدلان على محاولات التغيير القائمة: قوة تحرك هيئة التنسيق بهدف إعادة توزيع الدخل بشكل أكثر عدالة للطبقات المهمشة، والإشكالية حول قانون الإنتخاب، أي الحاجة الى توزيع جديد للتمثيل السياسي، إضافة للتوزيع الإقتصادي.

بعض القوى- حتى من داخل النظام الحالي- لها مصالح، ولو متباينة، في هذا التوزيع الجديد، السياسي والإقتصادي، مثل حزب الله، المسيحيين، السلفيين، والعلمانيين. وعلى صعيد المتضررين، تبرز “الحريرية السياسية” بشكل أساسي.

لا يعني ما تقدم أن البلد متجه حتماً نحو تغيير إيجابي، بل يمكن القول أننا متجهون إلى تغيير يمكن أن يفتح مساراً إيجابياً، وذلك يستدعي شروطاً عدة، لا مجال لبحثها الآن.

هل الانتقال من النظام القديم الى نظام وطني جديد يستوجب العنف؟ عادة نعم، ولو بقدر محدود، ولكن ربما الواقع اللبناني المحاط بنظام أمان متعدد الطبقات قد يجنبنا ذلك، ربما.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.