تفجير الطفولة

syria-explosion-a-8-4-2013

موقع إنباء الإخباري ـ

دمشق ـ المحامية سمر عبود:

ارتدت السماء عباءة سوداء، وغالب النعاس جفني لينا، البالغه من العمر سبع سنوات، ترجو والدتها أن تطيل السهر، تطلب بعضاً من الوقت، ترفض والدتها قائله لها:

الأم: يا أمي بكره في مدرسة

لينا: ماما بس هالمرة

الام: ولي يا قويّة كل مرة بتقولي هيك.. يللا أمي.

تستسلم لينا لإصرار والدتها وتغمض عيونها، تبحر في عالم الأحلام، عالم يشبه سوريا في عهد مضى، سوريا الأمان، تلعب في الحديقة، تركض، تتأرجح في أرجوحة، وترسم على أوراقها شمساً في زاوية الورقة، وبيتاً، وشجرة، ووردا.

هكذا تريدها، خضراء، وساحة  تلعب فيها.. وأمان.

لكنها منذ سنتين تغيرت. بات الفساد يتكاثر فيها كفيروس ينهش كل شيء ويغذي الإرهاب، فيأكل وطنها قطعة بعد قطعة

تغرد العصافير.. لا لم تعد تفعل، حزينة هي على ما وصلت إليه الأحوال. لم يكن تغريداً، بل إنه من رائحة ذكرى الأمس. تفتح عيونها، تنهض من فراشها، وتقبل والدها المنهمك في تحضير زاد لها، يضعه في الحقيبة.

الأب : كيفك تقبريني

لينا : نشكر الله يابي

الأب : دوم حبيبتي يلا يا عمري الماما طلعت بكير اليوم رح تجي تاخدك الضهر إي

لينا : إي بابا

تسرع لينا متلهفة للقاء رفيقاتها في المدرسة

تلتقي بهم كما في كل يوم قرب السبع بحرات، يلوّحن بأيديهن لآبائهن، ويدخلنَ بوابة المدرسة إلى مقاعد الدراسة.

لحظات.. ويعبق المكان برائحه موت، تعانق الجدران.. رائحه احتراق. احترقت ضمائرهم كما في كل مرة يضعون آلافاً من الكيلوغرامات من المتفجرات، ويذهبون للجهاد. أخطأوا فهم دين النبي محمد (صلعم) فحوّلوه إلى دين قتل وإجرام.

تناقلت وسائل الإعلام الخبر بسرعه حتى وصل الخبر إلى مسمع والدة لينا.

تبكي الأم، ولا تدري من تبكي. هل تبكي وطنها الذي ينزف، أم ابنتها التي لا تعرف ماذا حلّ بها.

تسرع إلى المكان وترى منظراً من ألسنة اللهب تعلو المركبات، آذن المدرسة يستقبلها، وجهه أسود من دخان الحريق. حاول إنقاذ ما يستطيع، يجلس على الأرض منتحباً مولولاً يقول

هي الحرية ؟؟!!!

ولا أحد يجيب

صمت يعم المكان

لا أحد يجيب سوى النار وآهات الألم

تقترب الأم  إلى الصف وإلى ذلك المقعد فتجدها هناك مبتسمة.. شعرها الأشقر يعلوه اللون الأحمر.

ذهبت لينا ولن تعود من رحلتها.

سافرت إلى عالم أجمل، عالم لا تقتل بها الطفولة لتنفيذ أجندات أجنبية، عالم يخلو من أناس فضلوا مصلحتهم الشخصية وباعوا وطنهم بأبخس الاثمان، عالم لن يكون به تقسيم وطن ولا نصرة دين وليد شيوخ الفتنة

ذهبت لينا

ذهبت لينا

ليتها أطالت السهر أمس

أعيدوها

لا تصمتوا بعد اليوم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.