“وو” في الأردن أولاً

wusike-china

موقع إنباء الإخباري ـ
مروان سوداح:

إختار “المبعوث الصيني الخاص لقضية الشرق الاوسط”، نائب وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية الأخ “وو سيكيه”، زيارة الأردن، أولاً، ومِن بَعده مصر وجامعة الدول العربية، في إشارة دبلوماسية وسياسية واضحة لا تَخفى على المطلع والمتابع والملاحِظ لعلاقات الدولتين وتعني متانة العلاقات الصينية الاردنية؛ وأهمية الموقع الاردني بالنسبة للقضيتين الرئيسيتين في المنطقة، الفلسطينية والسورية، وضرورة تنشيط العملية السلمية برمتها تجاه ملف الشرق الاوسط، بالتعاون بين بكين وعمّان، وما بين الرئيس الصيني الجديد “شي جينبينغ” والملك عبدالله الثاني، سيّما لمخاطر محدقة بالمنطقة تهدّد بإنسحاب حرائق القضيتين على الشعب العربي والدول العربية، والاشارات المتلاحقة من جانب المتطرفين، منظمات ودولاً ومقاتلين، بزعزعة الاستقرار الاقليمي فيها وبالتالي وصول الوضع الى درجة استحالة إطفاء الحريق، و”صوملة” المنطقة.

صحيح أن “وو سيكيه” لم يلتقِ الملك، بل التقى الأمير الحسن، ودار بينهما حديث هو أقرب الى معالجات فلسفية وفكرية وعقلية لقضية السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، كما رَشح من الأنباء واستناداً الى الأخبار من مصادر عديدة، إلا أن المبعوث الصيني الرفيع كان واضحاً في حديثه بضرورة تعميق التعاون الاردني الصيني في مختلف المناحي، وقد كان تأكيده ان الصين تتعاون مع الجهات المختلفة لمساعدة الاردن في الجانب الانساني، وبأن بكين تدرك حجم الضغوط التي يتعرض لها الاردن، نتيجة تصاعد حدة الصراع في سورية، والتداعيات السلبية التي تنعكس عليه، كافية للدلالة على ان الصين، كدولة كبرى وصديقة، تريد لعب دور أوسطي متنامٍ ومن خلال الاردن أيضاً، ولعودة الاستثمارات الاقتصادية الصينية للاردن، بعدما تم اغلاق العديد من المصانع الصينية ورحيل الخبراء والعمال الصينيين، بإثر الربيع العربي، أو على مشارفه منذ سنتين ونيف تقريباً، مما أضر بمصالح البلدين كثيراً، فلحقت خسائر هائلة بالتطور الاقتصادي الذي هدف اليه الاردن من خلال هذه الاستثمارات. في الجانب الآخر، الفلسطيني، لمِسنا اندفاعة صينية كبيرة تجاه الدولة الفلسطينية.. في السياسة والاستثمارات والحقول الثقافية والانسانية، وتصميم الصين للعب دور رئيسي في دولة فلسطين وتنميتها واستقلالها بتوجيهات لا تقبل النقاش من لدن الرئيس “شي جينبينغ”. ويتضح بأن الصين ترمي بثقلها الى جانب فلسطين، المُحَادِدَةِ للاردن، بينما تطورت علاقاتها مع جارة الاردن الشمالية، سورية، الى آفاق استراتيجية فعلية وواقعية تنتج عنها يومياً قِيَم مضافة كبيرة، وتتطور هذه العلاقات الصينية بإطراد مع العراق، ومع عددٍ آخر من الدول العربية، ويبقى اليوم البحث الجاد في كيفية إعادة العلاقات الاردنية الصينية الى جادة الاستراتيجية، التي كان الملك قد تحدث عن طبيعتها هذه خلال زياراته السابقة الى الصين.

في أبعاد زيارة الصديق “وو سيكيه” الى الاردن، بعد زيارته قبل شهر ونيف الى قطاع غزة والضفة الغربية، رغبة صينية حقيقية بإيجاد سبيل لتطوير العلاقات وتعزيز مكانة الصين في دول الشرق الاوسط، بخاصة العربية، فقد تخلَّفت الصين خلال السنوات الماضية عن الدور المأمول لها في المنطقة، بل وفي عددٍ آخر من مناطق العالم، ربما بسبب رغبتها أنذاك بإيلاء الاهمية الاولى للتطوّر الداخلي الصيني، وتنظيم وضعها المحلي، حتى تتمكن من الانطلاق من قاعدة صلبة ومأمونة الى رياح العالم.

في الخطاب السياسي الصيني الذي استمعنا اليه في المؤتمر الصحفي للمبعوث المخضرم “وو سيكيه”، لاحظنا هدوءاً صينياً بالغاً، وسلاسة في الحديث والعرض، وتجنباً للإثارة، وتركيزاً على الصداقة ونقاط الإلتقاء والتنسيق والاتفاق مع الاردن وفلسطين، وفي عملية البحث الجارية عن سلام مَكين بالمنطقة، تشارك فيه الصين، ضمن تأييدها غير القابل للنقاش للحقوق الفلسطينية والعربية تأييداً مطلقاً. ومن المفيد ان نلاحظ، أن زيارة الأخ “وو سيكيه” الى الاردن تزامنت ورفض دولة فلسطين خطة اقتصادية طرحها وزير الخارجية الامريكي كيري في مؤتمر البحر الميت “4 مليارات دولار”، تهدف الى ابتلاع الفلسطينيين طُعم الإقتصاد والحوافز مقابل تخليهم عن الاستقلال والسيادة على أراضيهم، وهي خطة ترمي الى الحاق الاقتصاد الفلسطيني بالاسرائيلي، وفصله نهائياً عن الاقتصادات الاردنية والعربية، وجعل “الضفة” جزءاً من دويلة اسرائيل ومرتعاً لها، وهو ثمن باهظ لا يمكن القبول به فلسطينياً وعربياً ودولياً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.