14.. تعلّم كي لا تتألم

موقع إنباء الإخباري ـ
مهدي الطقش:

تصور حال صاحب الرابع عشر من آذار يوم الواحد والعشرين من شهر تشرين الأول عام 2012
ففي الأولى أساء التقدير في الزمان والمكان، وفي الثانية اعتد بنفسه وجهل بحجمه، وفي الثالثة اغتر بقدرته وعمي عن حقيقته، وفي الرابعة توعّد عن غير فهم، وفي الخامسة زمجر في الفراغ، وفي السادسة ورّط من معه ومن حوله، وفي السابعة تسرّع في غير تبصّر، وفي الثامنة انطلق من غير فرامل، وفي التاسعة اعتدى بلا وعي، وفي العاشرة بُهت بأنه مستهجن، وفي الحادية عشر اصطدم بالحائط وتهشّم، وفي الثانية عشر تداعى بعد تجبر، وفي الثالثة عشر خسر ما قد قدّر، وفي الرابعة عشر أخذ ينطفئ شيئا فشيئاً، فلا يدري ما يفعل.
فتش عن 14 في كل الشهور والأيام، من الآن وصاعداً، تجده حزيناً. لم يعد يحب اسمه. ولا يحب من يأخذ شكله. لقد كان يعتمد في لبنان على الخدمات يبيعها ويشتري مقابلها ما يحتاج من العيش والحضارة. يشتري كل شيء وليس لديه شيء يبيعه سوى خدماته. حتى أصبح معتاداً على الخدمة. وبحكم العادة أصبح خادماً في طبيعته.
وفي الوقت الذي كان يفتش فيه عن السيادة أصبح سيد الخُدام.
لم يولد سيداً. كما حال السادة الحقيقيين. الذين سخروا سيادتهم بين يدي سعادة المحتاجين وخدمة ذويهم من الفقراء والمحرومين. فرفعوا من كرامتهم، وحموا إنسانيتهم، وقدّسوا جراحاتهم، وواسوا دموعهم ومسحوها ببريق العزة وعنفوان الانتصارات، ورفعوا عن كاهلهم الظلم، والاعتداء.
لم يولد سيداً، حتى يعلم أن من يحمل سلاحاً بوجه عدوه، هو أهم من سلاحه، وأفتك في عدوه، فبات سلاحه وسيلة لدفع الاعتداء وليس لبيع الخدمات بسعر أوفر.
لم يولد سيداً، ليعلّم من حوله كيف تصنع العزة في النفوس، ثم كيف ترتقي يوماً بعد يوم
لم يولد سيداً، ليدرك كيف تأخذ السيادة طريقها إلى التعالي ولا تقف عند حد من الحدود
لم يولد سيداً، فهو يخاف من صديقه، وينسى رفيق دربه، وجاره في الوطن
لم يولد سيداً، فينظر بعيداً ويحامي عن بلده، ويرصد الخطر المحدق بعائلته قبل أن يصل إليه الموت من فراسخ بعيدة
لم يولد سيداً ليختار، ويوقّت، ويشخّص، ويقرّر، ويمتاز، ويبدع، ويتحضر، ويعيش حراً
لم يولد سيداً، ليزرع في وعده صدقاً، وفي عدوه رعباً، ولدى صديقه حباً، وفي بيته راحة، وفي بلده أمناً وسلاماً.
لم يولد سيداً، حتى يتمكن من الوفاء، ومن التضحية، ومن التواضع، ومن التأني، ومن الصبر ومن التحمل، ومن الإباء.
لم يولد سيداً حتى يكتب على جبين وطنه أن “هيهات منا الذلة”
لم يولد سيداً حتى ينادي في الحشود فتهتز الأرض تحت ترددات هتافاته ملبيّة له
لم يولد سيداً حتى يعرف كيف يقف على قدميه كالجبل الراسي إذا لمعت الأسنّة، وبرقت السيوف، وجال الرعب في القلوب
لم يولد سيداً حتى لا يبكي عند أول نازلة بوطنه بدل أن يقود شعبه إلى مصاف الأمم الكبرى
لم يولد سيداً حتى يفدي قومه، ويتقدم فيهم ولا يتأخر عنهم، ولا يتركهم لوحدهم، ولا يحبطهم، ولا يجعلهم كالأضاحي، ولا يتفرج عليهم تذهب أرواحهم لأجله وهم به يأملون.
نعم، 14 جزءاً، فقط من أجزاء السيادة ما ذكرته لك، وفي فن القيادة والسيادة دروس ودروس تؤخذ من أصحابها.
14، نأسف عليك، ونترحم على مفرداتك الضائعة، وأوهامك الطامعة
14 لم يعد لديك مستقبل ولم يبق لك أمل،
اذهب و…. تعلّم كي لا تتألم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.