ماذا يفعل لبنان في حلف عمان ؟

american-soldiers

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

تستمر الولايات المتحدة منذ انطلاق العدوان على سورية بالعمل لإقامة تحالف عسكري دولي مركزه في الأردن من خلال منظومة التدريب والعمليات المشتركة التي سميت بعملية ” الأسد المتاهب ” وقد انطلقت ميدانيا منذ عامين وأجرت مناورتها قبل سنة في مثل هذه الأيام ومن اللافت ان لبنان يشكل جزءا من هذه المنظومة ويشترك في عملياتها كما أعلن يوم أمس .

أولا  هذه العملية هي صيغة لحلف عسكري بقيادة أميركية وتصح تسميتها بحلف عمان تذكيرا بحلف بغداد الذي سبق ان أقيم في المنطقة مع ما عرف بمبدأ أيزنهاور في خمسينيات القرن الماضي وفي عالم الاستراتيجيات الأميركية تتخذ المسألة صفة الحلف العسكري الذي يخدم أهداف السياسة الأميركية في المنطقة وخططها ومشاريعها العدوانية المكرسة لحماية الهيمنة الاستعمارية الغربية الإسرائيلية وقد سبق ان كانت المناورات المشتركة التي جرت خلال العامين الماضيين  في الأردن إطارا للتدريب على احتمال شن عمليات عسكرية عدوانية على الأراضي السورية تحت غطاء ما دعته رئاسة الأركان الأميركية : تأمين السلاح الكيماوي الذي جهدت لجعله ذريعة للحرب على سورية وقد خاضت حينها مغامرة الإعلان عن “ضربة اوباما” وحشدت أساطيلها وتم ردعها بقوة المعادلات القاهرة والتوازنات العالمية والإقليمية المتحولة انطلاقا من ثبات إرادة المقاومة السورية التي عبر عنها الرئيس بشار الأسد وبفضل صمود الدولة الوطنية السورية والجيش العربي السوري بصورة أفسحت المجال لتوازن جديد كرسته “تسوية الكيماوي ” الروسية المعروفة لتغطية التراجع الأميركي القسري عن حرب كبرى كانت جيوش حلف عمان قد جهزت للانخراط في سياقها العدواني ضد سورية.

ثانيا   أمس أكد مدير التدريب في القيادة المركزية الأميركية روبرت كتانالوتي، أن تدريبات «الأسد المتأهب» تبني علاقات عسكرية قوية بين الدول المشاركة وقال إن الدول المشاركة هي : الاردن، ولبنان، ومصر، والكويت، والبحرين، وقطر، والسعودية، والإمارات، وتركيا، واميركا، وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وطاجكستان، وكازاخستان، وباكستان، وسلطنة بروناي، وكندا، وبلجيكا، وبولندا، وأستراليا، وحلف شمال الأطلسي وثمة معلومات متداولة عن شراكة إسرائيلية غير معلنة في النسيج الاستخباراتي والعملياتي لهذا الحلف عبر غرف القيادة والتخطيط  ومخيمات التدريب المنبثقة عنه في الأردن والتي تركز جهودها مؤخرا على إعداد قوات من المرتزقة وإدخالهم إلى الأراضي السورية في سياق ما تسميه إدارة اوباما ” مجموعات المعارضة المعتدلة ” المكلفة عمليا بمهام التحرك لمقاتلة الجيش العربي السوري وبتنفيذ خطة إسرائيل لإقامة شريط حدودي على تخوم الجولان المحتل لمواصلة استنزاف الدولة الوطنية السورية بعد اختلال التوازنات الميدانية لصالح قواتها المسلحة ولعرقلة نهوضها الذاهب بقوة إلى الحسم ضد ادوات العدوان الاستعماري خصوصا بعد الانتخابات الرئاسية التي عبرت عن إرادة الشعب السوري وكرست انحياز غالبيته الساحقة إلى زعامة الرئيس بشار الأسد وخياره التحرري المقاوم .

ثالثا  المشاركة اللبنانية في حلف عمان هي من مخلفات عهد الرئيس السابق ميشال سليمان وهي تكشف عن حقيقة خياراته البعيدة عن الحياد المزعوم وعن شعار النأي فتوريط قيادة الجيش اللبناني في الاشتراك بمنظومة إقليمية عسكرية تقودها الولايات المتحدة يناقض مزاعم سليمان المتكررة حول مبدأ الابتعاد عن المحاور ويتبين لأي عاقل من أسماء الدول المشاركة ان مجموعة ” الأسد المتأهب ” هي تحالف الحكومات المتورطة في العدوان على سورية وشبكة حلفاء إسرائيل وداعميها في السر والعلن وهي كناية عن محور مناهض لمحور المقاومة في المنطقة الذي يضم إيران وسورية والمقاومة اللبنانية والفلسطينية الأمر الذي يثير الريبة عن مؤامرات حبكت في الكواليس عبر هذه المنظومة .

جميع المعلومات حول ما يجري في الأردن تحت ستار من الكتمان تشير إلى ان الولايات المتحدة تقود في عمان منظومة عمل مشترك امنية وعسكرية هدفها مجابهة محور المقاومة ومواصلة العدوان على سورية والتكوين الميداني لقوة إقليمية مخابراتية وعسكرية تعادي إيران والجيش اللبناني المتأهب لصد الاعتداءات الصهيونية بالشراكة مع المقاومة لا مكان له بين حلفاء إسرائيل وشركائها ولا تشفع لتوريطه في حلف عمان العسكري ذرائع المردود التقني لهذه التدريبات فالمسألة  أبعد من ذلك بكثير .

قضية لا ينبغي التساهل في الموقف منها ويفترض ان تطرح وتثار بحزم في مجلس الوزراء لأخذ قرار بانسحاب لبنان من هذه المناورات والتدريبات التي تعني انخراطه في مشروع عدواني يناقض مصالحه القريبة والبعيدة وكل تبرير مردود وعلى حكومة الرئيس سلام ان تطلب إلى العماد جان قهوجي سحب الجيش اللبناني من هذه البؤرة التي لا تناسب هويته وعقيدته القتالية الوطنية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.