40% من قادة أميركا العسكريين فقدوا مناصبهم بسبب تجاوزات جنسية وأخلاقية

david-petrayus

موقع إيلاف الإخباري ـ
صلاح أحمد:

الجنرال بترايوس بطل الحرب في العراق يسقط بسبب مغامرة عاطفية
الجنرال جون الن خارج الدعوى المتعلقة بقضية بترايوس
كشف هوية المرأة الثانية في فضيحة بترايوس ومكتب التحقيقات الفيدرالي موضع تحقيق

صار تنامي العدد وسط كبار العسكريين الأميركيين الذين يطردون من الخدمة بسبب تجاوزات جنسية أو أخلاقية ظاهرة لا يمكن اعتبارها صدفة عابرة، إذ بلغت نسبتهم نحو 40 في المئة. فما هو السبب؟

قرابة الثلث وسط كبار القادة العسكريين الأميركيين فقدوا مناصبهم الرفيعة بسبب ارتكابهم مخالفات متصلة بالسلوك الجنسي مثل التحرش والعلاقات غير المشروعة والخيانة الزوجية منذ العام 2005. وترتفع النسبة الى 40 في المئة بحساب التجاوزات الأخلاقية عمومًا، وفقًا لمسح شمل أفرع القوات المسلحة الأربعة.

وأتى هذا المسح في أعقاب الصدمة التي أثارها أحد ألمع القادة العسكريين في العالم اليوم. وهذا هو الجنرال ديفيد باتريوس، الذي اتضح أنه ظلّ يقيم علاقة غير مشروعة مع كاتبة سيرته رغم زواجه الذي دام عقودًا. وأتى أيضًا في خضم تحقيقات تجرى الآن حول مسلك الجنرال جون ألان قائد القوات الأميركية في أفغانستان.

عربدة بالجملة
المسح، الذي أجرته وزارة الدفاع ونقلت نتائجه الصحف الأميركية والبريطانية على الأقل، وجد أيضًا أن الأمور تتعدى التجاوزات الجنسية من هذا النوع الى أشياء أخرى مثل تعاطي المخدرات ذات العيار الثقيل كالهيروين، وإدمان الكحول، وحيازة المواد الإباحية بمختلف اصنافها.

ومع إضافة هذه التجاوزات ترتفع نسبة الذين طردوا من الخدمة بسبب واحدة أو أكثر من ممارسات كهذه الى نحو 40 في المئة وسط العسكريين من رتبة لفتنانت – كولونيل فما فوق. وبالطبع، فإن هذه النسبة لا تشمل المتورطين في السر ولم يُكشف نقابهم بعد.

خمس صفحات من التهم
كان آخر نجم عسكري ساقط على هذا النحو في سلسلة طويلة من الأسماء الكبيرة هو البريغادير – جنرال جيفري سينكلير. وهذا هو أحد كبار القادة الأميركيين في أفغانستان واعتقل في مايو / ايار الماضي. وهو يواجه الآن محكمة عسكرية بتهم عدة أبرزها ممارسة اللواط القهري والجنس خارج إطار الزوجية مع عدد من النساء وحيازة مواد إباحية.

والواقع أن قائمة التهم التي يواجهها هذا الرجل وحده تشغل خمس صفحات بأكملها، وفي حال إدانته ببعض منها فقط فسيواجه عقوبة السجن مدى الحياة. ونتيجة لكل هذا انهمكت القيادة العسكرية العليا في مراجعة ما يمكن ان يكون خللاً في الدورات التدريبية الأخلاقية بالقوات المسلحة.
ووفقًا للصحف التي تداولت النبأ فقد حدت خطورة المسألة بالجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئات الأركان الأميركية المشتركة، للتوصل الى نتيجة تفيد أن تلك الدورات التدريبية لا تؤدي غرضها الرئيسي لأنها لا تبدأ عندما يكون الضابط في الصفوف الدنيا. لكنه يقر – كما حال مساعديه – بأن المشكلة أكبر كثيرًا من أن يعالجها بدء الدورات في وقت مبكر وأنها بحاجة للتخطيط المتأني والوقت من أجل إصلاح أمرها.

النسيج العسكري في خطر
ميشيل فلورنوي، وكيلة وزارة الدفاع في حكومة باراك اوباما السابقة، تقر من جهتها بأن هذه المشكلة «تهدد نسيج القوات المسلحة الأميركية نفسه»، وتقول إنها كانت بين الأولويات لدى وزيري الدفاع الأخيرين. وتضيف قولها إن على المؤسسة العسكرية أن تعتمد، من جهة، سياسة الضرب بيد من حديد، وتغيير «الثقافة» وسط الجنود والضباط من الجهة الأخرى، بحيث يتبيّن للجميع أن التورط في أي ممارسة لا-أخلاقية يعني تلقائيًا الطرد الفوري من الخدمة على الأقل.

حيرة
الواقع أن الأرقام تثير الحيرة فعلاً. فخلال العامين الماضيين فقط فقد 18 جنرالاً وأدميرالاً مناصبهم العالية المقام بسبب تجاوزات أخلاقية، وطُرد عشرة من هؤلاء بسبب تورطهم في ممارسات جنسية غير مشروعة، بينما طُرد اثنان بسبب إدمانهما الكحول. وفي الفترة منذ 2005 طرد من الخدمة 255 من مختلف القادة في القوات البرية والبحرية والجوية وفيلق مشاة البحرية. وفقد 78 من هؤلاء مناصبهم بسبب تجاوزات جنسية، و25 آخرون لمخالفات تتعلق بإدمان الكحول و/أو المخدرات.

ويعترف كبار القادة العسكريين الذين يجدون هذه المشكلة ملقاة أمام أبوابهم بأنهم حائرون إزاء أسبابها وسرعة نموها وتفرّعها، كما قال الأدميرال جون كيربي، وهو كبير الناطقين باسم سلاح البحرية. لكن هؤلاء يقولون أيضًا إن الجذور ربما كانت في القيادة الضعيفة والافتقار الى القدرة على التقييم وإطلاق الأحكام الصحيحة و«الارتخاء» الأخلاقي.

أفغانستان والعراق
مع ذلك، فإن كيربي غير متأكد مما إن كانت لكل هذا صلة مباشرة بأحداث السنوات العشر الماضية التي ظللتها حربا أفغانستان والعراق بكثافة عالية، أو أن الأمر برمته يُعزى الى انحدار أخلاقي يمس المجتمع الأميركي عمومًا.
لكنّ عددًا من الخبراء يقولون إن هذا الأخير – المتعلق بالمجتمع نفسه – ضعيف. ويشيرون الى حقيقة أن كل كبار العسكريين الذين تورطوا في تجاوزات أخلاقية ودفعوا مناصبهم ثمنًا لذلك كانوا يمسكون بدفة قيادة ميدانية ما وقتها. وبعبارة أخرى فإن هؤلاء يميلون الى الرابط مع سنوات الحربين.

على أن هذا نفسه ليس القول الفصل بأي حال. وهذا لأن القائمين على شؤون المسح يقولون إن دراساتهم اقتصرت على اولئك الذين «طردوا» من الخدمة العسكرية لأسباب أخلاقية ولا تشمل اولئك المتورطين من دون الكشف عن هوياتهم… وهكذا تظل الأسباب وراء هذه الظاهرة ملتفّة بضباب الغموض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.