هل يفعلها بندر؟

Bandar

موقع إنباء الإخباري ـ
حسن ديب:

كغيرها من الدول القائمة على نظرية الحكم القَبَلي، بنت السعودية نظامها الهيكلي وفقاً للتسلسل العائلي، فتنتقل فيها السلطة وتتوزع المناصب السياسية على أساس السن بين أفراد العائلة (آل سعود).
وهكذا تتم العملية السياسية وتتخذ السلطة فيها شكل المملكة، بحيث يمسك الملك شؤون البلاد والعباد بيده، حيث لا مجال لتعدد الآراء، ولا وجود لمفهوم الديموقراطية …
على هذا الحال عاشت السعودية طوال الفترة الممتدة منذ بداية العهد السعودي بعد قيام الملك عبد العزيز بالسيطرة على منطقة الحجاز والجوار من شبه الجزيرة وتم منحه على أساسها تاج الملك بناء على الصفقة البريطانية (السلطة مقابل النفط)…
واستمرت الأمور على هذا المنوال لحين وصول الملك فهد إلى الحكم، الذي ترافق مع بداية الظهور الفعلي لمنظمة التحرير الفلسطينية مع ما وجدته هذه المنظمة من دعم شعبي وسياسي في المنطقة العربية، ما دفع بالإدارة الأمريكية إلى لسعي لإيجاد عنصر استخباراتي يقوم بمهام المتابع لتطور حركة منظمة التحرير في المنطقة العربية، ومراقبة العمل المقاوم ضد الاحتلال اليهودي، إضافة إلى متابعته لنمو الصادرات النفطية التي وضعت بريطانيا يدها عليها…bandar
لهذه المهمة بحثت الإدارة الأمريكية عن شخصية من العائلة الحاكمة تتوفر فيها الصفات المطلوبة، وبناءً على اقتراح استخباراتي قدمته شخصية أمنية لبنانية (من جذور مجهولة يقال أنها أردنية) وهي على علاقة عملانية بال CIA، قررت الولايات المتحدة اختيار أحد أفراد العائلة المالكة من الجيل الثاني للقيام بهذه المهمة. ولجوجلة الأسماء المفترضة تم الاستعانة أيضاً بشخصية (لبنانية) مقربة من الحكم للوقوف على الشخص المناسب وفقاً للمعايير المطلوبة، فاقترحت هذه الشخصية اسم الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود للأسباب التالية :
حب السلطة، الكاريزما الإجرامية، الحس الاستخباراتي، تفوقه على أقرانه من الناحية الديناميكية.
وعلى هذا الأساس تم اعتماد الأمير بندر كورقة استخباراتية أمريكية داخل المملكة، وبدأت حياة هذا الرجل تأخذ منحى جديداً على أصعدة عدة منها: السياسي، الاستخباراتي والشخصي .
ففي السياسة لعب بندر بن سلطان الدور الرئيسي في بناء العلاقة الديبلوماسية بين السعودية والإدارة الأمريكية، والتي تشهد نمواً تصاعدياً بشكل ملفت حتى اليوم.
وعلى الصعيد الاستخباراتي تابع بندر بن سلطان خطوات الحركات المقاومة وعمل على تفتيت الكثير منها من خلال إتقانه للعبة الفتنة، ومنظمة التحرير مثال البداية وحركة حماس مثال النهاية…
أما على الصعيد الشخصي، فقد عمل الأمير بندر على رصد حركة المُلك داخل العائلة وبنى لنفسه منظومة أمنية استخباراتية مكّنته ـ مع وصول الملك عبد الله ـ إلى خلق حالة جديدة ومفهوم جديد في الهرمية السياسية المتبعة، فانقسمت الإدارة السعودية إلى قسمين: الأول وهو الملك وحاشيته وهم يمثلون السلطة المحلية وإدارة شؤون البلاد إدارياً، والقسم الثاني ـ وهو ما يمثله الأمير بندر وسلطته الأمنية ـ وهو القسم الذي يدير شؤون البلاد سياسياً وأمنياً …
ومن هنا رسمت صورة جديدة للمُلك السعودي تحمل وجهين: وجه صوري للملك كرمز للملكة، ووجه فعلي لحاكم مطلق لا ينقصه سوى الجلوس على العرش ليصبح الملك الحقيقي للسعودية.
إلا أن عائقاً صغيراً يقف في وجه هذا المشروع، وهو انه ينبغي على ذو العقال الأحمر (بندر) أن ينتظر دوره حسب تسلسل أعمار أفراد العائلة. وبحساب بسيط يمكننا أن ندرك بأنه ينبغي على بندر انتظار أكثر من عشرة أشخاص من أفراد العائلة ليصل الحكم إليه، وبالتالي فهو يحتاج إلى مضاعفة عمره مرات ومرات في انتظار الجلوس على العرش …
فهل سينتظر بندر أملاً ضائعاً، وهل سيقبل بأن تذهب كل السنين التي قضاها باحثاً عن السلطة إدراج الرياح؟ هل سيقبل أن يكون مصيره دائماً الوقوف بجانب الكرسي دون أن يسمح له بالجلوس عليه، أم انه سيتحين الفرصة لتغيير الصورة جذرياً؟
obama-bandarإن كل المؤشرات تدل على تدهور صحة الملك عبدالله، فهو في شبه المنتهي، فهل ينتظر الأمير بندر وفاته للانقضاض على السلطة من خلال انقلاب أمني يصل به إلى العرش؟
إنّ كل ما في شخصية الأمير بندر من حب للسلطة وولاء أجنبي وفكر استخباراتي إجرامي ـ جسده مراراً خارج في معظم الدول العربية ـ يجعله مؤهلاً للقيام بهذه الخطوة.
لقد اعتاد بندر بن سلطان أن يضرب في كل مكان تطاله يده، خدمة لمُشغليه أولاً ولمصلحته ثانياً. وحتى هذه اللحظة لا زالت اليد البندرية تفعل فعلها في كل مكان توجد فيه أزمة .
لقد ضرب بندر في أفغانستان من خلال تشكيله مكتب الجهاد والهجرة (ما سمي لاحقاً بالقاعدة)، وضرب في العراق وساهم في تدميره. وضرب في لبنان أكثر من مرة، وها هو اليوم يضرب في سوريا …
لقد ضرب بندر في كل مكان لمصلحة الغرب وإسرائيل، ولكن مصلحته اليوم تتطلب منه أن يضرب في المملكة السعودية.
مصلحته اليوم تقضي بأن تنتقل المعركة إلى الأسرة الحاكمة وإلى بلاد النفط .
يجب علينا أن ننتظر بعض الوقت لنعرف نهاية الحلم البندري، بين الوصول إلى العرش أو البقاء على دكة الاحتياط.
هذا ما سترسمه المرحلة الجديدة في عمر المملكة وتاريخ آل سعود …
فهل يفعلها بندر؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.