ليس ثمة أمل حالياً في المصالحة بين إيران والسعودية

صحيفة الوفاق الإيرانية-

صابر غل عنبري:

كان أحد أهداف زيارة رئيس الوزراء العراقي الجديد الى ايران تفعيل الحوارات المتوقعة بين طهران والرياض باستضافة بغداد. وربما كان السوداني حاملاً معه مقترحاً في هذا الصعيد، وربما أيضا سيوصل نتيجة مشاوراته في طهران الى المسؤولين السعوديين في زيارته المقبلة المحتملة الى الرياض. السؤال المطروح هو هل ستستأنف المباحثات بين إيران والسعودية قريبا؟ وفي هذه الحالة هل ستؤدي الى احياء العلاقات؟
اولا، سيكون من الصعب على ايران ان تستأنف قريباً المحادثات مع الرياض في ظل الاتهامات المتزايدة مؤخراً للرياض حول تورطها في التظاهرات والاخلال بالأمن، ووصول هذه الاتهامات حتى الى حد التهديد بعمل عسكري. لكن حتى اذا وافقت طهران على استئناف المحادثات بشروط، لغرض تعزيز مكانة المتحد معها، أي السوداني، داخلياً واقليمياً، في ظل تلك الاتهامات والتهديدات ، فسيكون ذلك للحفاظ على المظاهر ومتابعة المحادثات على مستوى سياسي غير رفيع.

لكن من الجهة الأخرى، فان السعوديون الذين اعتمدوا سياسة محافظة تجاه المواقف والتهديدات الايرانية الأخيرة، ولم يبدر منهم رد فعل رسمي واعلامي، يستبعد، لاسباب، ان تكون لهم رغبة تذكر في (محادثات جادة) مع طهران لإحياء العلاقات. فالسعودية بغض النظر عن طبيعة الاتهامات بتورطها في الاحداث الداخلية في ايران، اذا افترضنا من خلال التهديدات ان للرياض تأثير (واسع) على الداخل الايراني، فانها سعيدة بذلك، وترى انه لا حاجة لها في متابعة محادثات مثمرة.

ثانيا، يبدو ان الرياض وأمريكا والدول الغربية، وعلى الرغم من رسائل التهنئة والترحيب بتشكيل حكومة السوداني، المنتخب من المؤيدين لإيران و المقرب من طهران، فانهم منهمكون حالياً في تقييم وتحديد سياستهم المحتمل اتباعها تجاه رئيس الوزراء العراقي الجديد علاوة على تقييم مكانته الداخلية.و في ظل هذا يستبعد في الوقت الحالي ان تخطو السعودية خطوة سياسية لتعزيز مكانة السوداني داخلياً.

ثالثا، كرر كاتب المقال عدة مرات ان التوتر الاقليمي بين إيران والسعودية ونتيجة مباحثاتهما متأثرة بشكل من الاشكال وتابعة للتوتر الاكبر حجماً بين ايران وأمريكا ومباحثات الاتفاقية النووية مع البلدان المعنية. والآن أيضاً، حيث التوتر بين طهران والغرب، خاصة أمريكا، آخذ بالتصاعد ووصلت المباحثات النووية الى طريق مسدود وتتحرك أمريكا للتحشيد الدولي وتشديد الضغوط على ايران، فمن المستعبد ان تتصرف الحكومة السعودية خارج هذا التوجه من قبل المتحدين معها ، وربما هي أيضاً تعمل بهدوء من خلال اللوبيات على زيادة هذه الضغوط، و يستبعد ان تتجه بشكل مستقل في اطار المصالحة مع إيران.

علاوة على هذا، فان عودة نتنياهو وسعيه لإنشاء ائتلاف اقليمي ضد ايران في ظل مواصلة وتعزيز تطبيع العلاقات، بشكليها السرّي والعلني، خاصة مع السعودية، هو بحد ذاته حائل جديد وجدي للمباحثات المحتملة بين طهران والرياض.

خلاصة القول، ليس هناك احتمال واضح لاستئناف الحوار بين الجانبين، بل ان العوائق امام احياء الروابط تزداد وتتصعب يوماً بعد آخر. من هنا، يبدو ان علاقات ايران والسعودية تذهب لتكون مثل تلك بين طهران والقاهرة التي بعد انقطاعها وتقلصها الى مستوى مكتب رعاية المصالح في بداية الثورة الاسلامية في ايران، والتي بذلت ايران الجهود الواسعة خلال العقدين الماضيين لاحيائها، لكنها لم تستأنف والسبب هو كونها خارج ارادة وقرار الجانبين وكونها متأثرة بمؤشرات خارجية واقليمية. هذا في حين انه لا توجد في الظروف الحالية مسببات تذكر للتوتر بين ايران ومصر، بل ان الجانبين حتى لهما مشتركات في بعض الملفات، مثل سوريا. لكن الامر ليس مثل هذا فيما يتعلق بعلاقات طهران والرياض، حيث القضايا الثنائية بينهما مولّدة لقدر كبير من التوتر، وأيضاً هناك تأثيرات خارجية على هذه العلاقات.

مع كل ما سبق، هناك احتمالين لاحلال “مصالحة روتينية” بين طهران والرياض: اولاً، ربما يوافق محمد بن سلمان على مصالحة بمستوى قليل في ظل تركيزه على متابعة وتنفيذ الرؤية الاقتصادية الشاملة 2030، وعدم تأثير عواقب الازمة في العلاقات مع طهران على التنفيذ الكامل والشامل لتلك الرؤية. علماً ان من المبكر حالياً تحقق هذا الشكل من المصالحة.

وثانياً، في حالة تصاعد التوترات التي لا سابقة لها بين الغرب وإسرائيل من جهة و ايران من جهة أخرى حول الملف النووي وتزايد احتمالية المواجة العسكرية، ليس مستبعداً ان تميل السعودية الى تلك (المصالحة الروتينية) لتكون في مأمن من تأثيرات أي شكل من الهجمات والنزاع العسكري بالمنطقة.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.