ماذا قال اللاجئ السوري للصحفية التي عرقلته؟

اسمه الكامل أسامة عبد المحسن، وهو الملقب بـ”أسامة الغضب”، عمره 52 عاما والطفل الذي كان يحمله هو نجله الأصغر زيد، الذي لا يزيد عمره عن سبعة أعوام، وأسامة كان مدربا في نادي “الفتوة الرياضي” بمدينة دير الزور شرق سوريا، التي تتقاسم السيطرة عليها اليوم مجموعات من داعش وقوات النظام.

ويروي “الغضب” أسباب اضطراره لترك سوريا بالقول: “الناس تدرك الوضع في سوريا وتأثيرات الحرب، ومنطقة دير الزور ساخنة جدا ولا يمكن الحقيقة العيش فيها لمجرد ساعات، ومن ظل فيها هم من لا حول ولا قوة لهم أو لا مكان يلجؤون إليه. نحن استطعنا الحمد لله أن نخرج لنؤمّن الأمن والأمان للأولاد.”

ونفى الغضب أن يكون لدخول “داعش” إلى دير الزور صلة بمغادرته سوريا، قائلا إنه ترك المدينة قبل تدخّل داعش موضحا ان”القصف الشديد والمعارك في دير الزور هو الذي جعل الناس – من بينهم أنا – تخرج. وقد انتقلت إلى تركيا حيث مكثت طوال سنة ونصف في مدينة مرسين. بالطبع دخول داعش إلى دير الزور جعل فكرة العودة بالنسبة لي مستحيلة ولو ليوم واحد لتفقد العائلة، فقد انقطع الاتصال نهائياً.”

وعرض ذكرياته عن ذلك اليوم الذي غادر فيه تركيا بالقول: “كان يوم الثلاثاء صباحاً في اغسطس. وصلنا إلى اليونان ثم أخذنا الطريق الذي يسلكه الجميع.”

وتابع “الحقيقة أن المجر تختلف عن كل الدول في هذا الخصوص بالنسبة للإجراءات ولاستقبال اللاجئين. أولا، يدخل اللاجئ إلى منطقة حجمها 300 مترا، وعمقها 70 مترا، محاطة بجنود أو شرطة مجرية. طبعاً في هذه المنطقة، آلاف مؤلفة من الناس والازدحام. أشخاص أخذت خياما من فرق الإغاثة الإنسانية – وهي ليست من المجريين على فكرة – والبقية في العراء.”

وأكد الغضب أنه نام في العراء يوما كاملا قبل وقوع الحادث، مشيرا إلى أن المجريين كانوا ينقلون عددا محدودا من الأشخاص تاركين الآلاف وسط العراء عند الحدود ما “فجّر الموقف” ودفع الناس لأخذ قرار باختراق الطوق الأمني والدخول إلى القرية القريبة من المنطقة – التي تبعد ثلاثة إلى خمسة كيلومترات – مشيا على الأقدام.

ونفى الغضب تنبهه للمصورة قبل عرقلته، مؤكدا أنها شاهدها للمرة الأولى على شاشة التلفزيون فقط، وتحدث عن مشاعره بتلك اللحظة قائلا: “عندما وقعت وحدث ما حدث، لم أر أحدا أمامي نهائياً. فقط اهتمامي بزيد لأن قلبي تقطع عليه مدة ساعتين. والله أنا قلت الحمد الله، الله سلمه وحماه. ما أقدر أقول أكثر من هيك لأنه كان يبكي بجنون ومصابا وحالته النفسية. تصور بعد ساعتين ارتفعت حرارته وبدأ بالتقيؤ وعجز عن المشي فحملته كل الطريق على ظهري لثلاثة كيلومترات.”

ولدى سؤاله عمّا إذا كان قد طالع اعتذار الصحفية عن عملها وأنها “صُدمت” بنفسها وتصرفها رد الغضب قائلا: “الحقيقة هي كاذبة لسببين. السبب الأول لأنها ركلت فتاة صغيرة قبل الحادثة، فكيف تقول إنها أم وتفعل أمور كهذه؟ والسبب الثاني أنها صحفية بالذات.”

وحول ما يمكن أن يوجه لها عبر موقع CNN قال اللاجئ السوري الذي شغلت قصته العالم: “أقول لها: تأكدي تماماً أنك ستلقين ما أذقت أولاد البشر. أنا أتمنى لأولادها عكس ذلك، أقول لها انتظري ما سيصيبك لأن نيتك ليست للخير.”وأكد الغضب نيته ملاحقة الصحفية وكذلك الوسيلة الإعلامية التي تعمل لديها في المحاكم.

وحول ما صادفه بعد الحادثة وكيفية وصوله لألمانيا لفت الغضب إلى انه “بعد هذا الموقف وصلت إلى قرية ابحث عن مستوصف لزيد ولكنني لم أجد. أربعة أيام والولد يعاني الحرارة والتقيؤ والتعب ولم يفعل المجريون شيئا. سلمت نفسي للشرطة من أجل زيد، وأخذونا إلى مخيم كالسجن، وبعد 24 ساعة نقلونا إلى مقر للشرطة ووضعونا في خيمة وأدخلونا واحدا واحدا. وقال أحدهم لي بالحرف الواحد: إما تسجن أنت وابنك أو تبصم. هذه قمة المذلة، قلت له هل من المعقول أن تقول هذا؟ أين انسانيتك؟ هناك طفل معي كيف تطلب مني أن أدخل السجن وأنا لا أريد أن أوقع؟”

وتابع بالقول: “طبعاً بصمت لكيلا ألزم ابني البقاء في السجن. لكن عندما وصلنا إلى النمسا، كان الوضع مختلفا 180 درجة. اعتنوا بنا ونقلوا زيد إلى نقاط ثلاث طبية مع عناية كاملة، النمسا شعب راق جداً، وحكومة متفهمة. نقطة العلاج الأخيرة كانت بمحطة قطار قريبة من الحدود الألمانية، وكان قد مر على حادثة عرقلتي أربعة أيام دون أن أكون قد عرفت حقيقة ما حدث، لكن صحفية اقتربت مني وتعرّفت علي وأرتني صور الحادثة والفيديو فانتابني حزن شديد جدا.”

وأعرب الغضب عن رضاه حيال المعاملة التي لقيها بألمانيا قائلا: “الحقيقة الألمان كانت معاملتهم مع الكل رائعة جداً جداً بكل ما تعنيه الكلمة، الشعب والحكومة. مواصلات مجانية ورعاية صحية ومدنية كامله، قمة الروعة.ورفض الغضب انتقادات البعض لللاجئين بأنهم يبحثون عن “حياة أفضل”.

وأوضح موقفه من قلق البعض حول تسلل عناصر إرهابية ضمن اللاجئين: “أقدر خوفهم، وأخذ الحذر واجب بأي طريقة طالما أنها طريقة إنسانية كما في ألمانيا والنمسا، فمن حق أي دولة أن تحافظ على أمنها ومواطنيها ولكن مع الحفاظ على احترام الإنسان.”

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.