مصر تقطع علاقات «الجماعة» بـ«المستقبل»

 

صحيفة الأخبار اللبنانية ـ

غسان ريفي:

فرضت الأزمة المصرية نفسها على العلاقة بين «الجماعة الاسلامية» و«تيار المستقبل»، وبدأت تنذر بمقاطعة بين التنظيمين الحليفين على خلفية الموقف السياسي للتيار الأزرق الداعم لما يجري في مصر، والذي تعتبره الجماعة انقلابا على الشرعية.

لذلك لم تتوان قيادة «الجماعة» عن ابلاغ من يعنيهم الأمر في «المستقبل» بمقاطعة كل الافطارات التي يقيمها في المحافظات اللبنانية، وذلك احتجاجا على موقفه السياسي والاعلامي حيال الاطاحة بالرئيس محمد مرسي، وذلك في خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقة بين الحليفين منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

ويمكن القول أن العلاقة مع «تيار المستقبل» كانت محور نقاش دائم خلال السنوات الماضية بين قيادات «الجماعة» التي سجلت اعتراضها مرات عدة على طريقة التعاطي الفوقي للتيار الأزرق معها، ومحاولته تهميش دورها، وإنجاز التسويات على حسابها، وفي بعض الأحيان تحويلها الى منسقية من المنسقيات الزرقاء.

ومع تنامي حضور «الإخوان المسلمين» منذ انطلاق ثورات الربيع العربي وبلوغه الذروة مع وصول محمد مرسي الى سدة الرئاسة في مصر، حاولت «الجماعة الاسلامية» الاستفادة قدر الامكان من هذه المتغيرات، واستثمارها لمصلحتها في لبنان على صعيد تفعيل حضورها على الساحة اللبنانية عموما والاسلامية خصوصا، ونسج علاقات سياسية مع مختلف الأطراف الحليفة وفي مقدمتها «تيار المستقبل» على أساس من الندية والشراكة الحقيقية.

لكن قيادة «الجماعة» لم تلمس أي تغيير جوهري في تعاطي «المستقبل» معها، خصوصا أن الرئيس سعد الحريري موجود خارج لبنان وبالتالي فان التواصل معه متعذر، والرئيس فؤاد السنيورة منشغل في تسيير شؤون التيار بالتي هي أحسن، وفي بعض معاركه الجانبية من استرجاع رئاسة الحكومة الى إقالة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، فيما النواب لا يملكون أي قرار في رسم معالم التعاطي السياسي مع الدور الجديد لـ«الجماعة الاسلامية» التي لم تلمس أية تغييرات زرقاء تجاه التعاطي معها.

لكن المفاجأة لدى «إخوان لبنان» كانت في هذا التهليل الأزرق للاطاحة بالرئيس محمد مرسي، والهجوم العنيف على إخوان مصر، وإسراع سعد الحريري في تهنئة الرئيس المؤقت، وانعكاس ذلك على مواقف كل أركان «تيار المستقبل» ووسائله الاعلامية التي يقول أحد قيادات «الجماعة» عنها «أن دعمها لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي وانقلابه على الشرعية فاق دعم بعض القنوات المصرية».

وعلمت «السفير» أن وفدا من قيادة «الجماعة الإسلامية» حاول الاستفسار عن موقف «تيار المستقبل» حيال ما يجري في مصر، والتقى لهذه الغاية الرئيس فؤاد السنيورة الذي حاول احتواء العتب وتطييب الخواطر، بالتأكيد على أن ما جرى في مصر هو انقلاب عسكري، معتبرا أنه كان من المفترض التروي قبل إعلان المواقف وإرسال برقيات التهنئة، داعيا الى الفصل بين ما يجري في مصر وبين العلاقات السياسية في لبنان.

لكن قيادات «الجماعة» لم تلمس لكلام السنيورة أي ترجمة، بل على العكس فان الدعم الأزرق، سياسيا وإعلاميا، قد تنامى الى أبعد الحدود «للانقلاب على شرعية مرسي» (بحسب بعض القيادات) ما دفع المكتب السياسي بالتشاور مع الأمين العام الدكتور إبراهيم المصري الى اتخاذ قرار مقاطعة إفطارات «تيار المستقبل»، على أن يلي ذلك خطوات متقدمة قد تتخذ بعد انقضاء شهر رمضان.

وتستغرب أوساط قيادية في «الجماعة الاسلامية» أن «يكون سعد الحريري وتياره مع الانقلابات العسكرية»، لافتة الانتباه الى أن «مواقفهم تجاه مصر طرحت سلسلة علامات استفهام حول إعلان تأييدهم الدولة المدنية والحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة، وما إذا كان كل ذلك مجرد شعارات تعبوية غير قابلة للتنفيذ، ما يتطلب إعادة نظر في كل ما قام به التيار الأزرق منذ العام 2005 وحتى اليوم».

وإذ تدرك هذه الأوساط أن موقف الحريري يتماشى مع رغبة القيادة السعودية في قلب نظام حكم «الإخوان» في مصر، لكن برأيها كان عليه أن يراعي تحالفاته في لبنان، وخصوصية حلفائه، وأن يكون له بعض من الاستقلالية عن الخط السعودي في هذا المضمار.

من جهته يقول رئيس المكتب السياسي في الجماعة الاسلامية عزام الأيوبي لـ«السفير»: «لقد قررنا مقاطعة إفطارات تيار المستقبل لهذا العام احتجاجا على مواقفه ومواقف زعيمه وإعلامه تجاه الانقلاب الذي حصل في مصر، فنحن لم نجد في هذه المواقف، سواء السياسية منها أو الاعلامية، أي موضوعية أو التزام بالمبادئ التي لطالما أعلن التيار التزامه بها، حول العمل الديمقراطي، فسارع الى تأييد انقلاب عسكري واضح المعالم، ولم يخرج منه أي موقف بعد الانقلاب لجهة الممارسات القمعية التي مارسها الانقلابيون وارتكبوا من خلالها المجازر بحق الشعب المصري المتمسك بشرعية الرئيس مرسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.